طالبوا بطبع النصوص الفائزة لتحقيق مزيد من التحفيز-
العريمي: الجائزة تفتح المجال أمام الشاب لإبراز مختلف الإبداعات-
رئيس "الأدباء والكتاب": دعم المثقفين يطلق آفاق الحرية وينمي الفنون-
-الرحبي: ضرورة إيجاد "مناخات سليمة" لاكتشاف المواهب وتحفيز المبدعين
الدرمكية: المجتمع سيجني ثمار الأبعاد الثقافية للجائزة مستقبلا-
-أحمد: التحفيز يسهم في تطوير الأداء وتنمية الإبداع
الرؤية- سعاد العريمية
أكد مثقفون وكُتّاب أنّ جائزة الرؤية لمبادرات الشباب في فئة الثقافة والفنون، من شأنها أن تنهض بالمجالات الثقافية والفنية وأن تنير الطريق أمام جيل جديد من المبدعين، تكشف عنهم هذه الجائزة.
وقالوا إنّ الجائزة تفتح المجال أمام الشباب لإبراز إبداعاتهم وطرح أفكارهم ورؤاهم، داعين إلى التوسع في مثل هذه الجوائز التي تجدد دماء الأمة، وتسلط الضوء على التميز والتفوق في شتى المجالات. وأضاف الكتاب والمثقفون أنّ الجائزة تأتي في ظل غياب ثقافة التحفيز التي يحتاجها المجتمع، كما تبرز دور القطاع الخاص في تنمية المواهب والاهتمام بها، عبر آليات التحفيز المتنوعة التي تساعد الشباب على المشاركة والمنافسة لنيل الجائزة.
وطالبوا بعدم توقف الجائزة عند مرحلة التكريم، بل ينبغي أن تمتد إلى متابعة الأعمال الفائزة وطباعتها ومواصلة دعم أصحابها.
وقال الكاتب والروائي محمد عيد العريمي إنّ الإبداع يحتل أهمية قصوى في تقدم الشعوب، ويعكس مظاهر الحياة والجوانب العلمية والمستوى الفكري الذي بلغته، وما من شك أن الإبداع بكافة أنواعه يقوم على مستوى التعليم بشكل أساسي، مشيرًا إلى أن أمة لا تكتب ولا تقرأ، هي أمة لا تفكر ولا تبدع. وأضاف أنّ الإبداع المقترن بالابتكار والريادة، بمضمونه الواسع هو مجموع ما تقدمه أمة في حقول الأدب والفكر والعلم والفن والرياضة والفنون التشكيلية.
إبراز الإبداع
وشدد على أنّ جائزة الرؤية لمبادرات الشباب ستتيح لهم الفرصة لإبراز إبداعاتهم ومهاراتهم وقدراتهم الابتكارية، وتحفيزهم معنوياً ومادياً لمواصلة العطاء والمساهمة الفعّالة في رفعة الوطن على مستويات الإبداع والابتكار كافة، لافتاً إلى أن كل جهد يبذل لتنمية هذا القطاع من المجتمع وإعداده للمشاركة في مسابقات ومناشط عالمية، إنّما هو رافد يعزز من مكانة عمان في العالم ويقدم صورة حضارية مشرفة للوطن. وأوضح أنّ "جائزة الرؤية لمبادرات الشباب" تنفرد بهذا الطيف الواسع من مجالات الإبداع، ومن المؤكد أنّها ستستقطب شباباً مبدعين وتواقين إلى تقديم أفضل ما لديهم، وستعمل الجائزة كذلك على شحذ الهمم للتنافس الشريف وبذل جل طاقاتهم للتفوق وإبراز إبداعاتهم ومهاراتهم وقدراتهم الابتكارية كل في مجال إبداعه، ولعلهم لم يجدوا فرصهم في المسابقات الأخرى المفتوحة لكل الأعمار.
وأشار العريمي إلى أنّه لكي تحقق هذه الجائزة أهدافها، لابد من تخصيص عائد مادي ومعنوي مجزٍ، يُعلن عنه مع الإعلان عن المسابقة، وأهمها طبع النصوص الفائزة في مجالات الكتابة، وإقامة معرض متجول في مجال الفنون التشكيلية يضم أفضل خمس مشاركات في كل مجال مع إبراز الأعمال الفائزة، وكذلك إقامة حفل تقدم فيه أفضل المشاركات في مجال الفنون الموسيقية (بعد تصفيتها)، حيث تقدم لجنة متخصصة في الإعلان عن الفائزين.
ويقترح العريمي إضافة مجالات الشعر الشعبي والحرف اليدوية والفنون الشعبية إلى ما سبق من مجالات، وكذلك إعادة تحديد أعمار المتسابقين بحيث لا يتجاوز سن المشارك 23 عاماً. وشدد العريمي على أن الوسط الأدبي في السلطنة بحاجة ماسة إلى وضع آلية دائمة تتبنى المبدع الشاب وتدفع به إلى دائرة الضوء، مشيرًا إلى أن اقتصار الاحتفاء بالمنجز الإبداعي الشبابي على المبادرات الموسمية، واقتصار ذلك على الصالات وردهات الفنادق، لا يكفي إذا لم يُرفد بجهود منتظمة لعرض المشاركات المتميزة في أماكن عامة بالمدن الكبيرة بحيث يتاح لكل الناس مهما اختلفت مشاربهم ومناطق سكنهم الفرصة للتعرّف على المبدع العماني الشاب.
الاهتمام بالمثقفين
فيما قال الدكتور محمد بن مبارك العريمي رئيس جمعية الأدباء والكتاب إنّ المجتمع المدني، ممثلاً في جميع أطيافه بحاجةٍ ماسة إلى الدعم والتحفيز والتكريم، حيث من الملاحظ غياب هذه الثقافة الاحتفائية في وسطنا المحلي، وخصوصاً فئة الشباب، وكان من المفترض والمأمول أن تلعب مؤسسات القطاع الخاص دوراً كبيراً في بسط أشرعة هذه المبادرات، التي تسهم بقوةٍ في تنمية وإثراء المشهد الإبداعي الخلاّق في شتى المجالات.
وثمن العريمي مبادرة الرؤية لتخصيص هذه الجائزة، مؤكداً أنّها ستلقي بظلالها الإيجابية على الحركة الثقافية والشبابية والتنموية، وكلما توسعت المسابقات أتاحت الفرصة للمبدعين الكثر للترشح لها والمشاركة بها. وأضاف العريمي: "كنتُ أتمنى أن تكون الجائزة اعتبارية لا تنافسية، عبر لجنة متخصصة ذات يدٍ طولى في مجالات المسابقة لاختيار شخصياتٍ بعينها يتم تكريمها، ذلك أنّها ستترك أثراً عميقاً في نفوس المكرمين، وستؤتي أكلها من حيث رفع هرمونات الإبداع وتعظيم الحس الخيالي والكتابي لديه". وتابع: "لا أعني؛ أنّ الإبداع ونماؤه وترقيّه مرتهنٌ بالجوائز والتكريم، فالإبداع ابن الفطرة، وعصارة السجية والخليقة، لا يرتبط إلا بالقريحة والمزاج الفني المنتشي، لكنه بلا شك هو عاملٌ نفسيٌ مساعد، مما قد يجعل دافعية الكتابة تنتعش ولو يسيراً، بيد أنّ تعدد الجوائز هو دعمٌ إنساني نبيل لمسيرة الثقافة والأدب والفنون، وهو عماد كل تقدمٍ وأثاث كل حضارة، بل هو تكريمٌ أصيلٌ للحركة الثقافية ودفع عجلتها بقوة، كما أنّها مظهرٌ أنيق لرقي الأمم وتطورها وجمالها". وأكد أنّ الأمة التي تهتم بمثقفيها هي أمةٌ حرةٌ وحيّة، أمة تتحاشى العيش في قوقعةٍ لا انفكاك لها، وعليه فإنّ دعم الكتاب والمثقفين هو دعم للحرية وللجمال وللحب وللإنسانية وللفن وللروح المتناغمة مع الحس والذوق والعذوبة.
تبني المشروعات
وقال الكاتب محمد سيف الرحبي إنه يتعين تحديد مفاهيم لكلمتي التفوق والإبداع؛ حيث تعني الأولى تفوق شخص على أقرانه في مجال معين، والأخرى تقديمه لعمل لافت يستحق كلمة إبداع، والكلمتان دلالاتهما كبيرة جدا، وأخشى من عدم بلوغهما على مستوى الساحة الثقافية المحلية، لأنّ ما يقدمه الشباب المثقف متشابه، وعناصر التميز الإبداعي فيه قليلة إن لم تكن غير واضحة، وهنا يأتي دور لجان التنظيم والتحكيم لإيجاد مناخات سليمة تتيح اكتشاف المواهب الحقيقية والقادرة على تقديم نفسها أمام وهج المسابقات والجوائز، لأنّ هناك المبدعين الذين يترددون في الاشتراك.
وحول رأيه في مجالات الجائزة بشكل عام ومجال الثقافة والفنون بشكل خاص، قال الرحبي إنّ المجالات المحددة ممتازة، وبالتأكيد جاءت بعد تفكير عميق لتقديم المختلف للساحة المحلية، خاصة أنّها مخصصة لشريحة معينة، وهي جيل الشباب، مع أهمية تحديد العمر الذي تقع في دائرته الجائزة، وهذا التوسع في المجالات عنصر إضافي لنجاح المبادرة، المعتمدة على التنوع، والشمولية قدر الإمكان لتحفيز أكبر عدد من الشباب، ودفعهم نحو الإبداع والإجادة.
وبالحديث عن أثر التحفيز على تجويد الأداء، أوضح أنّه لا جدال على أنّ التحفيز ضرورة لا مناص منها لتقدم المجتمعات، لأن العنصر البشري هو الأساس لأيّ فعل تقدم يسير على قاطرته أي مجتمع، ومن المهم نفسياً شعور المرء بأنّ هناك من يهتم بمهارته وموهبته ويدفعه لتقديم الأفضل، وهذا دور المؤسسات، الحكومية أو الخاصة، لدفع الشباب نحو مزيد من العطاء.
ودعا الرحبي إلى تبني مشروعات المبدعين، حيث لا يكفي أن نقول لشخص ما إنّ مشروعك متفوق وإبداعي إذا لم يكن هناك مبادرة لتبني هذا المشروع ووضعه على طريق النجاح والإشهار، والأهم الخروج من دائرة التكريم الضيقة (عبر حفل يعتمد على زمن محدد جدًا) إلى نطاق أوسع للتحفيز، يعتمد على المتابعة، وتقديم الفائزين في أكثر من حدث، وربطهم بالجائزة ليصبحوا حاضرين في كل تكريم قادم، بمعنى أنهم يشركون في عملية الإعداد والتنظيم، وصولاً إلى دعوتهم سنويًا لحضور فعاليات احتفالات التكريم للمسابقات القادمة، وأعني حفلات توزيع جوائز هذه المسابقة.
ويرى الرحبي أن المجالات الثقافية في السلطنة تعاني التراجع، لافتا إلى أن جائزة الرؤية لمبادرات الشباب رائعة جداً وتسهم في نشر قيم إيجابية تتسم بالتنافس والاجتهاد والمحاولة لقول المختلف طالما أن التشجيع متوفر على مستويات مادية وإعلامية.
مجالات شاملة
فيما تعتبر الدكتورة عائشة الدرمكية أن التفوق والإبداع أمران نسبيان، غير أنهما أيضاً يؤسسان لفكر المجتمع ونبوغه من ناحية ثانية، فالتفوق والإبداع في مجالاته الثقافية المتعددة هو ما يعوِّل عليه المجتمع لرقيِّه وتقدمه، ولولا ذلك فإنّ الأمة ستكون عبئاً على المجتمعات الأخرى تأخذ منهم دون أي عطاء.
وأضافت الدرمكية أن التفوق يقوم على أساس من النبوغ الفطري في أوله ثم على الاجتهاد، فلا يمكن للنبوغ وحده أن يصنع التفوق، وإنما يحتاج إلى جد ومثابرة من قِبل المرء ليصل إلى المرحلة المرجوة، مما يمكن أن نطلق عليه تفوقاً أو إبداعاً، فلن يصل إلى هذه المرحلة إلاَّ بعد مشوار طويل سيثبت من خلاله بروز هذه الموهبة وتميزها على أندادها.
وأكدت الدرمكية أن مجالات جائزة الرؤية لمبادرات الشباب واسعة وشاملة لظواهر ثقافية متعددة ومهمة، فهي شاملة لمجالات الثقافة (البصرية، والسمعية واليدوية والحركية) جميعها مجالات متكاملة يكَّمل بعضها البعض. وترى أن القائمين على الجائزة نجحوا في تعيين مجالات الثقافة والعلمية، مما يدل على الطموح الكبير الذي تقوم عليه الجائزة، وهي بوصفها مرحلة أولى ستكون ذات أبعاد ثقافية سيجني المجتمع ثمارها بعد حين؛ ذلك لأنّ التنافس في هذه المجالات جميعها سيُنتج مبدعين ومتفوقين بمستويات متقاربة أو متباينة سيكون بينهم المتميز أو الأقل تميزًا ممن سيسعى ليصل إلى مرحلة متقدمة من التميز في مسيرة حياة الجائزة مما سيجعل منهم جميعاً مشاركين في رقي فكر المجتمع وتطوره على مراحل متتالية.
وشددت الدرمكية على أنّ التحفيز يؤدي دورا بالغ الأهمية لأي مبدع، سواء أكان ذلك التحفيز معنوياً أو مادياً، وهذا سينعكس بلا شك على الأداء نفسه، فكلنا نحتاج إلى التحفيز في مجالات عملنا ونشاطاتتنا المتعددة، فما بالك بالمتفوق والمبدع الذي سيكون التحفيز دافعاً له. وعلى الرغم من أن تجويد العمل هو سمة من سمات المتفوق أو المبدع إلاَّ أن التحفيز والتشجيع سيؤدي إلى دعم الإبداعات وتجويدها بشكل يجعل منها أكثر تميزاً.
وعن تصورها لآليات التحفيز، قالت إنّها كثيرة ومتعددة، منها ما هو معنوي وآخر مادي، مشيرة إلى أنّ لكل من المبدعين أو المتفوقين الآليات المناسبة لهم، إلاَّ أن الجوائز والمسابقات والأوسمة والتكريم وغيرها لا تزال من الآليات المهمة التي تحفز هؤلاء المتفوقين.
وأكدت الدرمكية أنّ هذه الجوائز إذا تم تقييمها بشكل موضوعي ومنصف فإنّها ستكون داعمة ومحفزة، وإلاَّ فإنّ مردودها سيكون ضعيفاً ومقتصراً على الترويج الإعلامي وحسب دون أية فائدة مجتمعية ترجى. وتابعت إنّه من ناحية أخرى فمن المؤمل أن تكون هذه الآليات غير مقتصرة على المبدعين الأوائل الثلاثة الفائزين من كل مجال وحسب، وإنما تشمل أيضاً ما دون ذلك من المستويات، بحيث يكون لهم حوافز تشجيعية من مثل الحوافز المادية أو دعم مشروعاتهم وترويجها أو نشرها أو تبنيها، ذلك لأنّ هذا التشجيع سيدفعهم إلى التقدم والسعي إلى تطوير مشروعاتهم العلمية والفكرية والتقنية بحيث تكون أكثر إبداعاً وأكثر تفوقاً في المرحلة التالية.
ابتكار الأفكار
من جهتها، تعرِّف الكاتبة أزهار أحمد الإبداع بأنّه القدرة على ابتكار أفكار جديدة أو تطوير أفكار قديمة بطريقة متميزة ومختلفة، وهذا الابتكار يقود للتفوق والتفرد. وعن رأيها في مجالات جائزة الرؤية لمبادرات الشباب، قالت: "إنّ مجالات الجائزة تشمل جميع الجوانب الحياتية التي تهم الشباب في هذا الوقت، وهذا أمر مهم وذلك لتنوع وتعدد الرؤى والطموحات، كما أنّ معايير التفوق تمكنت من رصد مختلف القضايا الهامة لكي ترفع من مستوى الإبداع والتفوق في السلطنة".
واعتبرت أزهار أن التحفيز يسهم على نحو كبير في تطوير ورفع الأداء الشخصي والعام، وتحسين السلوك والأداء، فإذا تدخل التحفيز في المجالات الإبداعية سيكون تأثيره أكبر لتحقيق التفوق لأنّ عامل الإبداع الفردي موجود ولذلك قدرته على الإنتاج موجودة ولكن تبقى الرغبة في الإنجاز وهذا غالباً ما تحققه الحوافز التي تثير في المبدع رغبة النجاح والتميز.
وأضافت أن الجوائز المادية تعد محفزًا جيدًا ولها أثر إيجابي فعال في تنمية الإبداع، إضافة إلى عدم إغفال الحافز النفسي والذي يمكن أن يتمثل فيما بعد في الاعتراف بالمتفوقين واحتضان أهدافهم وأعمالهم ومساعدتهم لتحقيق ما يصبون إليه، كما أنّ الحوافز بالتأكيد تعمل على اكتشاف مهارات إبداعية أكثر لدى المبدعين. وزادت إن القوة والشجاعة في طرح الأفكار وحب الاستطلاع والرغبة في الإنجاز، والبحث عن المتعة، والتوجه الذاتي والنزعة إلى عمل الخير والتميز والاختلاف، كل تلك قيم إيجابية لدى كل مبدع مهما اختلفت درجاتها، إلا أنّها في النهاية صفات إيجابية كلما تمّ الاعتناء بها عن طريق التحفيز كلما كانت الإنتاجية أكثر.