نائب رئيس الوزراء يطرح مبادرة لإنهاء الطوارئ ومعاقبة المتورطين في العنف
79 قتيلا حصيلة العنف يوم السبت
حركة طبيعية للحياة في القاهرة صباحا.. مدينة أشباح ليلا
الاتحاد الأوروبي يعتزم مراجعة العلاقات مع مصر
وزير الخارجية: مراجعة جميع المساعدات الأوروبية.. و"الكرامة المصرية لن تهتز"
القاهرة- عواصم- الوكالات
تراجعت أمس وتيرة العنف السياسي في مصر؛ حيث لم تشهد البلاد حتى وقت المساء أي عنف يذكر، وذلك في أعقاب أيام دامية أودت بحياة العشرات وإصابة المئات، في صورة أججت خوف المصريين من نشوب حرب أهلية، فيما تواصل جماعة الإخوان المسلمين تظاهراتها، رغم حالة الطوارئ وحظر التجول الذي ينفذه الجيش بكل صرامة.
وفي الأثناء، تواترت التقارير والأنباء حول مصير جماعة الإخوان المسلمين بعد أن برز مقترحًا من قبل رئيس الوزراء المؤقت حازم الببلاوي باتخاذ الإجراءات اللازمة لحل الجماعة.
وعقدت الحكومة المصرية الانتقالية أمس اجتماعاً لمناقشة الأوضاع في مصر، فيما طرح نائب رئيس الوزراء سبيلاً لإنهاء المواجهة الدامية بين قوات الأمن وجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس المعزول محمد مرسي. لكن أفكاره تتصادم فيما يبدو مع ما لمح إليه رئيس الوزراء من حل جماعة الإخوان المسلمين التي تتعرض لحملة من جانب الحكومة المدعومة من الجيش بعد قرار فض اعتصامين لأنصار مرسي الأسبوع الماضي. وأعلنت السلطات المصرية حالة الطوارئ منذ عملية فض الاعتصامين يوم الأربعاء الماضي والتي سقط خلالها وما تلاها من الاشتباكات مئات القتلى.
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية عن بيان لمجلس الوزراء أمس قوله إن 79 شخصاً قتلوا وأصيب 549 في العنف السياسي في أنحاء البلاد أول أمس السبت. ويعني ذلك أن 830 شخصا على الأقل قتلوا في مصر منذ الأربعاء الماضي في اشتباكات بين مؤيدي الرئيس الإسلامي المعزول محمد مرسي وقوات الأمن.
وبدأت الحركة الطبيعية تعود أمس الأحد إلى شوارع العاصمة المصرية القاهرة التي كانت خالية في معظمها خلال الأيام القليلة الماضية بخلاف نقاط المواجهات وإن أغلق الجيش عددا من الميادين الرئيسية المهمة وفرض حظر التجوال خلال الليل. وخلال الليل يفتش الجنود الذين يقفون عند نقاط تفتيش السيارات بحثا عن أسلحة. كما عادت البنوك والبورصة إلى العمل لأول مرة منذ فض اعتصامي أنصار مرسي الذين يطالبون باعادة الرئيس المعزول الذي تحرك الجيش لعزله بعد احتجاجات شعبية حاشدة مطالبة بتنحيته. وتدعو مبادرة نائب رئيس الوزراء المصري زياد بهاء الدين وهو ليبرالي إلى إنهاء فوري لحالة الطوارئ وإشراك كل الأحزاب السياسية في العملية السياسية وضمان حقوق الإنسان بما في ذلك حق التظاهر. وأعلنت جماعة الإخوان المسلمين عزمها على تنظيم المسيرات حتى يتم الإفراج عن مرسي وإعادته إلى مقعد الرئاسة. ولم يتضح إلى أي مدى تلقى مبادرة بهاء الدين التي اطلعت عليها رويترز تأييدا بين القادة الجدد لدولة تعيش حالة من الاستقطاب الشديد وتكابد أسوأ ما شهدته من إراقة للدماء والصراع الداخلي في 60 عاما. وأنحى رئيس الوزراء المصري حازم الببلاوي باللائمة في إراقة الدماء على جماعة الإخوان التي تشكلت قبل 85 عاماً مقترحًا حلها في خطوة ستجبرها على العمل في الخفاء وقد تكون بداية لعملية اعتقالات جماعية لأعضائها في شتى أنحاء مصر. وقالت الحكومة إنها تدرس هذا الاحتمال. وقال الببلاوي للصحفيين إنه لن تكون هناك مصالحة مع من تلطخت أيديهم بالدماء وهاجموا الدولة ومؤسساتها.
وبقي بهاء الدين في منصبه بعد استقالة الليبرالي محمد البرادعي من منصب نائب الرئيس المؤقت على خلفية فض الاعتصام يوم الأربعاء الماضي. ولم يتطرق اقتراح بهاء الدين إلى مصير مرسي ولم يدع تحديداً إلى عفو عن قادة الإخوان المسلمين المحبوسين.
وقتل أكثر من 700 شخص معظمهم من أنصار مرسي خلال أعمال عنف استمرت أربعة أيام. وأثار ذلك إدانة قوية لمصر من قبل الدول الغربية التي لا تشعر بارتياح لحكم الإسلاميين، ولكنها أيضا لا تشعر بارتياح لإسقاط حكومة منتخبة. ولكن هذه الحملة اجتذبت أيضا رسائل تأييد من حلفاء عرب رئيسيين مثل السعودية التي تخشى منذ فترة طويلة من امتداد أيديولوجية الإخوان إلى دول الخليج. وقال بيان أصدرته الأمم المتحدة أن الأمين العام للمنظمة الدولية بان جي مون أدان الهجمات على الكنائس والمستشفيات وعلى منشآت عامة أخرى ودعا الجانبين إلى إنهاء العنف.
وفي بروكسل قال الاتحاد الأوروبي إنه سيراجع علاقاته مع مصر في الأيام القادمة. وفي بيان الاتحاد الذي يضم 28 دولة دعا رئيس المجلس الأوروبي هرمان فان رومبي ورئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو جميع الأطراف إلى ضبط النفس ومنع تصعيد العنف. وقال البيان "من أجل هذا الغرض وبالتعاون مع الدول الأعضاء سيراجع الاتحاد الأوروبي على وجه السرعة خلال الأيام القليلة القادمة العلاقات مع مصر ويتخذ الإجراءات التي تحقق هذه الأهداف".
وسعى نبيل فهمي وزير الخارجية المصري في الحكومة الانتقالية إلى إجهاض أي محاولة من جانب الغرب للضغط على مصر من خلال قطع المساعدات المالية وأعلن أنه ستجري مراجعة جميع المساعدات.
وقال فهمي للصحفيين "لقد طلبت من الإدارات المعنية في وزارة الخارجية مراجعة ما نحصل عليه من مساعدات أجنبية وعما إذا كانت تستخدم بالشكل الأفضل وتحقق النتائج وهي مراجعة ستتم بعقلانية وبجدية وبموضوعية وبمنظور الشراكة التي تعكسها المساعدات والمراجعة ستتم والكرامة المصرية عالية لن تهتز". وأضاف في معرض حديثه عن وجود اتفاق حول صفقات أسلحة من روسيا إن من السذاجة الحديث عن استبدال طرف بطرف آخر فمصر تريد تطوير العلاقة مع أصدقاء مثل روسيا وتنمية العلاقة مع الولايات المتحدة. ومضى يقول "إن علاقات مصر بالولايات المتحدة الأمريكية طويلة وممتدة... ونرجو أن تعود المياه إلى مجاريها".
واندلعت أعمال عنف لفترة وجيزة أول أمس السبت مع تبادل أنصار مرسي إطلاق النار مع قوات الأمن في مسجد الفتح بميدان رمسيس بوسط القاهرة حيث اعتصم عشرات من محتجي الأخوان في المسجد بعد الاشتباكات التي وقعت يوم الجمعة وأدت لسقوط 95 قتيلاً في العاصمة. وطهرت الشرطة المبنى في نهاية الأمر، بعد أن وفرت خروجاً آمنا للمعتصمين خشية من بطش الأهالي بهم، فيما اعتقلت عدة أشخاص، وقامت الحشود في الشارع بتحية الشرطة والتحرش بالمراسلين الأجانب الذين حاولوا تغطية المشهد.
وقال مصطفى حجازي المستشار السياسي للرئيس المؤقت إن المصريين يشعرون بمرارة عميقة من طريقة تغطية الأحداث في مصر متهماً وسائل الإعلام الغربية بتجاهل الهجمات التي تتعرض لها الشرطة وتدمير الكنائس والتي يلام فيها الإسلاميون.
إلى ذلك، قال وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة المصرية الفريق أول عبد الفتاح السيسي إن رسالته لأنصار الرئيس الإسلامي المعزول محمد مرسي هي أن "مصر تتسع للجميع". لكن السيسي حذر أيضا في أول تصريحات علنية له منذ فضت قوات الأمن الأسبوع الماضي اعتصامين لأنصار مرسي من أنه لن يكون هناك تسامح مع من يلجأ للعنف. وبحسب صفحة رسمية للقوات المسلحة على موقع فيسبوك قال السيسي في كلمة خلال لقاء مع ضباط من الجيش والشرطة بحضور وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم "من يتصور أن العنف سيركع الدولة والمصريين يجب أن يراجع نفسه". وأضاف "لن نسكت أمام تدمير البلاد والعباد وحرق الوطن وترويع الآمنين ونقل صورة خاطئة للإعلام الغربي بوجود اقتتال داخل الشارع". وقال السيسي في رسالته لأنصار مرسي "إننا حريصون على كل نقطة دم مصرية." وأضافت الصفحة أن السيسي "طالبهم بمراجعة مواقفهم الوطنية وأن يعوا جيدًا أنّ الشرعية ملك للشعب يمنحها لمن يشاء ويسلبها متى يشاء وأنّ حماية الدولة ستبقى أمانة في أعناق الجيش والشرطة والشعب المصري".