وزير الدفاع الأمريكي: قرار العملية العسكرية في سوريا سيتم بالتنسيق مع المجتمع الدولي
الأسد: "الفشل" مصير أي عملية عسكرية أمريكية في سوريا
بريطانيا: عملية عسكرية في سوريا واردة دون موافقة مجلس الأمن
روسيا: استخدام القوة دون تفويض أممي "انتهاك خطير" للقانون الدولي
فرنسا: رد الفعل "المناسب" يتحدد خلال أيام
أوغلو: تركيا مستعدة للانضمام إلى أي تحالف ضد سوريا
مخاوف من تسمم الغذاء والمياه بعد الهجوم الكيماوي
نشطاء: "الجيش الحر" يسيطر على بلدة إستراتيجية شمال سوريا
عواصم- الوكالات
صعَّدت عواصم غربية أمس من موقفها إزاء الأزمة في سوريا، في ظل المساعي الحثيثة لتوجيه ضربة عسكرية لمنشآت سورية تابعة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، فيما يبدو أنه عقاب لأسوأ هجوم بأسلحة كيماوية منذ ربع قرن، في حين أن روسيا أكدت أنها لا تنوي المشاركة في أي صراع عسكري قد يقع في سوريا على خلفية الأزمة المتصاعدة منذ أكثر من عامين.
وزار أمس مفتشو الأمم المتحدة موقعا خارج العاصمة السورية تقول المعارضة إنه شهد هجوما بالغاز السام الأسبوع الماضي. وقال طبيب في بلدة المعضمية التي تسيطر عليها المعارضة السورية إن خبراء الأسلحة الكيماوية التابعين للأمم المتحدة دخلوا موقع الهجوم، وقاموا بفحص الضحايا. ويأتي ذلك بعد موافقة سوريا على السماح للمفتشين بزيارة الموقع. لكن الولايات المتحدة وحلفاءها قالوا إن قصف الحكومة للمنطقة خلال الأيام الخمسة الأخيرة دمر الأدلة وإن العرض السوري جاء متأخراً جداً. لكن الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون قال إنه واثق من أن خبراء المنظمة يمكنهم الحصول على أدلة بشأن الهجوم المزعوم بالغاز في سوريا رغم مرور الوقت.
فشل أمريكي
من جانبه، حذر الرئيس السوري بشار الأسد واشنطن في مقابلة نشرت في صحيفة ازفستيا الروسية من أن أي تدخل عسكري أمريكي في سوريا سيفشل ونفى أن قواته استخدمت أسلحة كيماوية. وقال الأسد للصحيفة في المقابلة التي أجريت معه في دمشق عندما سئل عما سيحدث إذا قررت واشنطن ضرب أو غزو سوريا "الإخفاق ينتظر الولايات المتحدة مثلما حدث في كل الحروب السابقة التي شنتها ابتداءً بفيتنام وحتى الوقت الراهن". وذكر الأسد أن القوات الحكومية السورية كانت قريبة من المكان الذي تقول قوات المعارضة إنّ قوات الأسد استخدمت فيه أسلحة كيماوية الأسبوع الماضي وإنه لا يوجد خط واضح للجبهة هناك. وقال الأسد "هل تستخدم أي دولة أسلحة كيماوية أو أي أسلحة دمار شامل أخرى في مكان تتركز فيه قواتها؟ هذا يتنافي مع المنطق". وأضاف "لهذا الاتهامات من هذا النوع سياسية تماما وسببها الانتصارات المتتالية التي حققتها القوات الحكومية على الإرهابيين"، في إشارة إلى مقاتلي المعارضة في الحرب الأهلية الدائرة هناك. وقالت الأمم المتحدة إن دمشق وافقت على وقف إطلاق النار أثناء وجود فريق خبراء الأمم المتحدة في الموقع لإجراء عمليات التفتيش التي بدأت يوم الإثنين. كما قال ناشطون في الغوطة إن مقاتلي المعارضة وافقوا أيضا على وقف العمليات وإن عددا من الألوية ستوفر حماية للفريق الدولي. لكن بينما كان ناشط يتحدث مع رويترز من خلال سكايب سمع في الخلفية من على بعد أصوات انفجارات المورتر مما أبرز المخاطر التي يمكن أن تحيق بمفتشي الأمم المتحدة خلال مهمتهم. وقال متحدث باسم الأمم المتحدة إن قناصة مجهولين أطلقوا النار على سيارة يستخدمها محققون تابعون للأمم المتحدة في دمشق أثناء توجههم لموقع يشتبه تعرضه لهجوم بالغاز السام. وقال المتحدث "أطلق مسلحون مجهولون النار عدة مرات على السيارة الأولى التابعة لفريق التفتيش عن الأسلحة الكيماوية في المنطقة العازلة".
قذائف المورتر
وسقطت قذيفتا مورتر على الأقل في حي راق بوسط العاصمة السورية دمشق في نفس المنطقة التي ينزل فيها فريق من المفتشين تابع للأمم المتحدة يحقق في هجمات كيماوية مزعومة. وقال سكان لرويترز إن قذيفة مورتر سقطت بالقرب من فندق فور سيزونز الذي ينزل به خبراء الأمم المتحدة. وذكرت وسائل إعلام سورية أن قذيفتي المورتر هما صناعة محلية وأطلقهما "إرهابيون" وهو التعبير الذي تستخدمه وسائل الإعلام الرسمية للإشارة إلى مقاتلي المعارضة. وقالت الوكالة العربية السورية للأنباء إن ثلاثة أشخاص أصيبوا.
وواجهت واشنطن دعوات للقيام بعمل ردًا على الهجوم الذي وقع يوم الأربعاء والذي جاء بعد عام من إعلان الرئيس باراك أوباما أن استخدام الأسلحة الكيماوية "خط أحمر" سيتطلب ردا حازماً. إلا أنّ روسيا حليفة الأسد لمحت إلى أن مقاتلي المعارضة ربما يكونون وراء الهجوم المزعوم بأسلحة كيماوية.
وقالت وزارة الخارجية الروسية إن موسكو أبدت قلقها لواشنطن من احتمال رد الولايات المتحدة عسكريا على هجوم مزعوم بالأسلحة الكيماوية شنته قوات الحكومة السورية وحثت على ضبط النفس. وحذرت روسيا القوى الغربية من أي تدخل عسكري في سوريا قائلة إن استخدام القوة بدون تفويض من الأمم المتحدة سيكون انتهاكا خطيرا للقانون الدولي. وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن موسكو ليست لديها النية للدخول في صراع عسكري بسبب الحرب الأهلية في سوريا، وإن واشنطن وحلفاءها سيكررون "أخطاء الماضي" إذا تدخلوا في سوريا. وقال في مؤتمر صحفي ناقش خلاله اتهامات المعارضة لقوات الحكومة السورية باستخدام أسلحة كيماوية "استخدام القوة بدون موافقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة انتهاك خطير للقانون الدولي". وقال لافروف معبرًا عن قلقه بشأن بيانات تشير إلى أن حلف شمال الأطلسي لديه الحق في التدخل بعد الهجوم الكيماوي بدون موافقة الأمم المتحدة إن ذلك سيؤدي إلى "تدهور شديد" في الوضع. وحث الغرب على ألا يسلكوا "المسار الخطير" الذي سلكوه عدة مرات من قبل وأضاف "ليس لدينا نية لخوض حرب مع أحد". وقال "إذا فكر أحد أن قصف البنية الأساسية العسكرية لسوريا وتدميرها وترك ساحة المعركة لمعارضي النظام لكي يفوزوا بها سينهي كل شيء.. فهذا وهم".
وقالت إيران حليفة الرئيس السوري إن على واشنطن ألا تعبر "الخط الأحمر" بمهاجمة سوريا.
حرب محتملة
والتصريح الأمريكي بأن موافقة الحكومة السورية على السماح للأمم المتحدة بتفتيش موقع الهجوم المزعوم بأسلحة كيماوية "تأخر كثيراً حتى فقد أي مصداقية" يبدو وكأنه إشارة إلى أن الرد العسكري أكثر ترجيحًا. وقال سناتور كبير إنّه يعتقد أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما سيطلب تصريحاً باستخدام القوة عندما يعود الكونجرس من عطلته الشهر المقبل.
وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إنه لم يتخذ قرارًا بعد بشأن التدخل العسكري في سوريا ردًا على هجوم كيماوي لكن كل الخيارات مطروحة. وقال فابيوس لراديو أوروبا 1 "القرار لم يتخذ بعد. هناك رد فعل متناسب... وهذا سيتقرر خلال الأيام القليلة القادمة". وأضاف "كل الخيارات مطروحة. الخيار الوحيد غير المطروح على الطاولة هو ألا نفعل شيئا". واستطرد "القانون الدولي تحدده الأمم المتحدة لكن في الوقت نفسه هناك دول (في المجلس) تعطل (العمل العسكري).. الصين وروسيا عطلتا وستعطلان على الأرجح مرة أخرى ولذلك ستكون مشكلة... في بعض الظروف يمكن أن نتخطى لكن القانون الدولي قائم"، ولم يعط المزيد من التفاصيل.
وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيج يوم الاثنين إنه من الممكن الرد على استخدام أسلحة كيماوية في سوريا دون موافقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالإجماع.
وقال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو إن بلاده ستنضم إلى أي تحالف ضد سوريا حتى إذا لم يتسن التوصل إلى توافق أوسع في الآراء في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وقال لصحيفة ميليت "دائما ما نعطي أولوية للتحرك مع المجتمع الدولي بقرارات من الأمم المتحدة. لكن إذا لم يتبلور مثل هذا القرار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فإنّ بدائل أخرى...ستدخل في الأجندة". وتقول المعارضة السورية إن ما بين 500 وأكثر من 1000 مدني قتلوا في هجوم بالغاز نفذته قوات الأسد. وفي حالة توصل مفتشي الأمم المتحدة إلى أدلة فسيكون من الأسهل بناء قضية دبلوماسية تؤيد التدخل في سوريا بعد مرور عامين ونصف العام على بدء الحرب التي حصدت أرواح أكثر من 100 ألف شخص.
تنسيق دولي
فيما قال وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاجل إن الولايات المتحدة لن تتخذ أي تحرك إزاء سوريا إلا بالتنسيق مع المجتمع الدولي وفي إطار قانوني ردا على هجوم مزعوم بالأسلحة الكيماوية في دمشق. وأحجم هاجل في حديثه للصحفيين أثناء زيارة إلى إندونيسيا عن مناقشة الخيارات العسكرية التي يبحثها البيت الأبيض أو الإفصاح عما إذا كان الرد العسكري مرجحا. وقال هاجل في مؤتمر صحفي بجاكرتا "تبحث الولايات المتحدة كل الخيارات فيما يتعلق بالوضع في سوريا. نعمل مع حلفائنا والمجتمع الدولي... نحلل معلومات المخابرات. وسنحصل على الحقائق. وإذا اتخذ أي تحرك فسيكون بالتنسيق مع المجتمع الدولي وفي إطار تبرير قانوني". وقال مسؤول أمريكي كبير طلب عدم نشر اسمه إن هاجل يعتزم التحدث إلى نظيريه البريطاني والفرنسي لمناقشة الوضع في سوريا. وأضاف أن توقيت هذه الاتصالات المقبلة لم يتضح. وذكر المسؤول أن استخدام الحكومة السورية لأسلحة كيماوية ضد المدنيين في ضواح لدمشق الأسبوع الماضي يتأكد بشكل متزايد وأدان تأخير السماح لمفتشي الأمم المتحدة بدخول المواقع.
وفي سياق متصل، يقول سكان في العاصمة السورية- بعد أيام من هجوم مزعوم بغاز سام قتل المئات في ضواح زراعية- إنهم يخشون ان تكون امداداتهم من الغذاء والمياه ملوثة.
وأصاب الغاز السام منطقة الغوطة حيث توجد مساحات كبيرة من المزارع التي تزود العاصمة السورية التي يبلغ عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة بالخضروات الطازجة واللحوم ومنتجات الألبان.
ميدانيا، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن قوات المعارضة سيطرت على بلدة استراتيجية بشمال سوريا فقطعت طريق الإمدادات الوحيد للقوات الحكومية إلى مدينة حلب.
كما قال المرصد ومقره بريطانيا إنه حصل على صورة تظهر إعدام رجل الدين العلوي بدر غزال على يد معارضين إسلاميين متشددين مما يبرز تنامي إراقة الدماء الطائفية في الصراع المستمر منذ عامين ونصف العام. وذكر المرصد الذي يعارض حكم الرئيس بشار الأسد أن المعارضة سيطرت على خناصر وهي بلدة تقع على طريق الإمدادات الحكومية يربط حلب في الشمال بحماة في وسط سوريا. وأضاف المرصد أن مكاسب المعارضة ستترك القوات الحكومية محاصرة في محافظة حلب.