واشنطن- رويترز
من البديهيات التي يرد ذكرها كثيراً في وزارة الدفاع الأمريكية وفي المؤسسة الأمنية بالولايات المتحدة أنه عندما تكون هناك حرب يكون للعدو صوت هو الآخر.
قال مسؤولون حكوميون ومحللون في مراكز خاصة إنه إذا قادت واشنطن هجوما بصواريخ موجهة على سوريا رداً على استخدامها المزعوم لأسلحة كيماوية فإنّ ذلك قد يؤدي إلى هجمات انتقامية من جانب دمشق ومؤيديها ربما تكون في صورة ضربات صاروخية أو هجمات إرهابية أو حرب إلكترونية. وقال مسؤولو دفاع إن قادة الجيش الأمريكي يعكفون على وضع خطط طارئة للتصدي لأي هجوم مضاد قد يشنه الجيش السوري. وأبدى المسؤولون ثقة في قدرة الولايات المتحدة وحلفائها بالمنطقة مثل إسرائيل على ردع أي رد مباشر من الرئيس السوري بشار الأسد وتحييده. وقال مسؤول دفاع أوروبي إن الغرض من حشد قوات كبيرة قرب سوريا -في شكل قطع بحرية غالبًا- هو ردع الأسد. وأضاف المسؤول الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن شخصيته "المهم هو امتلاك قوة كافية للسيطرة على أي رد تصعيدي". لكن جيفري وايت الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى كتب هذا الأسبوع "لا يوجد تحرك عسكري دون مخاطر. وتوجيه ضربة عقابية لقوات النظام السوري سينطوي على بعض هذه المخاطر. فالأسلحة قد تصيب أهدافا غير مقصودة وربما تقتل مدنيين". وتابع قائلا إن النظام السوري "قد يرد بضربات غير متوقعة لمصالح أمريكية ومصالح دول حليفة (لواشنطن) أو قد يلجأ إلى شن هجمات أخرى (بالأسلحة الكيماوية) داخل سوريا". ويعتقد على نطاق واسع أن لدى سوريا وحليفتها إيران صواريخ باليستية قادرة على الوصول إلى إسرائيل وإلى حلفاء آخرين للولايات المتحدة مثل تركيا والأردن. ولدى جماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران والتي تحارب إلى جانب الأسد في سوريا عشرات الآلاف من الصواريخ قصيرة المدى في جنوب لبنان بالقرب من الحدود الإسرائيلية. ويتوقع كثير من المحللين أن تتجنب سوريا وحلفاؤها الدخول في صراع مباشر مع الولايات المتحدة وأن تختار بدلا من ذلك توجيه رد يستهدف مكامن الضعف لدى الغرب مثل شن هجمات إرهابية أو تستهدف الفضاء الإلكتروني. وقد يختار الأسد أيضا عدم الرد على الضربة والانتظار حتى زوال الخطر العسكري للولايات المتحدة وحلفائها. وقال مسؤول أمريكي لديه خبرة في الشرق الأوسط إن واشنطن تخشى أيضا أن تلجأ إيران إلى تسخين الوضع في العراق. ولم ترد الميليشيات الشيعية المرتبطة بإيران هناك حتى الآن على تجدد عنف المسلحين السنة. وأضاف المسؤول- وهو غير مصرح له بالتعليق علنا على هذا الأمر- أنه لاتزال هناك ميليشيات في العراق "سترد على الأرجح إذا مارس الإيرانيون ضغطا عليها." وأضاف "هذا شيء يثير القلق ويشغل بال الجميع".
واحتمال انتقام سوريا وحلفائها، من بين المخاوف التي تثير قلق الكونجرس وجهات أخرى من تحرك الرئيس باراك أوباما لتوجيه ضربات صاروخية لسوريا بسبب استخدامها أسلحة كيماوية فيما يبدو في مهاجمة مدنيين خارج دمشق يوم 21 أغسطس. ويعبر بعض المشرعين والمحللين عن قلقهم من أن تنزلق واشنطن في الحرب الأهلية الدائرة في سوريا منذ عامين ونصف العام وهو الأمر الذي قاومه أوباما طويلا. ويرى البعض أن إطلاق بضع زخات من الصواريخ التي تستهدف منشآت عسكرية سورية لن يترك تأثيرا كبيرا وقد يزيد الأسد جرأة. وقال السناتور جيمس إنهوف أكبر عضو جمهوري في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ "من الضروري أن نتجنب أي تحرك عسكري قصير النظر لا يترك تأثيرا يذكر على مسار الصراع على المدى البعيد. لا يمكننا إطلاق بضعة صواريخ ثم نأمل في الأفضل".
وستكون كيفية الرد السوري نفسها حاسمة رغم أن كثيرا من المحللين يتوقعون أن يصمد الأسد في البداية أمام أي ضربات طالما لا تستهدف القضاء على حكمه. وقال شون بريملي من مركز الأمن الأمريكي الجديد "اعتقد أن الحسبة (السورية) ستكون على النحو التالي: فلنستكن ونتلقى ما نظن أنه سيكون سلسلة ضربات محدودة كي نحيا لنحارب في يوم آخر". ومضى بريملي الذي عمل مؤخرا في مجلس الأمن القومي مع أوباما يقول "ستتملكني الدهشة إذا حاول الأسد أن يرد لأن ذلك سيجر الولايات المتحدة إلى الاشتباك بصورة أكبر... إنه يدرك على الأرجح أنه إذا أصبحت الولايات المتحدة منخرطة بشكل حاسم فإنه لن ينجو في الغالب".
وقالت حياة ألفى المحاضرة في الشرق الأوسط في كلية الحرب التابعة للبحرية الأمريكية "هجوم حزب الله على إسرائيل مرجح وفي الواقع فإنّ البعض يتوقع حربًا أخرى بين حزب الله وإسرائيل في لبنان".