أبوظبي، بيروت- رويترز
ألغت سوريا مناقصة عاجلة لشراء سكر بعد أسبوعين من إلغاء مناقصة لشراء قمح في أحدث دلالات على أن حكومة الرئيس بشار الأسد بدأت تفقد قدرتها على شراء الغذاء في الوقت الذي تدمر فيه الحرب الأهلية المحاصيل.
وعرضت سوريا في المعاملات التي أُلغيت الدفع من أموال في حسابات مُجمدة في الخارج. ويشير الإلغاء إلى أنّ العروض رفضها التجار الدوليون وهو ما يطرح تساؤلات حول كيفية سداد حكومة الأسد فاتورة واردات الغذاء في المستقبل. وقالت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) في يوليو إنّ خُمس سكان سوريا غير قادرين على إنتاج أو شراء الغذاء الكافي ويعاني المزارعون من نقص الحبوب والأسمدة التي يحتاجون إليها لزراعة المحصول التالي. وفي مناقصة أول أمس الإثنين ألغت المؤسسة العامة للتجارة الخارجية السورية مناقصة لشراء 276 ألف طن من السكر الأبيض بعد أن تلقت عرضًا واحدًا فقط.
وقال مسؤول في المؤسسة العامة للتجارة الخارجية طلب عدم نشر اسمه "حصلنا على عرض واحد فقط لذا اضطررنا للإلغاء وسنعيد طرح مناقصة للكمية ذاتها قريبًا". وألغت سوريا مناقصة مماثلة في يوليو. وكانت المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب السورية (حبوب) قد ألغت مناقصة لشراء 200 ألف طن من قمح الطحين اللين في 20 أغسطس قائلة حينئذ إنّها تلقت عرضين لكنهما غير مطابقين للمواصفات. وأدت الحرب الأهلية في سوريا التي دخلت الآن عامها الثالث إلى مقتل ما يزيد عن 100 ألف شخص ودفعت الملايين للفرار من منازلهم. وتدرس الولايات المتحدة وبعض حلفائها الآن أول عمل عسكري لمعاقبة حكومة الأسد بسبب ما تقول واشنطن إنه هجوم بأسلحة كيماوية على ضواح في دمشق أدى إلى مقتل أكثر من 1400 مدني في 21 أغسطس. وتنفي الحكومة السورية مسؤوليتها عن الهجوم. وتحتاج سوريا لاستيراد نحو مليوني طن من القمح هذا العام بعدما تسببت الحرب الأهلية في خفض محصولها إلى 1.5 مليون طن مقتربا من أدنى مستوى في 30 عاماً وأقل من نصف متوسط المحصول قبل الحرب. وتشتري الحكومة كميات كبيرة من القمح لاستخدامه في برنامج الخبز المدعم للسكان وطرحت سلسلة من المناقصات لشراء سكر وقمح ودقيق وأرز في الأسابيع الماضية. وينفي المسؤولون وجود مشكلة تتعلق بالإمدادات. وقال مسؤول في حبوب لرويترز إنّ المؤسسة لن تطرح مُجددا مناقصة لشراء القمح بعدما ألغت مناقصة 20 أغسطس. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه "لسنا في حاجة ماسة لطرح مناقصة لأنّ لدينا مخزونا إستراتيجيا جيدا .. كنا دائما نحتفظ بمخزون يكفي احتياجاتنا لمدة 12 شهرًا". وتابع أن حبوب اشترت 820 ألف طن من القمح من المحصول المحلي في موسم الشراء الحالي ولا تزال تحتفظ بمستوى الاحتياطي المعتاد قبل الحرب البالغ ثلاثة ملايين طن. ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك سمير عزت قاضي قوله إنّ القمح متاح وبكميات كبيرة في صوامع التخزين. لكن إلغاء المناقصات يشير إلى أن الموقف أسوأ مما يقوله المسؤولون. ولا تستهدف العقوبات التجارية الغربية على حكومة الأسد واردات الغذاء لكنها تجعل الدفع مقابل تلك الواردات أكثر صعوبة نظراً للعقوبات المفروضة على البنوك السورية. وأدى ذلك إلى صفقات ينظمها وسطاء في الشرق الأوسط بينما أحجمت شركات دولية كثيرة. وقال تاجر قمح مقيم في لبنان يتعامل بانتظام مع دمشق إنّ التحدي الحقيقي يكمن في توصيل القمح إلى المطاحن. وأضاف "بسبب انقطاع الكهرباء وغياب الأمن وصعوبة التنقل.. هذه هي المشكلة الحقيقية".