مسقط- الرؤية
شاركت جامعة نزوى في الفترة من 2 إلى 4 سبتمبر الجاري في أعمال النّدوة الدوليّة حول "تاريخ الحضارة الدّوليّة الإسلاميّة في شرق أفريقيا"، الّتي نظّمتها هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بالسّلطنة، بالتّعاون مع كلّ من مركز الأبحاث للتّاريخ والفنون والثّقافة الإسلاميَّة (آرسيكا) بالعاصمة التركية إسطنبول، ووزارة الخارجية العُمانيّة، وجامعة زنجبار الحكوميّة، حيث عقدت النّدوة في زنجبار بجمهورية تنزانيا.
وقد مثّل الجامعةَ في النّدوة الدّكتور خميس بن ماجد بن خميس الصّباري –أستاذ مساعد بقسم اللُّغة العربيّة في الجامعة-، حيث قدّم ورقةً بحثيّةً بعنوان "الخطاب الشّعريّ الاستنهاضي في شرق أفريقيا؛ عينية أبي مسلم البهلاني (1860-1920م) أنموذجًا". وارتكز موضوع البحث على فكرةٍ شاملةٍ مفادها "اليقظة"، وهي فكرةٌ خطابيّةٌ استنهاضيّةٌ دعويّة؛ أراد بها الشّاعر في نصّه إيقاظ الأمّة الإسلاميّة من غفلتها؛ لتقاوم الاستعمار، وترجع إلى سابق عهدها بالاستمساك بمنهج الإسلام. وتطرّق الدّكتور خميس الصّباري في ورقته إلى أهمّ المستويات النّصيّة التي خدمت الفكرة الموضوعيّة؛ ذكر منها:المستوى الإيقاعي، حيث لتوظيف البحر الطويل المكوّن من ثماني تفعيلات قدرةٌ واسعةٌ للبوح بأكبر قدرٍ يشبع به الشاعر نصّه من العواطف والأحاسيس والمشاعر، كما أشار إلى أنّ للقافية برويّ حرف العين خصوصيّة التّعبير الخطابي، والإيقاع الصّوتي المعبّر الذي يملأ أذن المتلقي بالروح الاستنهاضية التي تجهر بفكرة (اليقظة).
أما الثّاني الّذي درسه الصّباري فكان المستوى المعنوي؛ إذ قال: عبّر الشاعر في المستوى المعنوي عن مجموعةٍ من الأفكار المساندة الّتي ترفد الفكرة الرّئيسة للنّصّ من خلال التركيز على دوره الاستنهاضي الدعوي، والامتعاض من واقع الأمة الإسلامية المحرج، وضرورة الدفاع عنها، والدعوة إلى الاستمساك بالقدوة الصالحة. وتحدّث عن المستوى اللفظي، وهو– كما يقول- يُعنى باللغة التي ظهرت في النص بصورة سهلة واضحة بعيدة عن التعقيد؛ بهدف أن يبلّغ فكرته إلى جميع الطبقات؛ ليفهمها الجميع عنه بيُسرٍ ووضوح؛ مستعملًا حقلًا دلاليًّا يؤكّد فكرة "اليقظة"، مقرونًا باستعمالات أسلوبيّة عدّة توحي بالفكرة نفسها، ومستلهما من ثقافته الموسوعيّة بعض الاستعمالات التّناصية والرمزية. وعن المستوى البلاغي أوضح الدكتور خميس أنّ البهلاني يستعمل فيه الاستعارات الّتي اعتادها العرب في التشبيه دون أن يحفل كثيرًا بالصناعة اللّفظيّة؛ من أجل أن تأخذ الفكرة الرّئيسة صدقها للوصول إلى المتلقي بواقعيّة دون تزويق. وختم الصبّاري ورقته بأنّ نصّ قصيدة "العينيّة" للبهلاني يعرض فكرةً قيميّةً كونيّة هي "اليقظة" مشبّعة بروحٍ استنهاضيّة؛ تتّخذ الخطاب الدّعوي أسلوبًا للمنافحة عن الإسلام.
يذكر أنّ افتتاح النّدوة الدّولية بزنجيار كان تحت رعاية رئيس زنجبار الدّكتور علي محمّد شين بحضور وزير الإعلام العُماني الدكتور عبد المنعم بن منصور الحسني، وعددٍ من الشّخصيّات من الدّارسين والباحثين المهتمّين بشأن الحضارة في شرق أفريقيا. وهدفت النّدوة إلى إبراز تاريخ الحضارة الإسلامية في شرق أفريقيا، وتبيان الجوانب الحضاريّة والإنسانيّة، وتشكُّل الحياة الاجتماعيّة والسياسيّة والخصائص الجغرافيّة والبيئيّة للمنطقة، وناقشت مختلف الأبعاد والجوانب الحضاريّة والإسلاميّة الّتي مكّنت شرق أفريقيا من الإسهام في الحضارة الإنسانيّة عبر 42 ورقة عمل، من بينها 24 ورقةً بحثيّةً لباحثين عُمانيّين.