يحتاج تطوير العملية التعليمية إلى تضافر عدة عوامل مجتمعة، من بيئة مدرسية مهيأة وصحية، ومنهج متماسك ومتسق مع معطيات العصر ومرتبط بقيم المجتمع، وقبل هذا وذاك، يحتاج إلى معلم ملم بأسس مهنته الرسالية، وقادر على النهوض بأعبائها بإخلاص وشغف واقتدار.. وهذا بدور يتطلب إعداد هذا المعلم، وتهيئته لحمل هذه الرسالة، والوفاء بالتزاماتها الجمّة.. وفي هذا الإطار يمكن قراءة وتثمين بادرة لجنة التربية والتعليم والبحث العلمي بمجلس الشورى، والتي اختتم فريقها أمس جولة شملت جميع المحافظات التعليمية في السلطنة، للالتقاء بالمعلمين ورصد مطالبهم، وذلك في إطار دراسة شاملة للمجلس حول واقع المعلم في السلطنة.
إنّ تبني هذه الدراسة يعكس نموذجًا مطلوبًا للتعاطي مع القضايا الجوهرية وفق منهج علمي مدروس، حتى تكون النتائج بحجم التوقعات وتتماشى مع أهميّة الموضوعات محل الدراسة.
كما أنّ هذا النهج يدل على التعاون البنَّاء، والسعي إلى توحيد الجهود بين مختلف مؤسسات الدولة لتحقيق الأهداف والغايات بما يخدم أبناء هذا الوطن؛ وكل هذه الجهود تأتي تلبية للتوجيه لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - في خطابه الأخير بمجلس عمان، حول أهمية مراجعة سياسات التعليم بالسلطنة، والارتقاء بمخرجاته.
وحسنا فعلت اللجنة بالقيام بهذه الزيارات الميدانية، حتى تسمع من المعلمين وجهًا لوجه، وتقف على جميع المطالب والملاحظات، حتى تأتي مقترحاتها للارتقاء بواقع المعلم من وحي الميدان، وليس بناءً على تقارير معلبة تفتقد إلى الحيوية، وتنقصها التفاعلية المطلوبة في موضوع يتعلّق بأوضاع أكثر من خمسين ألف معلم ومعلمة.
ولأهميّة نتائج دراسة واقع المعلم، يتطلع المجتمع إلى أن يرى نتائج هذه الدراسة قريبًا بعد بلورة مطالب المعلمين واقتراحاتهم ورفعها للجهات المختصة للبت فيها بما يخدم جودة العملية التعليمية، وينعكس إيجابًا على مخرجاتها.