-الدعوة إلى إنشاء هيئة حكومية لذوي الاحتياجات الخاصة وزيادة الدعم المادي لأسر أطفال التوحد
مسقط - رياض السيابي
طالب أولياء أمور أطفال التوحد، بإيجاد مراكز للتوحد على مستوى المحافظات وتأهيل وتدريب المعلمين والآباء والأمهات على كيفية التعامل مع التوحديين، واستقدام خبرات وكفاءات من الخارج.
كما طالبوا خلال اللقاء الذي عقدته وزارة التنمية الاجتماعية يوم الخميس الماضي بمقر مركز رعاية الطفولة بالخوض بحضور معالي الشيخ محمد بن سعيّد الكلباني وزير التنمية الاجتماعية، وسعادة د. يحيى بن بدر المعولي وكيل الوزارة وعدد من مسؤولي الوزارة، بزيادة الدعم المادي لأسر أبناء التوحد، وإنشاء هيئة حكومية خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة، ولجنة وطنية للتوحد تضم في عضويتها وزارات التنمية الاجتماعية والصحة والتربية والتعليم ومجلس عمان وجامعة السلطان قابوس.
وفي بداية اللقاء أكّد سعادة الدكتور يحيى بن بدر المعولي وكيل وزارة التنمية الاجتماعية، أنّ عقد هذا اللقاء يجيء بقصد التشاور البناء والحوار الهادف وتبني الأفكار والمقترحات كشركاء جميعًا في هذه المسؤولية ومناقشتها بوضوح لإيجاد حلول معقولة بشأن المعوقات التي تعتري خدمات التأهيل لأبنائنا التوحديين، مؤكداً سعادته أنّ هناك رغبة صادقة وإرادة أكيدة لدى وزارة التنمية الاجتماعية للارتقاء بخدمات التأهيل بحق هذه الفئة وغيرها من الفئات التي ترعاها الوزارة، مشيراً في هذا الصدد إلى الجهود التي بذلت على أرض الواقع، مقراً بأنّ هناك نقصًا في الخدمات وندرة في الكوادر المتخصصة في مجال التوحد. وقال سعادته: ندرك معاناة أي أسرة لديها طفل توحدي ابن معاق، والخدمات المتوفرة تعد قليلة، مستدركًا:ولكنه ستتم الاستفادة من الرؤى والأفكار التي يتم طرحها إضافة إلى التواصل مع المسؤولين في الجهات الأخرى المعنية بالتوحد، لتبني خطة عاجلة في هذا الجانب، وأشار سعادته إلى أن هناك تحدياً، ولكن في المقابل توجد رغبة صادقة لوزارة التنمية الاجتماعية للتعامل مع هذا الموضوع في جانبه التأهيلي، كون التشخيص تُعنى به وزارة الصحة والتعليم معنية به وزارة التربية والتعليم.
وبعد ذلك قدم حمود بن مرداد الشبيبي مدير دائرة الرعاية الخاصة بوزارة التنمية الاجتماعية عرضًا مرئيًا بعنوان: "الخدمات التي تقدمها الوزارة في مجال التوحد"، أوضح فيه أن عدد حالات التوحد المسجلة في نظام بطاقة شخص معاق، تبلغ 287 حالة فقط من إجمالي عدد الحالات في السلطنة التي يتراوح عددها بين 22242 إلى 27403 حالات وذلك وفقاً للدراسة التي أجرتها جامعة السلطان قابوس والتي تؤكد أنّ كل 71 طفلا يوجد بينهم طفل توحدي.
كما يبلغ عدد حالات التوحد الملتحقة بالمؤسسات التأهيلية 378 حالة، منها 180 حالة ملتحقة بمؤسسات التأهيل الحكومية، و169 حالة توحد ملتحقة بمؤسسات التأهيل الخاصة، إلى جانب مؤسسات التأهيل الأهلية التي تصل حالات التوحد الملتحقة بها 29 حالة.
وفيما يتعلق بالتوزيع النسبي لحالات التوحد التي تحصل على راتب الضمان الاجتماعي فتبلغ 250 حالة من جملة 25474 من الأشخاص المعاقين ممن يحصلون على راتب الضمان الاجتماعي.
وتطرق مدير الرعاية الخاصة الى دعم الأسر، مشيرًا الى أن اللقاء الذي عقد مؤخرًا مع مجموعة من أولياء أمور حالات التوحد بحضور وكيل الوزارة، أسفر عن انضمام عدد من أفراد هذه الأسر إلى اللجنة الإعلامية المنبثقة عن اللجنة الوطنية لرعاية المعاقين، وإرسال 13 أسرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية للتدريب على برنامج "صن رايز " لكيفية التعامل مع أطفال التوحد، واتخاذ إجراءات إشهار جمعية في مجال التوحد، وتهيئة مراكز الوفاء لتأهيل الأطفال المعاقين لاستقبال حالات التوحد، وكذلك تدريب عدد 25 موظفة لنيل الدبلوم المهني في مجال التوحد بالتعاون مع مركز الكويت، وتدريبهن أيضًا في مجال التشخيص والتقييم بالتعاون مع الجمعية البحرينية للإعاقة الذهنية والتوحد، وأيضًا تدريب 6 موظفين على برنامج (صن رايز) بالولايات المتحدة الأمريكية، والتعاقد مع عدد من الخبرات الوافدة للعمل بمراكز الوفاء لتأهيل الأطفال المعاقين، إلى جانب تدريب 20 موظفة من مراكز الوفاء لتأهيل الأطفال المعاقين على برنامج تدريب مدربي أسر الأطفال.
واستعرض الشبيبي جملة التحديات في مجال التوحد، والمتمثلة في وجود فارق كبير بين حالات التوحد المسجلة لدى الوزارة والحالات الفعلية وفقاً للمعدلات المقدرة، وقلة أو ندرة الكوادر العمانية أو العربية المتخصصة في مجال التوحد، وضعف جودة خدمات التأهيل في المحافظات، إلى جانب تحفظ بعض الآباء على قبول تصنيف أبنائهم ضمن حالات التوحد.
واختتم العرض المرئي بالحديث عن الرؤية المستقبلية لمجال التوحد، وبشأنها قامت وزارة التنمية الاجتماعية بمخاطبة الجهات المختصة لأجل إنشاء 3 وحدات تأهيل في مجال التوحد في صحار وصلالة وصور، وإنشاء المركز الوطني للتوحد، وأيضًا تشكيل لجنة مشتركة من وزارات التنمية الاجتماعية والصحة والتربية والتعليم لإعداد تصور متكامل لإنشاء مركز وطني للتشخيص المبكر، والتنسيق مع وزارة التعليم العالي لابتعاث مخرجات شهادة التعليم العام في التخصصات المتعلقة بمجالات الإعاقة، وكذلك استقدام عدد من الخبراء لتقديم الرؤى حول البرامج التدريبية المتخصصة في مجال الإعاقة، والعمل على نشر الوعي بأهمية التعاون نحو تسجيل حالات التوحد ضمن قاعدة بيانات الوزارة، إلى جانب التأكيد على أهمية القيام بما تمّ الاتفاق عليه خلال اللقاء السابق مع بعض أولياء أمور حالات التوحد من منطلق مبدأ الشراكة مع الأسر والمهتمين بقضايا التوحد.
إثر ذلك قدم خالد المالكي - ولي أمر لطفل توحدي وأحد المعنيين بمشروع تأسيس الجمعية العمانية للتوحد - عرضاً مرئيًا أوضح من خلاله أهمية العمل على توفير خدمات التشخيص والتأهيل والتعليم في مجال التوحد، وواقع التوحد في السلطنة ومن ذلك أنّ عدد حالات التوحد التي شُخصت حتى الآن بلغت 500 حالة فقط، وأن هناك مركزين للتشخيص فقط أحدهما حكومي والآخر خاص، و3 مراكز تأهيل خاصة، وفي المقابل لا توجد حتى الآن مدارس للتعليم لحالات التوحد على المستوى الحكومي والخاص والأهلي.
وأوضح المالكي أنّ الأغلبية الساحقة من حالات التوحد ترفضهم المدارس ورياض الأطفال والحضانات؛ لأنهم غير طبيعيين، وأن الأغلبية لا تتلقى التشخيص وتنتظر ما يقارب العام حتى تحصل على التشخيص من مستشفى جامعة السلطان قابوس، وأن مراكز الوفاء لتأهيل الأطفال المعاقين مكتظة وغير مهيأة لاستقبال حالات التوحد، كما أن ذوي التوحد البسيط جداً والذين يلتحقون بالمدارس يعانون من فرط النشاط والتشتت ويتعرضون للضرب والعقاب والإهانة من قبل معلميهم.
وبعدها تطرق خالد المالكي إلى الأعباء التي تقع على كاهل أسر أبناء التوحد كالمبالغ الكبيرة التي تُصرف على التشخيص والسفر والتأهيل، وتكلفة الانتقال والعيش في مسقط للقرب من مراكز التأهيل، والأعباء النفسية من حزن واكتئاب وقلق وضغط نفسي وعزلة الأسر عن المجتمع؛ لصعوبة السيطرة على التوحدي، والاضطرار لمتابعتهم على مدار 24 ساعة، ومستعرضاً – فير ذات الوقت - تبعات إهمال أطفال التوحد مستقبلاً، منها أن عدم وجود مؤسسات خاصة لرعايتهم سيكلف الدولة مبالغ طائلة، وأن غياب البرامج التوعوية لأسر أبناء التوحد يزيد إهمال الكثير من الأسر لفرصة التدخل المبكر والتأهيل ويسهم في وجود فئات غير مؤهلة، إلى جانب ذلك فإنّ فترة المراهقة تجعل من السلوكيات السيئة أكثر سوءًا كالعدوانية، وإيذاء الذات والأهل والإخوة، والمشكلات الجنسية، وأيضاً نوبات الصرع والغضب الشديد؛ مما يضطر بعض الأسر إلى حبس أبنائها لعدم قدرتها على السيطرة عليهم في الكبر مسبباً عزلة وحزنًا وضغطًا للأم والأب والأخوة. وأكد على أهمية تنفيذ جميع المطالبات السابقة التي تقدم بها الأهالي خلال السنوات العشر الماضية للجهات المعنية وفق خطة زمنية محددة.
كما تحدّث د. يحيى الفارسي من كلية الطب بجامعة السلطان قابوس عن الدراسة التي أجريت حول واقع انتشار التوحد في السلطنة وأمر تشخيصه والذي يشكل تحديا كبيرا جداً، حيث أوضحت الدراسة معاناة الأهالي للحصول على موعد في مستشفى جامعة السلطان قابوس والتي تمتد لفترة طويلة قد تصل إلى سنة كاملة، وتؤكد الدراسة على ضرورة نشر خدمة تشخيص التوحد في جميع المؤسسات الصحية في السلطنة عوضاً عن اقتصار هذا الأمر على مستشفى جامعة السلطان قابوس، وأشار د. الفارسي الى أن الدراسة التي أجريت في هذا الجانب تكشف عن وجود طفل واحد فقط يحظى بالتشخيص الطبي لحالته من بين تسعة أطفال توحديين لا يحظون بخدمة التشخيص.
وفي الختام ردّ معالي الشيخ وزير التنمية الاجتماعية وسعادة الدكتور وكيل الوزارة على مداخلات أولياء الأمور ومعاناتهم مع أبنائهم التوحديين بسبب غياب منظومة خدمات التشخيص والتأهيل والتعليم.