ظفار- الرؤية
يبدأ اليوم بمحافظة ظفار موسم الربيع أو الصرب كما يطلق عليه محليا ويستمر إلى أواخر شهر ديسمبر حيث تتجلى فيه الطبيعة الخضراء بعد أن ودعت المحافظة موسم الخريف الذي ينتهي فلكيا في 21 سبتمبر من كل عام. ويعد الربيع موسما لتفتح الأزهار وسريان نسمات الهواء الباردة الممزوجة بروائح الكاذي والريحان والأزهار الجبلية العطرية لتضيف أريجها الفواح إلى المكونات الجمالية التي تشكل لوحة الطبيعة الساحرة والطقس الجميل في محافظة ظفار التي لا تقتصر السياحة فيها على موسم الخريف .
وعادة ما يشد موسم الربيع الذي يعقب الخريف مباشرة زوار المحافظة من حيث اعتدال المناخ والهواء العليل والنسمات المنعشة وإخضرار الأشجار وعبق الأزهار بروائحها الزكية حيث يعتبر الربيع أحد أهم المقومات السياحية التي تجذب السياحة الداخلية، حيث تشهد السهول والجبال حركة نشطة للزوار القادمين من المدن لمشاهدة جمال الطبيعة في هذا الفصل والتقاط الصور للمناظر الجميلة التي تشكلها الطبيعة الخلابة. كما أنّ كثيرا من السكان يقضون لياليهم بالمبيت في أحضان تلك الجبال للاستمتاع بالليالي المقمرة والروائح العطرية التي تنبعث ليلا من الاشجار والنباتات. وتزداد أهمية فصل الربيع لدى الفلاحين والصيادين ومربي الماشية على السواء فهو موسم لتكاثر الزراعات المختلفة، وتوفر مختلف أنواع الأسماك وانتشار المراعي الخضراء وجني العسل، وتزاح خلال هذا الفصل ستائر الضباب الأبيض الخفيف عن الطبيعة التى رسمتها أمطار الخريف فى السهل والجبل والهضاب الواسعة المستوية لتشكل حدائق طبيعية متعددة .
ويمثل فصل الربيع لسكان الجبال ورعاة ومربي الماشية موسما للبشر والخير ففيه يكثر العشب وتنتشر المراعي وتتنقل الماشية في البقاع المختلفة من السهول والجبال دون عناء البحث عن المرعى نظرًا لتنوع النباتات خلال هذا الفصل الذي تتميز فيه اللحوم والحليب ومشتقاته بجودة طعمها. وتنتشر على الجبال محاصيل زراعية متنوّعة من أهمها الذرة والفاصوليا المحلية والخيار. كما أنّ هذا الموسم يشكل جانبًا مهمًا للحصاد وهو المرحلة الاخيرة من الفصل الزراعي الموسمي في المناطق الجبليّة التي تعتمد اعتمادا كليًا على الأمطار بعكس المزارع الواقعة في السهل والتي تعتمد في مياهها على الآبار وعيون المياه. كما تنتشر في الجبال في هذا الموسم النباتات الطبيعية الصالحة للأكل والتي تنبت دون زراعة ومنها نبات البيضح محليًا وهو عبارة عن عشبة جبلية مزهرة يتكون في جذرها حبة ملفوفة تشبه جوز الهند في شكلها وثمرة التين في حجمها بالإضافة إلى نبات عشبي آخر يسمى محليا بالروب ينبت في جذوع الأشجار ويحمل في جذره حبة تشبه البطاطا في شكلها تؤكل بعد التنظيف بدون طبخ وهي حلوة الطعم. كما يوجد أيضا في هذا الموسم بعض النباتات الأخرى مثل نبات الكوم الحامض الذي يستخدم في الطبخ ونبات التنتلي باللفظة المحلية وهو نوع من أنواع السبانخ، ويستخدم أيضا في صناعة الشوربة المحلية. وفي هذا الفصل الذي يعد موسم إزهار واخضرار تنتشر منازل النحل في سفوح الجبال وبطون الأودية.. ويمارس المواطنون أو المتمرسون عملية جني العسل نظرا لجودته وكمياته الكبيرة. كما يقوم البعض بالبحث عن نبات الفقع الذي يتواجد فوق الهضاب الجبلية. ويقوم الرعاة في هذا الموسم بالانتقال من السهول إلى الجبال والأودية الواقعة بينها بحسب اختلاف الماشية. ونظرًا لكثرة الألبان فإنّ كثيرًا من الزوار يقضون ليالي ممتعة بين الرعيان ومربي الماشية للاستمتاع بالأجواء الربيعية الرائعة وبشرب الحليب ذي المذاق الخاص. وفي المناطق الساحلية يعتبر فصل الربيع الذي تعود فيه أمواج البحر إلى طبيعتها الهادئة موسم الفتوح وبداية دخول البحر وانتشار أعمال الصيد بكثرة حيث تتنوع الاسماك وتعد أطيب وأشهى مذاقا من أسماك المواسم الأخرى، ولعل من أهمها الشارخة وسمك الكنعد والسردين والصافي والشعري وغيرها من الأسماك السطحية والقاعية ذات القيمة الغذائية العالية .