الخنجي: ضرورة وضع الخطط المناسبة للارتقاء بالقطاع الخاص
الكعبية: مساعٍ لوضع إجراءات تعزز بيئة العمل في القطاع الخاص
جهود حثيثة من "الغرفة" لتشجيع الكوادر الوطنية للعمل بالقطاع الخاص
الشباب العماني على درجة من الكفاءة لتحقيق الأهداف المنشودة
ضرورة تطبيق التدريب المقرون بالتشغيل ورفع كفاءة المدربين
الدعوة لتغيير ثقافة المجتمع حول بعض المهن
أعداد كبيرة من مخرجات التعليم العالي تفتقر للمهارات الأساسية للعمل بالقطاع الخاص
نسبة العجز بالفرص الوظيفية أمام مخرجات التعليم العالي تتجاوز 10 أضعاف
مؤشرات سوق العمل "خطيرة جدًا" مع عدم توافر الفرص الوظيفية الملائمة للتخصصات
تساؤلات حقيقية حول جدوى الاستمرار في طرح تخصصات لا تتماشى مع سوق العمل
الشباب مطالب بخوض غمار المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومشروعات التشغيل الذاتي
صلالة- إيمان بنت الصافي الحريبي
أوصى الملتقى الثاني للشباب أمس بتعزيز ثقافة العمل الحر وتضييق الفوارق بين القطاعين الخاص والعام، في مسعى لتشجيع الشباب للانخراط في سوق العمل وعدم انتظار الوظيفة الحكومية.
وانطلقت أمس أعمال الملتقى الذي جاء بعنوان "تطلعات الشباب ومتطلبات سوق العمل"، وذلك على مسرح الكلية التقنية بصلالة، برعاية سعادة خليل بن عبدالله الخنجي رئيس غرفة تجارة وصناعة عمان، وبحضور أصحاب السعادة أعضاء مجلس الشورى وأعضاء فرع الغرفة بظفار، وعدد من مديري دوائر الموارد البشرية في القطاعين العام والخاص وأصحاب وصاحبات الأعمال وأخصائيي التوجيه المهني بتعليمة ظفار، وخريجي المؤسسات التعليمية والمعاهد التدريبية، والباحثين عن العمل، وعدد من طلبة جامعة ظفار والكلية التقنية بصلالة وكلية العلوم التطبيقية وطلبة المدارس.
ونظمت هذا الملتقى لجنة الموارد البشرية وسوق العمل بغرفة تجارة وصناعة عمان، برعاية إعلامية من جريدة "الرؤية".
انطلاقة متجددة
وبدأت أعمال الملتقى بكلمة ألقتها سحر الكعبية رئيسة لجنة الموارد البشرية وسوق العمل بغرفة تجارة وصناعة عمان، رحبت فيها بالحضور وشكرتهم، ومن ثم تطرقت إلى بعض توصيات الملتقى الأول والذي عقد بمسقط. وأوضحت أن التوصيات شملت أهمية استغلال الإجازات الصيفية في تدريب الطلاب الدارسين بمؤسسات التعليم العالي، وكذلك الباحثين عن عمل في مؤسسات وشركات القطاع الخاص. وأضافت أن بعض الشركات بادرت بتدريب مجموعة من الشباب العماني واستجابت لرغباتهم وطموحاتهم في تطبيق وممارسة الجوانب النظرية في الجامعات والكليات، كما شمل التدريب تخصصات متنوعة إضافة إلى أن بعض الشركات وظفت عددًا منهم ونقدر لها جهودها وسرعة استجابتها في توظيف الباحثين عن عمل.
وتابعت الكعبية أن الملتقى الأول شدد على ضرورة مراجعة المناهج الدراسية في المستويات الدنيا والعليا والاهتمام بالجانب العلمي والجانب النظري، بما يتوافق مع احتياجات سوق العمل والتدريب من خلال واقع حاجة سوق العمل وإعادة هيكلة سياسات القطاع الخاص (قانون العمل العماني)، ووضع دراسات جدوى لمشاريع مختلفة ذات قيمة مضافة تخدم السلطنة وتغرس مفهوم ثقافة العمل وإنشاء وتأسيس مناهج للبحث العلمي والتدريب وإقامة المعارض المختلفة التي تتيح فرص العمل ومعالجة الفوارق في الامتيازات بين القطاعين العام والخاص وإقامة ورش عمل مهنية تتوافق مع التخصصات الدراسية والتوعية بنظام التأمينات الاجتماعية للقطاع الخاص. ومضت تقول إن التوصيات تضمنت تأهيل التخصصات الإنسانية بما يتوافق مع سوق العمل ووضع امتيازات للعمانيين تختلف عن الوافدين ودعم الحكومة بصورة أكبر للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي توظف الشباب العماني وربط جميع مؤسسات التعليم العالي تحت مظلة واحدة وتعميم برامج التدريب على مختلف محافظات السلطنة وغيرها الكثير من التوصيات الهامة والتي نأمل أن تحظى بالاهتمام والدعم من قبل جهات الاختصاص.
وأوضحت أن النسخة الثانية من الملتقى تسعى لأن تخرج بتوصيات هادفة تعزز بيئة العمل في القطاع الخاص وتشجع الكوادر الوطنية على الالتحاق بمؤسساته وتزيد من إنتاجيته وفاعليته وتخدم الاقتصاد الوطني بصورة أكبر. وقالت رئيسة لجنة الموارد البشرية وسوق العمل بغرفة تجارة وصناعة عمان إن الغرفة تدرك أن الشباب العماني يمتلك قدرات ومهارات عملية كثيرة ويتحدى بفكره الواعي والمثقف الصعاب التي تواجهه في العمل في القطاع الخاص والعمل الحر، كما أنّه على درجة من الكفاءة التي تساعده على تحقيق الأهداف والمشاركة المباشرة والفعالة في الحياة الاقتصادية. وأوضحت أن مؤسسات المجتمع في الوقت الحالي تعمل على مساعدته للتمكن من العمل ووضع أقدامه على بداية الطريق الصحيح والانخراط في سوق العمل بكل جدارة، بجانب الحرص على تدريبه وتأهيله ومد جسور التواصل بينه وبين مؤسسات القطاع الخاص.
متطلبات سوق العمل
وبعد ذلك، قدم سعادة خليل الخنجي رئيس غرفة تجارة وصناعة عمان كلمة للشباب المشارك في الملتقى، قائلاً إن الملتقى الثاني للشباب ينعقد تحت شعار "تطلعات الشباب ومتطلبات سوق العمل"، وهو شعار يعكس متطلبات واحتياجات القطاع الخاص الآخذ في النمو، من حيث الاختصاصات والمهن الإدارية والمهنية على حد سواء. وأضاف أن الحديث عن الشباب وسوق العمل يأخذ أبعادا اجتماعية واقتصادية بل وثقافية، بالإضافة إلى غيره من المجالات الأخرى التي تؤثر بصورة متفاوتة في مسار التنمية الشاملة التي تشهدها السلطنة بتوجيه حكيم ورائد من المقام السامي. وأوضح أن هذا القطاع الخاص قطاع عريض، ويمثل النسبة الأكبر من التركيبة السكانية للسلطنة، ويمكن إذا ما أحسن استغلاله أن يكون القوة الرئيسية في دفع مسيرة التنمية للمزيد من الإنجاز، ولكن ولكي يتحقق ذلك لابد من الإيمان وقبل كل شيء بأهمية هذا القطاع وتقدير الواقع بشكل صحيح ووضع الخطط المناسبة للرقي به في كل الاتجاهات بدءًا وانتهاءً بالتعليم والتدريب.
وتابع الخنجي أن السلطنة تعاني كغيرها من الدول الأخرى لاسيما العربية منها من نقص في الدراسات المعنية بمواءمة مخرجات التعليم مع احتياجات ومتطلبات سوق العمل، وأدى ذلك إلى مشكلتين رئيسيتين؛ الأولى تتعلق بوجود أعداد كبيرة من مخرجات مؤسسات التعليم العالي تنضم سنوياً للقوائم الطويلة للباحثين عن عمل، في حين أن المشكلة الثانية تتمثل في افتقار تلك المخرجات للمهارات الأساسية المطلوبة في سوق العمل لاسيما في القطاع الخاص.
وذكر سعادته بعضًا من واقع ما تجسده الأرقام من المسجلين في مؤسسات التعليم العالي؛ حيث أوضح أن إجمالي المسجلين في مؤسسات التعليم العالي في السلطنة بلغ 107.765 آلاف طالب وطالبة خلال العام الدراسي 2011-2012، والتحق 28.437 ألف طالب وطالبة منهم بمؤسسات التعليم العالي في تخصصات الهندسة والتكنولوجيا والإدارة والتجارة والعلوم الصحية والثقافة والمجتمع وغيرها من المجالات الأخرى، وهذه المجاميع تنضم جميعها في نهاية المطاف لسوق العمل المزدحم بالباحثين عن الفرص المناسبة، في وقت تشح فيه تلك الفرص. وضرب مثلاً بأعداد الخريجين في تخصص تقنية المعلومات والذي وصل إلى 7317 طالباً وطالبة، في حين أن عدد الفرص المتاحة لهم 1103 فرص فقط بزيادة نسبتها 663% عن عدد الشواغر في هذا التخصص.
وتابع أنه في تخصص الإدارة، تبلغ نسبة الزيادة في عدد الباحثين عن عمل في هذا التخصص عن الفرص المتاحة لهم بنسبة 566%، وليس أقل منها في التخصصات الأخرى كاللغة الإنجليزية وآدابها (526%)، اللغة العربية وآدابها (233%)، التصميم الجرافيكي والإنترنت (1158%)، الفيزياء والكيمياء والأحياء (648%)، التربية (240%)، علم الاجتماع والنفس (847%)، والسياسة وعلاقات الاتصال (959%)، مشيرًا إلى أن هذه المؤشرات خطيرة جدًا، وتدل على أن هذه التخصصات لا تتواءم مع متطلبات سوق العمل، وستعاني مخرجاتها من صعوبة واضحة في الحصول على فرصة عمل مناسبة.
وأوضح أنّه في المقابل، تتركز العمالة الوافدة من حملة الشهادات العليا (مستوى البكالوريوس) في بعض المهن المرتبطة بالمجالات المتخصصة التي لا تركز على توفيرها مؤسسات التعليم العالي في السلطنة، ومنها تخصص الهندسة المدنية والإنشاءات؛ حيث يوجد 14300 مهندس مدني/ أبنية وافد في سوق العمل، كما يوجد 3443 فني أبنية (مراقب أبنية) وافد، وكذلك 2615 مهندس كهربائي عام، وهكذا في بقية التخصصات الأخرى، ومنها مبرمج حاسب آلي، واختصاصي تسويق، ومحاسب عام، ومدقق حسابات، ومدير تسويق، ومهندس ميكانيكي/ صيانة عامة ومهندس ميكانيكي/ إنتاج عام.
تساؤلات مهمة
وشدد على أن هذه الأرقام تثير تساؤلات مهمة حول جدوى الاستمرار في طرح بعض التخصصات التي يصعب على سوق العمل استيعابها، وكذلك غياب تخصصات أخرى يتزايد عليها الطلب من قبل القطاع الخاص، موضحاً أن ما سبق يقود إلى حقيقة أهمية التنسيق مع القطاع الخاص في مراحل التخطيط المبكر للتخصصات والبرامج المطروحة في مؤسسات التعليم العالي، في حالة إذا كانت هناك رغبة حقيقية في أن يصبح هذا القطاع هو المشغل الرئيسي للقوى العاملة الوطنية مستقبلاً.
ومضى سعادة رئيس غرفة تجارة وصناعة عمان يقول إنه على المدى البعيد سيساهم القطاع الخاص بالدور الأكبر في توفير فرص العمل للباحثين عنها من مختلف التخصصات، موضحاً أنه يتعين العمل مع القطاع الحكومي لتحسين بيئة العمل في القطاع الخاص من خلال تقليل الفوارق في الامتيازات بين القطاعين، والتي تمّ طرحها ضمن إطار ندوة متكاملة تبنتها الغرفة في عام 2010، وذلك ما يحسب لها. وأكد أنه خلال الفترة الماضية، تحقق الكثير من التقدم في هذا الجانب؛ حيث تم توحيد الإجازة الأسبوعية والإجازات الرسمية كما تم إدخال بعض التعديلات على سبيل المثال الرواتب والعلاوات.
ولفت الخنجي إلى أنه لا شك أن الاهتمام المتزايد بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومشروعات التشغيل الذاتي يصب في خانة إيجاد فرص التشغيل المناسبة للباحثين عن عمل، داعياً الشباب العماني المتصف بالجد والاجتهاد والمثابرة للاستفادة من الحوافز والتسهيلات الكثيرة المتوفرة لتأسيس وتطوير أعماله التجارية وخلق فرص عمل لغيره من الباحثين عن العمل.
وقال رئيس الغرفة إنّ هناك أمرين لا بد من التطرق إليهما تأكيدًا لأهميتهما في سبيل تعزيز سوق العمل؛ الأول يتعلق بالجودة الشاملة؛ حيث إنّ الاهتمام بجودة التعليم يولّد أجيالا قادرة على العمل والإحلال. فيما أوضح أن الجانب الثاني يتمثل في أهمية ترسيخ ثقافة التدريب على رأس العمل أو التدريب الاستباقي لمرحلة ما قبل العمل، سواء في المؤسسات الحكومية أو في شركات القطاع الخاص. وشدد الخنجي على أن القطاع الخاص مستعد لاستقبال مزيد من الكوادر العمانية الطموحة الراغبة في التدريب العملي، غير أنه أوضح أنه من المهم في هذا الشأن الاستعداد الحقيقي لدى الشباب، على أن يتم ذلك بالتنسيق مع الجهات المعنية في سبيل أن يحصل هؤلاء المتدربين على علاوات ومكافآت تدريبية مستحقة.
أوراق وتوصيات
أعقب ذلك، تقديم الدكتور حسين بن محمد بن علي نائب رئيس لجنة تنمية الموارد البشرية وسوق العمل بغرفة تجارة وصناعة عمان، ورقة عمل بعنوان "تطلعات الشباب وسوق العمل"، ومن ثم قدمت الدكتور ريا المنذرية عضوة اللجنة الوطنية للشباب كلمة أخرى، تحدثت فيها عن دور الشباب في التنمية وحثتهم على تطوير أنفسهم. وتلى ذلك تنفيذ حلقة عمل نقاشية لأبرز تطلعات الشباب ومرئياتهم لمستقبلهم وواقع القطاع الخاص وسوق العمل من وجهة نظرهم. وشهدت الحلقة النقاشية مداولات مستفيضة وهادفة تميزت بالتفاعل وتمخض عنها عدد من التوصيات أعلنت في ختام أعمال الملتقى.
وأوصى الملتقى بأهمية توفير حوافز مجدية للعاملين في القطاع الخاص والمساواة بين القطاعين في مسألة نظام التقاعد وساعات العمل والإجازات. وأكدت التوصيات كذلك على ضرورة تطبيق برامج التدريب المقرون بالتشغيل وركزت التوصية على أهمية كفاءة المدربين في هذا الجانب لتحقيق الاستفادة المتوخاة من التدريب. وشملت توصيات الملتقى الثاني للشباب أهمية وضع ضمانات للمواطنين العاملين في القطاع الخاص في حالة تعرض الشركة التي يعملون بها للإفلاس، وكذلك تطبيق التعمين في الوظائق القيادية العليا بالقطاع، وإيجاد آليات مختلفة لتعزيز ثقافة العمل الحر لدى جيل الشباب، وأهمية استمرار التدريب المستمر في كافة القطاعات لتحقيق كفاءة إنتاجية ترتقي بالاقتصاد الوطني، وتكسب العاملين المهارات اللازمة لتطوير أنفسهم مهنياً وفنياً.
وكذلك تسهيل الشروط المتعلقة بالتوظيف، وخاصة فيما يتعلق بالشرط الذي يتعلّق بتوفر الخبرة وهو ما يعيق الخريجين الجدد من الالتحاق ببعض الوظائف المطروحة. ودعت التوصيات إلى توفير التأمين الصحي للشركات التي يكون العمل بها ذا ظروف خاصة، ومراعاة الراوتب للعمال الفنيين حسب طبيعة عملهم. كما أوصى الملتقى بضرورة تسهيل إجراءات البنوك الائتمانية للعاملين في القطاع الخاص، وكذلك أهمية تغيير ثقافة المجتمع حول بعض المهن والتشغيل وتحفيزهم للانخراط في الأعمال والمهن المختلفة.
ويأتي الملتقى الثاني للشباب في إطار خطط وبرامج لجنة تنمية الموارد البشرية وسوق العمل بغرفة تجارة وصناعة عُمان لدعم جهود الحكومة الرشيدة لتحفيز الشباب للانخراط في سوق العمل ومد جسور التواصل بين مؤسسات القطاع الخاص وفئة الشباب. وقررت اللجنة عقد الملتقى الثاني للشباب تحت عنوان "تطلعات الشباب ومتطلبات سوق العمل" لاطلاعهم على الدور الذي تقوم به الغرفة من خلال لجنة تنمية الموارد البشرية وسوق العمل في دعم كافة المجالات التي تسهم في تطوير وتنمية الموارد البشرية. وتعتزم اللجنة عقد ملتقيات مماثلة في بقية المحافظات بغية تعميم الفائدة. ويهدف الملتقى إلى خلق قناة اتصال بين الغرفة وفئة الشباب من خلال إطلاع الشباب على دور مؤسسات القطاع الخاص في دعم سوق العمل وفتح الحوار لملامسة تطلعاتهم ومرئياتهم حول التشغيل في القطاع الخاص وتوضيح ماهية المتطلبات اللازمة للانخراط في سوق العمل خصوصاً في الجوانب المتعلقة بالتأهيل والتدريب لخلق كوادر بشرية مدربة تتناسب واحتياجات الشركات والمؤسسات في القطاع الخاص. ويستهدف الملتقى فئة الشباب من الذكور والإناث من المنتسبين إلى الجامعات والكليات والمتوقع تخرجهم في الفترة القادمة وبالتالي دخولهم سوق العمل. بالإضافة الى فئة الباحثين عن عمل.