
مسقط - محمد الرزيقي
نظم مجلس البحث العلمي -ممثلاً في مركز عُمان للموارد الوراثية النباتية والحيوانية- فعالية المقهى العلمي الثاني لمناقشة موضوع الاحتباس الحراري وأثره على الموارد الوراثية؛ وذلك تزامناً مع فعاليات الاجتماع الخامس للجهاز الرئاسي للمعاهدة الدولية للموارد الوراثية النباتية، الذي استضافته السلطنة -ممثلة بوزارة الزراعة والثروة السمكية- خلال الفترة من 21-28 من الشهر الجاري.
وتم خلال فعاليات المقهى التطرق إلى العديد من النقاط المهمة حول الاحتباس الحراري وتداعياته وتأثيرة على الموارد الوراثية وجهود السلطنة المختلفة للتعامل مع هذه الظاهرة.. وفي هذا الشأن، تحدث الدكتور علي اللواتي مدير دائرة البرامج والبحوث بمجلس البحث العلمي، في مداخلته قائلا: إن العديد من الدراسات العالمية أشارت حول خطورة التغير المناخي وتأثيرها السلبي على الموارد الوراثية؛ فعلى سبيل المثال تشير بعض الدراسات المحلية إلى أن شجرة العلعلان بالجبل الاخضر بدأت تتأثر تدريجيًّا بالتناقص في مستوى نمو الشجيرات الصغيرة لشجرة العلعلان؛ وذلك نظرا لتأثرها بالاحتباس الحراري.
ومن جانبه، أكد الدكتور صالح السعدي رئيس قسم التنوع الإحيائي بوزارة البيئة والشؤون المناخية، أن مشكلة الاحتباس الحراري تعتبر من المشاكل العالمية، وتأثيرها على الموارد الوراثية الحيوانية والنباتية يتطلب تضافر الجهود والتنسيق الجيد بين الجهات المختصة؛ مثل: وزارة الزراعة والثروة السمكية، ووزارة البيئة والشؤون المناخية، ومركز عُمان للموارد الوراثية الحيوانية والنباتية؛ من أجل إيجاد الحلول، والمساهمة في الحد من الاحتباس الحراري.
ويُذكر أن ظاهرة الاحتباس الحراري أو التغيُّر المناخي تعتبر كارثة بيئية ناتجة عن التلوث بالغازات الحابسة للحرارة، أو ما يسمى بالغازات الدفيئة؛ حيث إن لديها قدرة كبيرة على امتصاص حرارة الشمس المنعكسة عن سطح الأرض؛ ومن أهم هذه الغازات: ثاني أكسيد الكربون، وغاز الميثان؛ مما يُؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي والمحيطات عن معدلها الطبيعي.
كما تسبب ظاهرة الاحتباس الحراري أضرارًا جسيمة للحياة الفطرية والبشرية، وتساهم في انتشار الأمراض مثل الحمى والملاريا. ويحدث الاحتباس الحراري نتيجة لعدة عوامل؛ منها ما هو طبيعي، ومنها ما هو من تأثير البشر. ومن العوامل الطبيعية: انبعاث غاز الميثان من القطبين الشمالي والجنوبي، وأيضا من الأراضي الرطبة، والذي يحتبس حرارة الشمس داخلة.. أما العوامل البشرية، فهي الأسوأ والأكثر تأثيراً وهي عوامل كثيرة جدًّا؛ من أهمها: التلوث والذي يأتي على أشكال ودرجات مختلفة؛ فالوقود الأحفوري يمثل أهم مصدر من مصادر الطاقة للبشرية ولكنه في الوقت نفسه يعد من أهم عوامل التلوث البيئي، والذي يطلق غاز يسمى ثاني أكسيد الكربون عن حرق هذا الوقود. ويعتبر غاز ثاني أكسيد الكربون العامل الرئيسي المسبب لارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض وارتفاع احتمالية وقوع الأنواء المناخية والتصحر والفيضانات والأضرار الصحية.
كما يؤثر الاحتباس الحراري على البشرية (الصحة والغذاء) والنظام البيئي والمياة العذبة (نقص المياه العذبة) والمحيطات (الجليد وتذبذب منسوب المياه) ودرجات الحرارة (في المحيطات والغلاف الجوي).
وفي عُمان تظهر الدراسات المحلية تأثر النظام الطبيعي والكائنات الحية بالتغير المناخي؛ فعلى سبيل المثال الانتشار السريع لبعض الفيروسات الضارة بالنباتات خلال فصلي الصيف والشتاء. كذلك اختلاف أوقات هجرة وتكاثر بعض الأسماك والطيور. كما أثر انصهار الجليد على ساحل الباطنة مما أدى إلى خلق مشكلة الملوحة للمياه الجوفية نتيجة لاختلاطها بمياه البحر، إضافة إلى ذلك تعرض السلطنة لأنواء مناخية تمثلت في إعصاري (جونو) و(فيت) مما أدى إلى الكثير من الخسائر.
وقد أكد الخبراء حول أهمية العمل من أجل الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري وعلى ضرورة رفع الوعي بخطورة هذه الظاهرة وطرح مواضيع ذات الصلة بالبحث العلمي والموارد الوراثية، واقتراح الطريقة المثلى لمعالجة الاحتباس الحراري والحد منه.
ويُذكر أن فكرة إقامة المقاهي العلمية التي ينظمها مركز عُمان للموارد الوراثية تكمن في مناقشة العديد من المواضيع العلمية المهمة؛ وذلك عن طريق استضافة العلماء والخبراء والمهتمين من الجمهور؛ حيث قالت الدكتورة نادية السعدية المديرة التنفيذية لمركز عُمان للموارد الوراثية الحيوانية والنباتية: إن فكرة المقهى العلمي فكرة جديدة في عُمان؛ وتأتي إيمانا من مركز عُمان للموارد الوراثية الحيوانية والنباتية حول تعزيز الحوار وتضافر الجهود بين العلماء والمجتمع ورفع الوعي بأهمية الموارد الوراثية والتعريف بالتحديات التي تواجهها والطرق العلمية لمعالجتها أو الحد منها، إضافة إلى مشاركة الجمهور والمساهمة في النقاشات التي تدور حول الموارد الوراثية بأسلوب علمي ممتع.