مسقط - إبراهيم الحسني
انطلق، أمس، البرنامج القيادي "الحاكمية الرشيدة"، والذي يستهدف مديري العموم ومساعديهم ومديري الإدارات وصنّاعي القرار من مختلف مديريات ووحدات وإدارات بلدية مسقط.
وأكد سعادة السيد سالم بن مسلم البوسعيدي وكيل وزارة الخدمة المدنية للتطوير الإداري، أهمية تطوير القيادات الإدارية بمؤسسات الدولة بما يتواكب مع مستجدات الأنظمة العالمية، ويُحفز على العمل المُنتِج والمثمِر مع التركيز على الدقة والسرعة لتحقيق الأهداف المرسومة لخدمة هذا الوطن المعطاء. وألقى البوسعيدي كلمة لدى رعايته حفل انطلاق البرنامج، بحضور سعادة المهندس سلطان بن حمدون الحارثي رئيس بلدية مسقط بقاعة المحاضرات بجامع السلطان قابوس الأكبر. وأضاف سعادته بأن البلدية تسعى لتأهيل وتدريب الكوادر بما يخدم قطاعات العمل الخدمي والبلدي؛ حيث يعد العنصر البشري هو الركيزة والأساس في أية جهة حكومية أو خاصة، متمنيا سعادته للمشاركين حسن الاستفادة وتحقيق الأهداف والغايات من هذا البرنامج.
وأوضح المحاضر والمدرب الدولي المعتمد يوسف محمد، أن هناك عدة تعريفات للحاكمية الرشيدة؛ من أبرزها: تعريف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بأنها "ممارسة السلطة الاقتصادية والسياسية والإدارية لإدارة شؤون الدولة على كافة المستويات، وتشمل الآليات والعمليات والمؤسسات التي من خلالها يعبّر المواطنون والمجموعات عن مصالحهم، ويمارسون حقوقهم القانونية ويوفون بالتزاماتهم ويقبلون الوساطة لحل خلافاتهم". وتابع بأن تعريف تقرير التنمية الإنسانية العربية يقول إنها "الحكم الذي يعزز ويدعم ويصون رفاه الإنسان ويقوم على توسيع قدرات البشر وخياراتهم وفرصهم وحرّياتهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ويسعى إلى تمثيل كافة فئات الشعب تمثيلاً كاملاً وتكون مسؤولة أمامه لضمان مصالح جميع أفراد الشعب". واستعرض محمد تعريف مركز دراسات وبحوث الدول النامية، وهو في مجمله يعني أن الحاكمية الرشيدة جزءٌ لا يتجزأ من منظومة حقوق الإنسان والديمقراطية والمجتمع المدني والمواطنة والمشاركة والتنمية البشرية المستدامة، وأن الحكم الرشيد مسألة متعلقة بمؤسسات الدولة والحكومة ومنظمات المجتمع المدني ومؤسسات القطاع الخاص، وهو أسلوب إدارة وتوجيه المؤسسة، والطريقة التي تباشر بها السلطة إدارة الموارد المالية والبشرية للمؤسسة بغية تحقيق أهدافها، ولكي يكون هذا الحكم رشيدًا يجب أن يتصف بسيادة القانون والنزاهة والشفافية والمشاركة والكفاءة المؤسسية.
وتفاعل المشاركون مع المدرب في إثراء المفاهيم المتعلقة بالخبرات ومنهجيات العمل البلدي المرتبطة بالهيكلة الإدارية وآليات دراسة ووضع القرارات ومتابعتها. وأشار المحاضر لكي تتمكّن هذه الآليات والمؤسسات من أن تكون فعّالة من وجهة نظر المجتمع، ينبغي أن تتمتّع بخصائص: المشاركة، والشفافية، والمساواة، وسيادة القانون، الاستجابة (لمصلحة جميع الأطراف)، الاهتمام بالإجماع والتوافق، والجودة، والانتاجية، والمساءلة، والرؤية الاستراتيجية، والكفاءة والفاعلية، والاستدامة. ولفت المحاضر إلى أن الحكم الرشيد والصالح يتضمن ممارسة السلطة وحقوقها وفقا لمبدأ المحاسبة بما في ذلك الآليات والعمليات التي تتخذها هذه السلطة في ادارة شؤون المؤسسة والتسيير الفعّال لأعمالها، وتكون ممارسة السلطة نابعة من سيادة القانون والنزاهة والشفافية. وأضاف بأن الحكم الرشيد يسعى لتعزيز القدرات المؤسسية وتمكين البشر وتوسيع الخيارات والفرص أمامهم للاستفادة من التنمية ومؤسساتها وبرامجها، ويسعى لتحقيق مصالح الناس، من خلال مشاركتهم في صنع القرار وتطبيق القانون ومحاربة الفساد وإرساء قيم الديمقراطية والعدالة والمساواة. وأكد أن الحكم الرشيد يرسي قواعد العدل والمساواة ويسعى لإعمال مبدأ تكافؤ الفرص بين أفراد المجتمع في الوصول الى الموارد والاستفادة منها بما يكفل إتاحة المشاركة للجميع. كما يتضمَّن الحكم الرشيد آليات انتخاب السلطة الشرعية للمؤسسة وكيفية ممارسة الصلاحيات الممنوحة لها حسب القانون لتسيير شؤون المؤسسة من أجل الصالح العام وما يتضمنه ذلك من اختيار القائمين على السلطة ومراقبتهم؛ والقدرة على إدارة الموارد بفعالية وكفاءة. وزاد بالقول إن الحكم الرشيد يعزز دور منظمات المجتمع المدني ومؤسسات التنمية في تحقيق أهدافها وتلبية احتياجات الفئات التي وجدت من أجلها بأفضل صورة ممكنة. وأوضح أن من الشروط الأساسية التي تساعد منظمات المجتمع المدني على تحقيق خصائص الحكم الرشيد هو مدى التزامها بتوفير عناصر وأركان العمل المؤسسي شكلا ومضمونا خاصة وجود تشريعات وقوانين وانظمة ولوائح تحكم المؤسسة ووجود موارد بشرية مدربة ومحفزة ومنتمية ووجود خطط متكاملة ووجود بنية تنظيمية. ويعتبر الحكم الرشيد ضمانة لتمكين المؤسسات والمنظمات والبرامج التنموية من القيام بدورها في تعزيز رفاه الناس وتوسيع قدرات البشر وخياراتهم وحرياتهم وفرصهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، خاصة الأكثر فقرا وتهميشا. وغياب الحكم الرشيد والصالح يمثل عاملا أساسيا في إعاقة الجهود الرامية الى تحقيق أهداف التنمية ويعمق التهميش ويولد عدم الاستقرار في المؤسسات.
ويتواصل، اليوم، البرنامج، على أن يُختتم غدًا الأربعاء، وسيركز على بناء اتجاهات ايجابية نحو أهمية تطبيق معايير الحاكمية الرشيدة وعلى التجارب التطبيقية العلمية بأسلوب حواري وإثرائي بين المشاركين والمدرب.