يأخذ الإقراض الشخصي في منطقة الخليج، منحًى تصاعديًّا بوتيرة متسارعة، بصورة دفعت بعض الاقتصاديين إلى قرع ناقوس الخطر من مغبَّة الآثار الاقتصادية والاجتماعية التي قد تترتب على ذلك مستقبلاً.
فالقروض الشخصيَّة، ورغم ما قد تشكله في نظر البعض من قوة مُحركة لعجلات الاقتصاد الوطني لأي دولة، إلا أن حجم الإنفاق الكبير للأسر الخليجية -وبتمويل من القروض البنكية الشخصية- يُثير المخاوف من احتمالية أن تنجر دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى مُستنقع أزمة مالية يصعُب الخروج منه، خاصة في ظل الزيادة المضطردة لعمليات الإقراض الفردية وتناميها صوب التمويل الاستهلاكي، على حساب التمويل الاستثماري والإنتاجي للأفراد.. ونستطيع أن نتصور الآثار المتوقعة، إذا علمنا أن القروض الشخصية في دول مجلس التعاون الخليجي تقدَّر بحوالي 250 مليار دولار.
ورغم أن ترتيب السلطنة في قائمة القروض الشخصية بدول المجلس ليس متقدمًا كثيرًا، إلا أنها تعاني من هذه المشكلة، وإن كانت بدرجة أقل من شقيقاتها الخليجيات.
وقد برزت إلى العلن، مؤخرًا، جهودٌ دؤوبة للحد من ظاهرة القروض الشخصية في السلطنة؛ حيث نوقشت القضية على مستوى مجلس الشورى الذي خرج بحزمة توصيات، تمت مناقشتها من قبل البنك المركزي العماني والبنوك التجارية.
ويُمكن قراءة قرار مجلس محافظي البنك المركزي العماني، أمس، بتخفيض سقف سعر الفائدة على القروض الشخصية الجديدة من 7% إلى 6%، بأنه يأتي في إطار السعي لتخفيف الأعباء المالية عن كاهل المُقترضِين من جهة، وفي الوقت ذاته لتشجيع الإقراض الإنتاجي للأفراد كبديل عن الاستهلاكي.
حيث إنه بالرغم من الأهمية التي تمثلها القروض الشخصية -أحيانَا- بالنسبة للمواطنين والمقيمين؛ لتلبية الطلب على الاحتياجات ومستلزمات الحياة العصرية، ينبغي مراعاة أن يكون حجم وتكلفة الائتمان في السوق المحلية عند مستوى ملائم يُشجع على الادخار ويضمن توفير وضع أمثل للإنتاج وتعبئة الموارد مع تحقيق الاستقرار في مستويات الأسعار، وأيضًا مراعاة أن تكون المتغيرات الحادثة في مستوى كلفة الائتمان موجَّهة لخدمة التنمية الاجتماعية، وتعزيز المصالح الاقتصادية العليا للسلطنة على المدى البعيد؛ من خلال توجيه الائتمان إلى القطاعات الإنتاجية الداعمة للاقتصاد الوطني، مع الحد من الطلب المُبالغ فيه على القروض الشخصية.