إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الجنرال جياب.. العسكري "العبقري" الذي قهر الغرب في مستنقعات فيتنام

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الجنرال جياب.. العسكري "العبقري" الذي قهر الغرب في مستنقعات فيتنام


    هانوي - الوكالات
    كان الجنرال فو نجوين جياب -الذي توفي منذ يومين عن 102 عام- واحدًا من أعظم الاستراتيجيين العسكريين في التاريخ، حيث إنه مهندس انتصارات فيتنام العسكرية المذهلة في معاركها ضد فرنسا والولايات المتحدة.
    ولا يُنازع الجنرال جياب على المكانة والاحترام في فيتنام سوى القائد الثوري الراحل هو شي منه. وتعلم جياب -الذي كان أستاذاً للتاريخ- درسه العسكري الأول من موسوعة قديمة حول آلية عمل القنبلة اليدوية. وُلد الجنرال جياب لعالم أكاديمي فقير، وكبُر ليُصبح الجنرال الذي هزم سادة فيتنام الاستعماريين في معركة ديان بيان فو، في العام 1954، والتي شكلت نهاية الحكم الفرنسي في الهند الصينية، وبداية التورط الأمريكي المباشر الذي قاد إلى حرب فيتنام الشهيرة. وخلال العقدين التاليين، قاد الجنرال جياب -الأب المؤسس لجيش الشعب الفيتنامي، الذي ألهمت تكتيكاته العسكرية التي تقوم على حرب العصابات، المقاتلين المناهضين للاستعمار في أنحاء العالم- قواته مرة أخرى إلى النصر مع سقوط سايجون في 30 أبريل 1975. وقال الجنرال جياب في مقابلة مع شبكة بي.بي.إس: "عندما كنت شابا، كان عندي حلم بأن أرى بلادي يومًا ما حرة وموحدة.. وفي ذلك اليوم تحقق حلمي". وكتب الصحفي والمؤلف الأمريكي ستانلي كارنو أن عبقرية جياب كاستراتيجي عسكري تضعه "في نفس المرتبة مع عظام القادة العسكريين"؛ مثل: الدوق ويلنجتون ويوليسيس جرانت والجنرال دوجلاس ماكارثر. وأضاف: "ولكن على عكسهم، فإن إنجازاته تعود إلى عبقريته الفطرية وليس إلى التدريب الرسمي". واشار آخرون إلى الخسائر البشرية الهائلة التي كان جياب على استعداد للتضحية بها في نضاله من أجل الحرية، والذي أسفر عن مقتل ملايين الفيتناميين في أرض المعركة.
    ولد جياب في 25 أغسطس من العام 1911 في قرية في وسط ولاية كوناج بنه. وكان معجبا بنابليون وصن تزو، إلا أنه لم تكن تبدو عليه مؤشرات بأنه سيصبح قائدا عسكريا عظيما. وكان يتحدث الفرنسية بطلاقة، ودرس الاقتصاد السياسي في هانوي قبل أن يعمل مدرسًا للتاريخ والأدب في إحدى الكليات، وعمل صحفيا سريا. وكان عضوا في حزب الهند الصينية الشيوعي، وفر إلى الصين في العام 1939؛ حيث التحق بهو شي منه القائد الفيتنامي الذي كان يُخطط للقيام بثورة خلال عقود من عيشه في المنفى. وتوفيت زوجة جياب التي بقيت في فيتنام مع ابنها الصغير، في سجن فرنسي. وكانت هذه بمثابة مأساة شخصية أشعلت غضبه ضد الاستعماريين. وعاد مع هو شي منه إلى غابات فيتنام الشمالية في 1941 ليدرب جيشا من الجنود الفلاحين الثوريين ويؤسس فيت منه.
    واتبع جياب تكتيكات حرب الميليشيات بإلهام من ماو تسي تونج. وركزت تلك التكتيكات على ضرورة الحصول على الدعم الشعبي وأهمية الكر والفر وتوفر العزيمة لخوض حرب طويلة. وتمكن جياب من خلال هذه التكتيكات من تحقيق النصر على الجيوش الفرنسية والأمريكية. وكتب في إحدى مذكراته العديدة "إن حرب العصابات هي حرب الجماهير العريضة في بلد متخلف اقتصاديًّا ضد جيش عدواني جيد التدريب". وقال: "كل واحد من السكان هو جندي، وكل قرية هي حصن". وأعلن هو شيه منه أول حكومة له في 2 سبتمبر 1945، وعُين جياب وزيرا للداخلية وقائدا للجيش، وبعد ذلك وزيرا للدفاع. وأُجبر الرجلان الثوريان على العودة الى الغابة عندما اعادت القوات الفرنسية فرض الحكم الاستعماري بعد الحرب العالمية الثانية، مما ادى الى اندلاع نزاع استمر تسع سنوات وانتهى بمعركة ديان بيان فو. وقال جياب لاحقا: "لقد كانت تلك اول هزيمة عظيمة للغرب.. هزت أسس الاستعمار وجعلت الناس يقاتلون من اجل حريتهم. لقد كانت تلك بداية الحضارة العالمية". وبقي جياب قائدا للجيش طوال النزاع مع الأمريكيين ومع نظام فيتنام الجنوبية الموالي للولايات المتحدة، والذي تحول الى حرب شاملة بدأت في 1965 وادت الى مقتل 58 الف أمريكي وثلاثة ملايين فيتنامي على الاقل.
    وأدى سقوط سايجون في 30 أبريل 1975 الى اضفاء هالة اسطورية على جياب في العالم كاستراتيجي عسكري محنك، مما ألهم العديد من الحركات التحررية في العالم. وقال رئيس جنوب افريقيا ثابو مبيكي في 2007 "اثناء نشأتنا مع نضالنا كان الجنرال جياب واحدا من ابطالنا القوميين". إلا ان قرب جياب من "العم هو" وتصرفه بغرور احيانا أكسبه العديد من الاعداء ومن بينهم زعيم الحزب لي دوان. وتلاشى نفوذ جياب مع وفاة هو شي منه في 1969، وجرى تحييده على الهامش السياسي بعد ان تولى الحزب الشيوعي السيطرة على فيتنام الموحدة في 1975.
    وبعد خمس سنوات من انتهاء الحرب، خسر جياب منصبه وزيرا للدفاع. وتم إخراجه تدريجيا من المكتب السياسي للحزب في 1982 وترك السياسة رسميا عام 1991. غير أن كونه واحدا من اعظم القادة العسكريين في فيتنام منحه حق التحدث بصراحة. وحين كان في التسعين من عمره كان جياب لا يزال طليق اللسان بحيث كان يتسبب في اثارة اللغط، وكان يكتب الرسائل المفتوحة ويستغل المناسبات السنوية لانتقاد كل شيء من الفساد إلى استخراج مادة البوكسيت.
    وخلَّف جياب -الذي عاش سنواته الثلاث الأخيرة في المستشفى العسكري- وراءه زوجته دانج بيتش ها التي تزوجها عام 1949، وأربعة أولاد.
يعمل...
X