إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ذكرى "أكتوبر 1973".. احتفال بالنصر وسط تشظي المشهد السياسي المصري

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ذكرى "أكتوبر 1973".. احتفال بالنصر وسط تشظي المشهد السياسي المصري


    الرؤية - أحمد عمر
    تحل، اليوم، الذكرى الأربعين لنصر أكتوبر المجيد، والذي سطَّر فيه الجيش المصري أزهى انتصار عسكري في القرن الحديث؛ في مسعى منه لاستعادة الأراضي المحتلة في سيناء، وفرض واقع مُغاير على الأرض؛ يُحطم أسطورة جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي لطالما روَّج وزعم -زورًا- أنه "الجيش الذي لا يُهزم".
    غير أنَّ الذكرى تحل والأمة العربية -خاصة المصرية- تعاني من وطأة اضطرابات عنيفة، تهدد بقوة الاستقرار المجتمعي، فلم تزل تداعيات عزل الجيش للرئيس السابق محمد مرسي -والمنتمي لجماعة الإخوان المسلمين التي حظرها القضاء المصري مؤخرًا- مثارَ جدل وعنف في الوقت ذاته، كما تتواصل المظاهرات الرافضة لعزل أول رئيس منتخب في البلاد بعد ثورة يناير، وعادة ما يُصاحب تلك المظاهرات أعمال عنف واشتباكات مُتبادلة.
    وفي غَمْرة الاحتفالات الرسمية بذكرى النصر، تواصلت الدعوات من قبل القوى السياسية المختلفة -بمن فيهم الإخوان المسلمون، وحلفاؤهم- إلى الاحتفال في مختلف الميادين بالذكرى، إلا أن دعوة الاحتفال تتباين لدى كل طرف؛ فحركة تمرد -التي ساهمت في الحشد الشعبي للإطاحة بمرسي- دعت إلى التظاهر اليوم بأنحاء البلاد في ذكرى الحرب. وجاءت الدعوة بعد ساعات من تحدِّي ما يُسمى بـ"التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب" المؤيد لجماعة الإخوان المسلمين، الجيش بدعوة أنصاره للتظاهر في ذكرى حرب أكتوبر.
    وقال محمود بدر -أبرز قادة تمرد- في مؤتمر صحفي، أمس: "ندعو كل المصريين للتظاهر (اليوم الأحد) في كل ميادين التحرير للتأكيد على أن الشعب لن يسمح لأحد بسرقة ثورته، ولن يسمح للعصابات المسلحة لفرض إرادتها على الشعب المصري". وقال محمد عبد العزيز -القيادي بتمرد أيضًا- إن "الدعوة للتظاهر تأتي لاستكمال ثورة 30 يونيو، وللاحتفال بنصر 6 أكتوبر، ولانتصار الشعب المصري في ثورة 30 يونيو و25 يناير".
    وجدَّد التحالف المؤيِّد لجماعة الإخوان المسلمين -في بيان له، أمس- دعوته لأنصاره "باستمرار تظاهرهم في كل مكان في مصر، وبالتجمع في ميدان التحرير، اليوم، للاحتفال بجيش نصر أكتوبر وقادته". وقال التحالف: "ميدان التحرير ونصر أكتوبر ملكٌ لكل المصريين، ولن نتسامح مع أي أحد يمنعنا من الاحتفال بالنصر أو التظاهر في كل ميادين مصر"، فيما أسماه مليونية "القاهرة عاصمة الثورة".
    ومن جانبها، حذرت السلطات المصرية جماعة الإخوان المسلمين من تنظيم احتجاجات عنيفة، وشدَّدت إجراءات الأمن في كل المدن وحول المنشآت الاستراتيجية بعد اشتباكات قُتل فيها أربعة أشخاص على الأقل أمس الأول. ونظم مؤيدو مرسي، الجمعة، أكثر مظاهراتهم جرأة منذ أن فضَّت قوات الأمن اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، يوم 14 أغسطس الماضي. ودعا معارضون ومؤيدون للإخوان إلى تنظيم احتجاجات حاشدة اليوم، تزامنا مع احتفالات ذكرى حرب أكتوبر. وجاء في بيان لوزارة الداخلية: "تؤكد الوزارة تصديها بكل حسم لكافة مظاهر الخروج على القانون والعنف الذي ينتهجه أنصار جماعة الإخوان خلال مسيراتهم". وأوضحت في بيانها أن أجهزتها تكثف متابعاتها الأمنية "من خلال انتشار الدوريات الأمنية بالطرق السريعة وداخل المدن وتأمين كافة المنشآت المهمة والحيوية والشرطية". وحذر البيان "من أية محاولات تعكر أجواء احتفالات شعب مصر بذكرى انتصار حرب أكتوبر العظيم". وعزَّز الجيش تواجده في محيط ميدان التحرير، وهو قلب احتجاجات ثورة يناير التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك في العام 2011.
    وفي محاولة فيما يبدو لطمأنة المصريين الذين يشعرون بالقلق من اضطراب الأوضاع، قال رئيس الوزراء حازم الببلاوي -في بيان إلى الأمة، أمس- إن "عناصر الشر" مازالت تمثل خطرًا، لكنها فقدت الكثير من قوتها في إشارة إلى المتشددين الإسلاميين. وقال الببلاوي إن خارطة الطريق السياسية تسير في مسارها الطبيعي، وأنه يأمل إتمام تنفيذها قريبًا. وأضاف بأن الاقتصاد بدأ يتحسن وأنه توجد علامات واضحة ومؤشرات مطمئنة. وشنت السلطات حملة صارمة على جماعة الإخوان المسلمين التي فازت في كل الانتخابات منذ سقوط مبارك، لكنها فقدت جزءًا كبيرًا من شعبيتها أثناء حكم مرسي؛ حيث اتهمها كثير من المصريين بمحاولة الاستحواذ على سلطات واسعة وسوء إدارة الاقتصاد، وهي مزاعم تنفيها الجماعة. وتتهم جماعة الإخوان المسلمين الجيش بالقيام بما تصفه بالانقلاب وإفساد الديمقراطية في مصر بعزل مرسي.
    غير أن المتشدين الإسلاميين صعَّدوا من هجماتهم في سيناء بشكل غير مسبوق. وتتزايد المخاوف من أن يمتد نشاط الإسلاميين إلى خارج سيناء. وفي سبتمبر، أعلنت جماعة متشددة -مقرها سيناء- المسؤولية عن محاولة فاشلة لاغتيال وزير الداخلية في القاهرة.
    وينتاب المصريون حالة من القلق والتوتر لما قد تسفر عنه أحداث اليوم، ويأمل المراقبون أن تسير المظاهرات من قبل الجانبين بسلام، على الرغم من التكهنات باحتمالية وقوع اشتباكات إذا ما حدثت مواجهات بين مؤيدي الإخوان وغيرهم من القوى السياسية.
    وتسود مصر في الوقت الحالي مشاعر مُختلطة، بين الرجاء واليأس، حيث أدى تفاقم الأوضاع السياسية والأمنية وتأثيرها على الحالة الاقتصادية للبلاد، إلى تنامي مشاعر الغضب ضد الإسلاميين الذين أداروا البلاد لفترة وجيزة سعوا خلالها إلى إحكام السيطرة على مفاصل الدولة؛ مما دفعهم إلى تجاهل المشكلات الاقتصادية الحقيقية، فضلا عن خوض معارك سياسية ضد مؤسسات الدولة المختلفة؛ بحسب ما يقول مراقبون. ويلقي بعض المحليين باللوم على جماعة الإخوان المسملين في مصر بأنها لم تسع إلى بلورة تحالف سياسي قوي يجمع كافة الأطياف السياسية في البلاد، بل لجأت إلى التحالف مع إسلاميين ومجاهدين سابقين، شنوا بدورهم انتقادات عنيفة على القوى السياسية العلمانية والليبرالية الأخرى، بلغ بعضها حدَّ التهديد بالقتل.
    وعلى الرغم من احتفال الرئيس السابق محمد مرسي العام الماضي بذكرى الحرب مع قادة الجيش، إلا أنه لم يكن أحرز أيَّ تقدم في معالجة الملفات التي وعد بحلها في بداية حكمه، لا سيما وأنه تولى مقاليد السلطة مطلع يوليو من العام الماضي.
    وفي السابق، كانت الاحتفالات في مصر بذكرى الحرب تقتصر على الجانب الإعلامي دون نزول المواطنين الى الشوارع، غير أن فكرة النزول إلى الشارع تجلت بعد ثورة يناير 2011، وقد استغلها القادة السياسيون لتحقيق مكاسب سياسية وجذب الجموع لبرامج الأحزاب والقوى المخلتفة.
    ويبدو من الواضح أن المشهد السياسي في مصر يتجه إلى مزيد من التعقيدات، لاسيما مع عدم الإعلان عن أيِّ تقدم حقيقي أحرزته زيارة مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، وهو ما يشي بأن الزيارة التي التقت فيها المبعوثة الأوروبية بأطياف سياسية مختلفة لم تجدِ نفعاً في حلحلة الموقف السياسي.
    لكنَّ الحكومة المؤقتة في البلاد تؤكد على الدوام أنها ماضية في خريطة الطريق التي أعلنها الجيش في 3 يوليو الماضي، وباركتها أحزاب وائتلافات سياسية متنوعة، ولم تعارضها سوى جماعة الإخوان المسلمين. ومن المؤمل أن تنتهي خطوات خارطة الطريق بوضع تعديلات دستورية وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة، إلا أن المخاوف لا تزال قائمة بشأن التوافق على فحوى هذه التعديلات والتي تثير الجدل يومًا تلو الآخر.
    ويبقى الوضع في مصر رهنًا بتوافق القوى السياسية المختلفة، وحبيس آمال تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة.. فهل تتمكن ذكرى حرب أكتوبر في إحراز نصر جديد وبدء مرحلة من الاستقرار والتعافي لأكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، أم ستتواصل التداعيات وتظل الأزمة قابعة في مستنقع الخلافات؟
يعمل...
X