تحذير الرئيس الفلسطيني محمود عباس من أنّ فشل المفاوضات الجارية حاليًا بين الفلسطنيين والإسرائيليين، سيكون بمثابة إعلان وفاة للفرصة الأخيرة للسلام؛ تحذير في محله، وفي وقته تمامًا في ظل التسويف والممارسات الإسرائيلية الهادفة إلى استغلال المفاوضات في كسب الوقت لتنفيذ المزيد من المشاريع الاستيطانية على الأراضي الفلسطينية. وينبغي للولايات المتحدة المتحدة باعتبارها راعية لمفاوضات السلام الجارية حاليًا، والمجتمع الدولي ككل، أخذ تحذير أبو مازن على محمل الجد، والتعاطي معه بروح المسؤولية التاريخية، فهي بالفعل قد تكون الفرصة الأخيرة للتوصل إلى اتفاق ينهي عقود الصراع، ويقيم دولتين مستقلتين تعيشان جنبًا إلى جنب، و وأد هذه الفرصة سيضع المنطقة على فوهة بركان من التوتر، قد ينفجر في أية لحظة ليغرقها في دوامة العنف والحروب، وسيفتح المجال أمام كل الاحتمالات الكارثية.
وحتى في ظل السعي الأمريكي لتكثيف المحادثات التي بدأت أواخر يوليو الماضي في أعقاب جمود طويل امتد لثلاثة أعوام، إلا أنّه وإلى الآن لم تظهر أية دلائل على تحقيق أقل قدر من التقدم.
وشواهد الواقع المعاش، تؤكد أنّ إسرائيل تسعى حثيثا لتقويض الجهد السلمي المتمثل في المفاوضات الجارية الآن بين الطرفين، مما يدعم الشكوك واسعة النطاق في إمكانية أن تقود المفاوضات الحالية إلى نتيجة تذكر على صعيد التوصل إلى تفاهمات تؤسس لحل الدولتين المجمع عليه دوليًا، وكل ذلك بسبب التعنّت الإسرائيلي، الذي يسفر في كل يوم عن وجه جديد موغل في الصلف والعنجهية.
وها هو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعلن على الملأ مطلع هذا الأسبوع أنّه لا يقبل الحلول الوسط مع الجانب الفلسطيني، في محاولة لكسب ود المتشددين ومناصري المستوطنات اليهودية، والذين يقفون بالمرصاد لإجهاض أي مسعى سلمي يرمي إلى التوصل إلى حلول واقعية، وعادلة للقضية؛ تعيد للفلسطينيين حقوقهم في الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967، لدرجة أنّ أعضاء في ائتلاف نتنياهو دعوا صراحة إلى إنهاء عملية السلام؛ مما يعني أنّ صناع القرار في إسرائيل غير مستعدين للتوصل إلى اتفاق، بل يماطلون ويسوفون بهدف كسب الوقت.
وفي ظل هذا الواقع القاتم، يبقى الحديث عن تحقيق الهدف الأمريكي في التوصل إلى اتفاق بحلول أبريل المقبل، ضرب من الخيال.