- المعرض فرصة للتعريف بعلاقة العمانيين بالبحر والتواصل مع مختلفالثقافات
- تسليط الضوء على الإسهام العماني في إرساء قيم التسامح والتواصل الحضاري
- إضاءة جوانب من أعمال البحار العماني المشهور أحمد بن ماجد.. ويحكي أمجاده
باريس - (موفدة الرؤية) مدرين المكتومية
رأى عدد من المسؤولين المشاركين في افتتاح معرض "عمان والبحر"، الذي يقام في باريس وتستمر فعالياته حتى شهر يناير من العام المقبل 2014، أنّ المعرض يمثل فرصة للتعريف بالإرث الحضاري العماني وخاصة فيما يتعلق بعلاقة العمانيين بالبحر والتي تمتد إلى أكثر من 5000 سنة من التراث والتاريخ والتواصل مع مختلف الثقافات والحضارات.
واعتبروا في تصريحات لـ"الرؤية " أنّ المعرض – والذي يعد الحدث الأول من نوعه وبهذا المستوى - يجسد عمق العلاقات والصداقة التاريخية بين فرنسا وعمان، ويدشن مرحلة جديدة من هذه العلاقات .
وعبروا عن تطلعهم إلى إقامة المزيد من هذه المعارض الحضارية العمانية في إطار التفاهم والحوار بين مختلف الحضارات، والدعوة إلى تكريس السلم والتعاون بين مختلف الشعوب والثقافات.
واعتبر معالي السيّد بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي أمين عام وزارة الخارجية المعرض حدثا الأول من نوعه وبهذا المستوى، يجسد في حد ذاته عمق العلاقات والصداقة التاريخية بين فرنسا وعمان، مشيرا إلى أن إقامة هذا المعرض تدشن مرحلة جديدة من العلاقات . وأعرب معاليه عن أمله في أن يحظى هذا المعرض بزيارات من كافة شرائح المجتمع الفرنسي وغيرهم من طلبة وباحثين وعلماء لأن المعرض يحكي قصة ومسيرة عن عمان لتاريخ يعود إلى أكثر من 5000 سنة من التراث البحري العماني والتواصل مع مختلف الثقافات والحضارات بما فيها فرنسا، متمنيا النجاح لهذا المعرض، مهنئا جميع من شارك في إبرازه بهذا الشكل الراقي والرفيع في هذه المدينة الجميلة باريس وهي العاصمة التي تحظى بأكبر عدد من الزوار في العالم.
كما أعرب معاليه عن أمله في إقامة المزيد من هذه المعارض لإبراز الحضارة العمانية في إطار التفاهم والحوار بين مختلف الحضارات لتعزيز السلم والتعاون بين مختلف الشعوب في المعمورة.
وبيّن معالي السيّد أمين عام وزارة الخارجية أنّ المعرض يستمر لنحو ثلاثة أشهر متمنيًا أن يقوم بدور لإيصال الرسالة التي عبّر عنها جلالة السلطان المعظم في مطلع الكتاب المساند لهذا المعرض والتي تؤكد على عمق العلاقات بين السلطنة وفرنسا وأهمية الحوار والتواصل في دعم قواعد السلام والوئام والنهوض بالتعاون الذي يأتي بالمنافع المتنوعة والمتبادلة بين منطقتنا وبين أوروبا ومختلف مناطق العالم.
تأشيرات شنجن
وعلى صعيد ذي صلة، بيّن معالي السيد أمين عام وزارة الخارجية أنّ السلطنة قطعت شوطا فيما يتعلق بالإعفاء المتبادل للتأشيرات مع عدد من الدول الأوروبية بالنسبة للمسؤولين ومن حملة الجوازات الدبلوماسية والخاصة والخدمة. وقال معاليه إنّ هناك الكثير من الجهود تبذل في سبيل تسهيل إجراءات حصول العمانيين على تأشيرات دخول دول "شنجن" ولمسنا الكثير من التجاوب من الجانب الأوروبي لتيسير منح التأشيرات للعمانيين لدخول دول شنجن.
معربا معاليه عن أمله في أن تكون الخطوة اللاحقة في المستقبل الإعفاء المتبادل من التأشيرات بين السلطنة ودول الاتحاد الأوروبي، وأضاف معاليه أنّ هذه مسيرة من العلاقات بين الجانبين ربما تأخذ بعض الوقت ولكن هناك قبول كبير بشكل عام من الكثير من المسؤولين في دول شنجن للوصول إلى الهدف المنشود. وأوضح معاليه أنه بالنسبة للمملكة المتحدة وحسبما أفاد المسؤولون البريطانيون فإنهم يأملون مع نهاية هذا العام تسهيل التأشيرات بشكل كبير بالنسبة للعمانيين وتبسيط إجراءاتها بحيث يسهل للعماني بمجرد دخول طالب التأشيرة على الانترنت وتسجيل رقم رحلته يصبح بإمكانه بعد ذلك السفر دون الحاجة للحصول على تأشيرة مسبقة من السفارة البريطانية.
إبراز المنجز الحضاري العماني
كما عبّر سعادة سالم من محمد المحروقي وكيل وزارة التراث والثقافة لشؤون التراث عن سعادته بحفل الافتتاح المبهر لمعرض "عمان والبحر"، وقال إنّ المعرض يمثل حدثًا مهمًا يبرز تاريخ عمان الحضاري خاصة المنجز البحري، مؤكدا سعادته أنّ المعرض يحتوي على عدة أجنحة تبرز علاقات عمان التاريخية على مدى التاريخ وتواصلها مع مختلف الشعوب الأمر الذي يشهد على أنّ عمان عرفت العولمة قبل أن يظهر هذا المصطلح بمفهومه الحديث.
وأضاف سعادته أنّ المعرض يبرز المنجز العماني البحري وقدرة الإنسان العماني على التعامل مع البحر ومخاطره منذ القدم متمنيًا أن يجذب المعرض أكبر عدد من الزوار من الجالية العربية المتواجدة في فرنسا والفرنسيين والسواح الذين يزورون فرنسا وطلاب المدارس.
الإسهام في الترويج السياحي
من جانبها قالت سعادة ميثاء بنت سيف المحروقية وكيلة وزارة السياحة أنّ المعرض وما يحتويه من تراث بحري عماني ومقتنيات أثرية سوف يسهم بشكل أو بآخر في الترويج السياحي للسلطنة في فرنسا خاصة وأنّ فرنسا تعد واحدة من أكثر دول العالم استقطابًا للسياح. وأوضحت سعادتها أنّ المعرض يشكل داعمًا كبيرًا للقطاع السياحي في السلطنة خاصة أن ما يقارب من 40 ألف سائح فرنسي زاروا السلطنة خلال العام الماضي كما تستقطب السلطنة العديد من السواح من الدول الأوروبيّة.
المجد البحري
من جهته قال سعادة حبيب الريامي الأمين العام لمركز السطان قابوس العالي للثقافة والعلوم لـ"الرؤية ": المعرض يأتي ضمن الجهود لتأكيد الدور التاريخي الممتد وعلاقاته العمانية الفرنسية، وأيضا علاقة عمان بالبحر، والتعريف بما قدّمه البحارة العمانيون سابقًا ومآثرهم كأحمد بن ماجد، ومحتويات المعرض تبرز الدور البحري التاريخي وعلاقات عمان بالخارج سواء كان على مستوى القارة الآسيوية أو القارة الأوروبية وجميع القارات الأخرى.
وقال من الجميل أن تقام الفعاليات بهذه الصورة المبهرة وأن تقام في هذا الموقع بمتحف متصل بالتاريخ البحري في فرنسا مع بقاء المعرض لفترة طويلة سيتيح زيارة أكبر عدد من الزوار له، والتعرّف على التجربة العمانية والتاريخ البحري لعمان، وما خلفه أحمد بن ماجد للتاريخ البحري.
افتتاح مبهر
وكان معرض "عمان والبحر" الذي تنظمه السلطنة ممثلة في وزارة التراث والثقافة بالتعاون مع وزارة الخارجية في المتحف الوطني الفرنسي البحري التابع للبحرية الفرنسية، قد افتتح في باريس مساء الخميس الماضي.
ويحظى معرض "عمان والبحر" بالرعاية المشتركة للمقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ، وفخامة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند حيث تصدر الكتاب الخاص بالمعرض كلمة سامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ أكد فيها على أنّ رسالة معرض عمان والبحر تتجلى في قيم التسامح والتواصل الحضاري والحوار والاحترام والتعاون الإيجابي التي تقوم عليها العلاقات العمانية الخارجية على مر العصور، كما جاء في كلمته: نؤكد على اعتزازنا بعلاقات الصداقة التاريخية العمانية الفرنسية وما وصلت إليه منذ قيامها في عام 1660 م، ولا شك أنّ وصول الادميرال فرانسوا آدموند باريس إلى الشواطئ العمانية في عام 1838م، قد ترك إرثا إنسانيا وعلميا مهما أسهم إلى حد كبير في توثيق ودراسة مكونات عدد من القوارب والسفن العمانية التي كانت تجوب البحار والمحيطات على امتداد الطرق البحرية بين الشرق والغرب.
وعبرت كلمة فخامة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولند عن أصالة سلطنة عمان وموقعها الفريد على مفترق الطرق البحرية بين كل من آسيا وإفريقيا وأوروبا وما يمنحه هذا الوضع من مزايا منذ الألفية الثالثة قبل الميلاد، جعلته مهد طرق البخور والذهب الأسود، وهو يفخر اليوم بتقاليد التواصل العميقة الجذور التي ميزته عبر الحقب، الأمر الذي يجد كل ذلك صداه الخاص في فرنسا.
كما عبّرت كلمة فخامة الرئيس الفرنسي على أنّ معرض "عمان والبحر" يقدّم لقاءً مع جذور التواصل الأولى بين الشرق والغرب عبر خمسة آلاف سنة وهو يحمل تكريمًا وإجلالا لتلك الأجيال من البحارة الذين أمنوا التوابل والبخور وساهموا بقصص أسفارهم وملامحهم في المعرفة العميقة للآخر، كما يمكّن هذا المعرض الزائر من استكشاف كنوز التراث البحري لسلطنة عمان ويسمح أيضًا بتوضيح أن الحضارات تنمو وتتقدم بالتلاقي والحوار.
إيفل يعانق "البدن"
أقيم حفل الافتتاح الرسمي أمام البحيرة الخارجية الواقعة بالقرب من المتحف الوطني البحري بساحة التروكاديرو أمام برج إيفيل حيث تطفو فوق البحيرة سفينة شراعية عمانية من نوع "البدن"، وتقدم في الساحة الفرقة الموسيقية للبحرية السلطانية العمانية عروضًا موسيقية تحظى بإقبال متميّز من الجمهور.
وكان سعادة الشيخ حميد بن علي بن سلطان المعني سفير سلطنة عمان المعتمد لدى الجمهورية الفرنسية، قد ألقى كلمة خلال حفل الافتتاح قال فيها: إنّه لشرف كبير أن يحظى افتتاح معرض عمان والبحر بهذا التقدير من قبل الحكومة الفرنسية وبهذه المناسبة يسعدني أن اتقدم بالشكر إلى فخامة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند على رعايته الكريمة لهذا المعرض الذي يؤكد على استمرار جسر تواصل العلاقات التاريخية بين البلدين اللذين يلتقيان في العديد من الميادين والشراكة ولهما الرؤية نفسها عن البحر الذي يعتبر العصب الرئيسي للحياة وللتجارة والنقل في الماضي والحاضر. وأضاف أنّ سلطنة عمان تعيش عصرًا مزدهرًا بقيادة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم - حفظه الله ورعاه–تتناغم التقاليد مع الحداثة ويمتزج التاريخ بالعلوم وبالتقنيات الحديثة. ولهذا المعرض البعد الحضاري البحري بين البلدين علامة خاصة تمحورت حول قيم التواصل الحضاري والتعايش والتسامح. وهذه هي أيضًا رسالة المعرض في المحافظة على الإرث الإنساني والتفاهم بين الشعوب.
أجنحة متعددة
ويتكون معرض "عمان والبحر" من مراحل استكشافية نموذجية يتجوّل فيها الزوار ابتداءً من مجلس مصغر لإعطاء لمحة عن الضيافة والأزياء والثقافة العمانية الثريّة، ويتم بعد ذلك التنقل بهم في جولة لسبر أغوار من التراث البحري العماني من خلال الخرائط واللوحات والصور والنماذج النادرة لعدد من السفن العمانية مثل "البدن" و"السمبوق". كما تعرض نماذج أصلية لسفينة "صحار" وسفينة "جوهرة مسقط"، وهما نموذجان من بين العديد من السفن العمانية القديمة التي عبرت المحيطات بروح عمانية وثابة. كما يتم تقديم شرح لكيفية بناء السفن قديمًا وفق نظام التشبيك بالحبال دون استخدام المسامير، فضلا عن عرض لتقنيات الملاحة القديمة وأدواتها مثل "الكمال". ويعطي المعرض كذلك صورة للحاضر العماني الزاهر بمنجزاته وتطلعاته للمستقبل.
ويتصدران مجسّم لسفينة "البغلة" العمانية وآخر لسفينة "شباب عمان" المدخل الرئيسي للمتحف الوطني الفرنسي، حيث يمر الزائر بعد ذلك على نموذج لسفينة من طراز "البدن" وهي تتوجه نحو الطابق الأرضي من المتحف حيث تقع القاعة المخصصة للعرض.
كما يضم المعرض واجهات تحمل معروضات تمّت استعارتها من المتاحف الكبرى مثل متحف اللوفر ومتحف الفن الشرق آسيوي في باث بالمملكة المتحدة، بالإضافة إلى معروضات من السلطنة وتحديدًا المقتنيات الوطنية لوزارة التراث والثقافة ومتحف أرض اللبان في صلالة، والمتحف العماني الفرنسي في مسقط ومركز بناء السفن التقليدية في قنتب، بالإضافة إلى قطع أثرية تمّت استعارتها من المتحف البحري الوطني الفرنسي. وتتنوع المعروضات من القطع العلمية إلى النماذج الجميلة ومن المصنوعات اليدوية العتيقة والتاريخية إلى الخرائط والمخطوطات الأصلية التي لم يتم عرضها من قبل في باريس.
أمجاد أحمد بن ماجد
كما يحتوي معرض "عمان والبحر" على أمثلة لبعض الأدوات البسيطة والفعالة التي مكنت البحارة العمانيين من استخدام النجوم للاهتداء بها عبر المحيطات، ويكشف المعرض النقاب عن الكثير من أسرار الملاحة العربية وأدواتها بداية من أداة الكمال البسيطة (التي لا تزيد عن قطعة من الخشب يتدلى من وسطها خيط) إلى آلة الربعية الأكثر تعقيدا