مسقط – العمانية
أكد سيرغي بليخانوف وهو أحد الكتاب في الشؤون السياسية ورئيس لجنة الاتصال الدولي في اتحاد الكتاب بموسكو أنّ حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه- عندما تولى الحكم في عام 1970م بدأت السلطنة بالنهوض بصفتها دولة قوية مزدهرة ذات مكانة كما كانت في الماضي .
وقال سيرغي بليخانوف في محاضرته التي ألقاها بمعهد موسكو للعلاقات الدولية خلال الأيام الثقافية العمانية بموسكو، إنّ جلالته - حفظه الله ورعاه - صمم منذ البداية على إشراك الشعب في العمل على تحديث البلاد مع حرصه على التمسك بنظام الإدارة التقليدي وحفظه من الانهيار ووجوب الأخذ في المستقبل بكل ما هو ذي قيمة من الماضي .
وتحدث الكاتب الروسي عن تطور النظام السياسي في السلطنة في الفترة ما بعد عام 1970م وتحول النظام القبلي إلى دولة المؤسسات الحديثة وتطوير النظم التشريعية والقضائية والنظام الأساسي للدولة والإطار العام الذي يحدده للحكم والتدرج الذي اتبعته حكومة السلطنة في عملية الإشراك الشعبي في اتخاذ القرار ورسم ملامح تطور الدولة.
وطرح بليخانوف عددًا من الأمثلة تبين أسلوب إدارة جلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- مؤكدًا أنّ جلالته حاول دائمًا وعلى عكس العديد من الإصلاحيين في بلدان أخرى الكشف عن الإمكانات الإبداعيّة للكيانات الاجتماعية التقليديّة التي لها جذور في الماضي البعيد وعلى الرغم من أنّ جلالته -حفظه الله ورعاه- أوقف الممارسة القائمة منذ قرون على تشكيل هيئات السلطة من خلال النسق الأعلى للقبائل حيث أصبح اليوم كل عماني يتمتع بفرص متساوية للحصول على مهنة علمًا أنّ الشيوخ لم يقفوا في معارضة تلك التحولات لأنّ سلطتهم الفعليّة تحولت تماما إلى أشكال أخرى دون معاناة.
وقال الكاتب الروسي سيرغي بليخانوف إنّ الدستور الذي أصدره حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- يحدد المبادئ الرئيسية التي تقوم عليها المبادئ الأساسية لسياسة الدولة فضلا عن نظام تشكيل مؤسسات السلطة وللمرة الأولى في تاريخ البلاد جرى رسم صلاحيات السلطان وآليات عمل النظام السلطاني وتداول السلطة.. مضيفا أنّ أنشطة الحاكم الأعلى أصبحت موضوع التنظيم القانوني وسجلت مهامه أمام البلاد وتمّ الإعلان عن ضمان حقوق وحريات المواطن وحصانته الشخصيّة وحصانة الملكيّة الخاصة وكذلك حقه في التعبير عن رأيه بكل الوسائل القانونية وتوفّرت لكل مواطن الحرية الدينية وإمكانية إنشاء المنظمات والجمعيّات أو المشاركة فيها.
وأشار إلى أنّ جلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- قد اختار الوقت المناسب لإصدار الدستور وهو ما يشهد على أنّ هذه الخطوة كانت مدروسة بدقة بمقارنتها بالدول المجاورة وبتميزه عن القوانين التشريعية المماثلة فإنّ القانون الأساسي للسلطنة لم يكن نتيجة للتنافس بين القوى الاجتماعية وإنّما في لحظة النهضة الوطنية وحينما تمّ الوفاق الاجتماعي حول جميع القضايا الرئيسية.
وأكّد بليخانوف في محاضرته أنّ الجولات السلطانية السامية التي تستمر لعدة أسابيع اكتسبت مع مرور الزمن طابعا طقسيًا وأصبحت بمثابة دورات لمجلس كبير مع الشعب مضيفا أنّه في الوقت الذي يعرف فيه جلالة السلطان المعظم - حفظه الله ورعاه- أنّ السلطة الحقيقية يمتلكها أولئك الذين لديهم إمكانية الوصول إلى الحاكم قرر ملء هذه الجولات بمعنى ديمقراطي حيث قام بفعل كل ما من شأنه لكي يصبح سلطانًا يتمكّن الشعب من الوصول إليه.
وأشاد الكاتب بقيام حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- شخصيًا بالمتابعة المباشرة على العمل الذي تمّ تحقيقه في السلطنة مؤكدا على أنّ موظفي الدولة لم يصبحوا طبقة عازلة بين العاهل ورعاياه وإنما تحولوا إلى عرضة للرقابة مشيرًا إلى قيام الوزراء المرافقين لجلالته وكبار الشخصيات أثناء الجولات السامية في البلاد بجولة في القرى المجاورة وفي مناطق سكن البدو يسألون الناس عن احتياجاتهم ويتخذون في الموقع القرارات اللازمة. ووفقا لنتائج مثل هذه المناقشات توضع الخطط ليتم بعد ذلك تنفيذها. وأشار إلى أنّ جلالة عاهل البلاد المفدى أعرب في الأيام الأولى بعد توليه مقاليد الحكم في البلاد عن عزمه على تطوير مبادئ الحكم الديمقراطي حيث حدد في وقت لاحق في مقابلة له أهمية المؤسسات التمثيلية بتأكيده على:" أن تمثيل الشعب يفضي إلى الاستقرار الوطني وأنّ عدم منح الشعب صوتًا لتقرير مصيره واعتبار الناس روبوتات لا يصحلون إلا لإدارتهم من دون أن يطلب رأيهم طريق يؤدي حتمًا نحو الكارثة إنّ هذا لم يكن يومًا طريقًا عمانيًا" .. مضيفا أنّ جلالته -أعزه الله- يؤكد دائمًا لشعبه أنّ التمثيل الشعبي سوف يستمر ويتطوّر لاحقًا لمصلحة الوطن والمواطن.
واختتم سيرغي بليخانوف الكاتب في الشؤون السياسية ورئيس لجنة الاتصال الدولي في اتحاد الكتاب بموسكو محاضرته قائلا: إنّ حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- ينتهج باستمرار سياسة توسيع التمثيل الشعبي متعدد المستويات مشيدًا بكلمة جلالته السامية بحصن الشموخ عام 2005 والتي أكّد من خلالها " أنّ المهمّة الرئيسية تكمن في ضمان مشاركة الناس في جميع القرارات المتعلقة بحياتهم وفي السياسة والاقتصاد وحتى الصحة" .
يذكر أنّ الأيام الثقافية العمانية احتضنتها العاصمة الروسية موسكو خلال الفترة من 16 إلى 19 سبتمبر الماضي حيث أقيمت على هامش الأيام ندوة موسعة بعنوان: "العلاقات العمانية الروسية" قدم خلالها عدد من المفكرين والكتاب والأدباء من الجانبين العماني والروسي محاضرات حول الأبعاد التاريخية للعلاقات العمانية الروسية.