الرؤية- خاص
قالت مجموعة بنك قطر الوطني "QNB" إن التطور الذي حدث على صعيد استخراج الغاز الصخري في الولايات المتحدة- بغرض الاستفادة من احتياطيات كان يستحيل الوصول إليها في السابق وهو ما بات يعرف باسم ثورة الغاز الصخري الأمريكي- لا يبدو أنه سيغير شيئاً في مجريات الأمور بالنسبة لدولة قطر.
فلم يتم تحقيق تطوير كبير في تقنيات التكسير الهيدروليكي- أي عملية دفع المياه والمواد الكيميائية والرمل تحت ضغوط عالية داخل الرواسب الصخرية الزيتية لاستخراج كميات ضخمة من الغاز- إلا خلال العقد الأخير، الأمر الذي جعل إنتاج الغاز الصخري الأمريكي مجدياً من الناحية التجارية. وقد قضى هذا التطور عملياً على حاجة الولايات المتحدة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال، بما في ذلك الاستيراد من دولة قطر. إلا أن هذا التراجع الذي طرأ على طلب الغاز في الولايات المتحدة قد تم التعويض عنه بالطلب القوي الذي جاء من آسيا، خاصة من اليابان بعد حادثة مفاعل فوكوشيما في مارس 2011. وعلى ذلك، تتوقع مجموعة QNB أن يبقى الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال قوياً خلال العقد التالي. وبناءً عليه، فإنه من غير المحتمل أن تفقد دولة قطر دورها الريادي في سوق الغاز العالمي لسنوات قادمة. ويقدّر لإنتاج الغاز الصخري الأمريكي أن يكون قد تضاعف سبع مرات تقريباً خلال الفترة من 2007 إلى 2013، ليبلغ 8,7 تريليون قدم مكعب في عام 2013. وهذا هو ما دفع بأسعار الغاز الأمريكي لأسفل في مركز التوزيع المعروف باسم Henry Hub Terminal من ذروتها عند 13,6 دولار أمريكي لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في عام 2008 إلى 3,8 دولار أمريكي في نوفمبر 2013 (أنظر الرسم البياني). وتتوقع وكالة معلومات الطاقة الأمريكية أن يشكل الغاز الصخري حوالي نصف إجمالي إنتاج الولايات المتحدة من الغاز خلال العقدين القادمين، مقارناً بحوالي الثلث في الوقت الحاضر. ووفقاً لسيتي غروب، فإنه من المرجح لثورة الغاز الصخري هذه أن تقود الولايات المتحدة إلى الاستقلالية في مجال الطاقة بحلول عام 2020، وعندها لن تكون الولايات المتحدة في حاجة لاستيراد الغاز أو النفط لمقابلة احتياجاتها من الطاقة.
وعلى نحو يعكس هذه التغييرات في أسواق الطاقة العالمية، أعادت دولة قطر تغيير وجهة صادراتها من الغاز الطبيعي المسال خلال السنوات الثلاث الماضية من الولايات المتحدة إلى آسيا. فقد بدأت الصين في استيراد الغاز الطبيعي المسال من دولة قطر في أغسطس 2013، وتقوم الآن باستكمال العمل في أول محطة عائمة للغاز الطبيعي المسال بالبلاد لتوصيل الغاز لمدينة تيانجين خلال هذا الشهر. كما تحولت اليابان من الاعتماد على الطاقة النووية في تشغيل محطات توليد الكهرباء إلى الغاز بعد كارثة فيوكوشيما، وهو ما كان فيه تعويض فاق الانخفاض الذي حدث في مستوردات الغاز الطبيعي المسال للولايات المتحدة. كما أنه ليس من المتوقع أن تنتقل ثورة إنتاج الغاز الصخري من الولايات المتحدة إلى مناطق أخرى من العالم. فبالرغم من أن قارة آسيا تملك أكبر الاحتياطيات المؤكدة من الغاز الصخري في العالم (19% من إجمالي الاحتياطيات في العالم)، إلا أن مشكلات فنية مثل عمق الرواسب الصخرية الزيتية، وقربها من المناطق الحضرية، ونقص المهارات التقنية، تجعل استغلال هذه الاحتياطيات أمراً مكلفاً يصعب معها تطوير صناعة مماثلة لما تحقق في الولايات المتحدة في المدى القريب. وبناءً على ذلك، فمن المرجح أن تظل قارة آسيا هي المستورد الأكبر للغاز الطبيعي المسال من دولة قطر في المدى المتوسط. وفي أستراليا، كشفت المحاولات الأولى لتطوير صناعة الغاز الصخري عن الكلفة العالية لهذه الصناعة، ولم يتحقق حتى الآن إنتاج كميات تذكر.
في أوربا، يعدّ الغاز الصخري عديم الجدوى تجارياً أو غير مسموح بإنتاجه لمشكلات بيئية. وبصفة خاصة، يصعب إنتاج الغاز الصخري في كل من المجر وبولندا بصورة مربحة. وإضافة لذلك، دفعت المخاوف المتعلقة بتصريف المياه الملوثة الناتجة عن تقنيات التكسير الهيدروليكي لمنع إنتاج الغاز الصخري كلياً في كل من بلغاريا وفرنسا. وإجمالاً، أدت ثورة الغاز الصخري الأمريكي إلى تغيير وجهة صادرات دولة قطر من الغاز الطبيعي المسال إلى آسيا. وفي المستقبل، يتوقع أن يؤدي الطلب الأسيوي المتزايد- مع محدودية تأثير ثورة الغاز الصخري الأمريكي على الأسواق العالمية- إلى تعزيز الطلب على صادرات دولة قطر من الغاز الطبيعي المسال، وهو ما يرجح معه أن تحافظ دولة قطر على دورها الريادي كأكبر دولة مصدرة للغاز الطبيعي المسال في العالم لسنوات قادمة.