تظلنا هذه الأيام الذكرى الأولى لاعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطين، ومنذ تلك اللحظة الفاصلة في تاريخ القضية الفلسطينية، جرت الكثير من المياه تحت الجسر، وتحققت مزايا للدولة الفلسطينية ما كان لها أن تبصر النور لولا هذا الاعتراف الأممي الكاسح، من خلال تأييد 138 دولة من أصل 193 دولة لتصدر بذلك شهادة ميلاد دولة فلسطين.
ومن أعمق دلالات هذا القرار الأممي، هو أنه اعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 1967، لتُصبح أراضي دولة محتلة من قبل أخرى، وليست أراضٍ مُتنازع عليها، كما يدّعي الاحتلال الإسرائيلي، وهذا يعني أن الدولة الفلسطينية لن يكون واقعها كما كانت ما قبل التصويت.
وهو إنجاز لم يكن محض صدفة، ولم يأتِ بالهين، بل نتيجة لإصرار فلسطيني رغم التهديدات إيماناً بحق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة وتقديراً لتضحياته الجسام التي قدمها خلال عقود من الزمن.
وهذا الانتصار السياسي الدبلوماسي الفلسطيني، لم يكن ليتحقق لولا الوحدة الفلسطينية التي واكبت خطواته باعتباره مكسبًا لكل الفلسطينيين، مما أسهم في تحقيق تأييد دولي له.
ومن ثمار هذا الاعتراف، جملة من المحطات الهامة، ومنها زيارة الرئيس الأمريكي إلى الضفة الغربية في مارس الماضي رغم ما كانت تطلقه واشنطن من تحذيرات للرئيس الفلسطيني من مغبة التوجه إلى الأمم المتحدة.
ومن ثمارها كذلك رسائل الدعم والتأييد والمؤازرة للدولة الفلسطينية التي عبر عنها عدد من المسؤولين العرب والدوليين بزياراتهم إلى فلسطين، ومن النتائج أيضًا مخاطبة الرئيس الفلسطيني العالم للمرة الأولى من منبر الأمم المتحدة بعد تمثيل فلسطين. ومن نتائج عضوية فلسطين بالمنظمة الدولية تصويت مندوب فلسطين في الأمم المتحدة للمرة الأولى في جلسة للجمعية العامة مخصصة لانتخاب أحد قضاة محكمة الجزاء الدولية منتصف شهر نوفمبر الماضي.
وحتى يؤتي القرار الأممي ثماره المرجوة، يتوجب على الفلسطينيين الجنوح إلى مبدأ الوحدة الوطنية، وتجاوز خلافاتهم حتى يكونوا أكثر استعدادا للتعامل مع استحقاقات المستقبل، خاصة في ظل التسويف الإسرائيلي تجاه العملية السلمية، وتعمد إفشالها بحجج واهية، ومن خلال الاستمرار في التمدد الاستيطاني في الضفة الغربية المخالف لكافة المواثيق الدولية.