السفارات العمانية تقوم بدورها في جذب الاستثمارات في إطار تكاملي وضمن خطط موضوعة
مؤتمر عمان للتنافسية يبحث تكريس هوية تضمن للسلطنة مستوى مرموقا إقليميًا وعالميًا
الرؤية - نجلاء عبدالعال
اعتبر معالي يوسف بن علوي بن عبدالله، الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية، أنّ ما تمّ نشره مؤخرًا من قبل بعض المصادر الأمريكية حول دور السلطنة في التوصل إلى الاتفاق النووي المرحلي بين إيران ومجموعة دول (خمسة زائد واحد)، يعطي صورة واضحة للجهود التي تبذلها السلطنة في جميع المجالات، متمنيًا معاليه أن تكلل جهود المفاوضات القادمة حول هذا الملف بالنجاح، باعتباره من أهم القضايا التي ينبغي أن تحل على قاعدة تفاهم وتفاوض لتوفير الاستقرار للمنطقة لحاجة الجميع إلى الظروف المواتية للتعاون من أجل المستقبل.
وقال معاليه في تصريح عقب رعايته أمس حفل افتتاح مؤتمر عمان للتنافسية، إنّ السلطنة لا تتحدث عن دورها في هذا الاتفاق لأنّه يتوقع أن يتحدث الآخرون عن دور عمان وليس عمان نفسها.
وحول الدور المرتقب للسلطنة في التقارب بين إيران ودول الخليج العربية، قال معاليه: لا أرى أنّ هناك مشكلة أو تباعدًا بين إيران ودول الخليج، فهناك مصالح تربطهما، وليس هناك ما يستوجب التدخل لإيجاد حل له مستدركا معاليه: قد يكون هناك تباين في وجهات النظر لكنّه أمر لا يعني بالضرورة أنّ هناك مشكلة تستوجب التدخل.
وردًا على ما يثار حول استضافة السلطنة للقاء إيراني أمريكي، قال بن علوي:" كل هذه الأمور تدرس في حينها".
وحول مؤتمر عمان للتنافسية وأهميته قال معالي يوسف بن علوي: " إنّ الاقتصاد العماني ينمو وفق خطة إستراتيجية معروفة تهدف إلى العمل في إطار النجاحات التي حققتها خلال العقود الأربعة الماضية للحاق بركب التطور العالمي.
وأضاف: ما تمّ اليوم (أمس) من توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية مع المنتدى الاقتصادي هي خطوة تحقق للسلطنة إضافات جديدة" مشيرًا إلى أنّ التنافسية تعني تقديم أفضل ما لدى الإنسان للمجتمع مما يجعل الاقتصاد ينمو بمختلف قطاعاته، لافتًا معاليه إلى أنّ السلطنة تتوفر على برامج ضخمة تشكل أساسًا وتهيء الظروف والبيئة التي تحقق التنافسية.
وردا على سؤال حول الدور الحالي والمستقبلي الذي تقوم به السفارات والممثليات العمانية في الخارج لتدعيم الاقتصاد وجذب الاستثمارات الخارجية، أكّد معاليه على أنّ السفارات والقنصليات كلها تخدم هذا التوجّه وتقوم بدورها فيما هو منوط بها في إطار تكاملي وضمن خطط موضوعة.
من جانبه قال صاحب السمو السيّد فيصل بن تركي آل سعيد، مدير عام التسويق والإعلام بالهيئة العامة لترويج الاستثمار وتنمية الصادرات، إنّ من أكبر التحديّات التي تواجهها الهيئة في عملها خاصة في ترويج الاستثمار هو مسألة مدى تنافسية السلطنة بشكل عام سواء في جدوى الاستثمارات أو في مستوى التعليم والكوادر الوطنية وغيرها، مشيرًا إلى أنّ هذا الملتقى النوعي يهدف إلى مناقشة التنافسية بشكل عام، منوها بما تحقق من إنجاز من خلال توقيع الاتفاقية مع المنتدى الاقتصادي العالمي كشريك استراتيجي حيث إنه يصدر تقريرا سنويا يعرف بالدول ومكانتها من الناحية التنافسية بشكل عام سواء في إيجاد بيئة العمل والسياسات والقوانين، لافتا إلى أنه سبقت المؤتمر جلسة متخصصة تمّ خلالها مناقشة مركز السلطنة في التصنيف، كما أنّه سيتم خلال فعاليات المؤتمر مناقشة المسائل والتحديات التي تواجه عمان ومنها الهوية الاقتصادية ومحدداتها، وكذلك التعليم بشكل عام وهو أبعد من مفهوم التعليم المدرسي أو الجامعي لكن التعليم كعملية مستمرة ومنتجة، كما سيناقش المؤتمر الدولة الحضارية والتنمية فيها، ودعم الريادة في الأعمال، وكذلك مدى جاذبية السلطنة للاستثمارات وجميع المحاور التي يتم مناقشتها تركز على الجوانب التي نتجت من قراءة وضع عمان في المؤشر الأخير للتنافسية العالمية.
وأكد سموه أن التوجه أن يتم رفع جميع توصيات المنتدى بنهاية أعماله في كل هذه الجوانب إلى مجلس الوزراء الموقر، معربا عن أمله في أن تدعم هذه التوصيات التوجه العام الذي تسير عليها سياسة الدولة من ناحية التأكيد على المعطيات الإيجابية التي تمّ التطرق إليها، لتحقيق تنافسية تضمن للسلطنة المستوى الذي تستحقه على المستوى الإقليمي والعالمي، وقال إن السلطنة قطعت شوطا كبيرا على المستوى السياسي، ونتطلع إلى أن نرى له مردودا على الصعيد السياحي، وكذلك في جذب الاستثمارات.
وأوضح أنّ المؤتمر سيكون بشكل سنوي وسيتم بدءًا من العام القادم التركيز بعمق أكبر على واحد من التحديات بعد طرحها بشكل إجمالي في المؤتمر الحالي.
وكانت الهيئة العامة لترويج الاستثمار وتنمية الصادرات قد دشّنت "ملتقى عمان للتنافسية 2013" بفندق قصر البستان، وتمّ افتتاح أعمال المؤتمر رسميًا تحت رعاية معالي يوسف بن علوي بن عبدالله، الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية، ويتم خلال الملتقى الذي يستمر حتى غدًا الأربعاء، مناقشة وإبراز المزايا التنافسية التي تتمتع بها السلطنة، وكيفية تحسين الميزة التنافسية للاقتصاد العُماني من خلال العمل مع المؤسسات الاقتصادية المعنية في مختلف القطاعات. كما وسيتم عرض النتائج التي حصلت عليها السلطنة في تقرير التنافسية العالمي الذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي وكيفية تعزيز الجوانب الايجابية والتغلب على التحديات التي قد تؤثر على المناخ الاستثماري على وجه الخصوص وتنافسية السطنة بوجه عام.
وألقى صاحب السمو السيد فيصل بن تركي آل سعيد كلمة أكد خلالها على أهميّة دور المدن في بناء المستقبل وتوفير بيئة خصبة للابداع والابتكار، حيث أكّد تقرير ماكينزي لعام 2011 أنّ 600 مدينة فقط هي التي ستنتج ثلثي إجمالي الناتج المحلي في العالم بحلول 2025، وقال إنّ الإحصائيات العالميّة التي أثبتت هجرة أكثر من 100 ألف شخص من المناطق الريفية إلى المدن والمناطق الحضرية، ومع استمرارية نمو المدن الكبيرة كمراكز للتطور الاقتصادي والثقافي والاجتماعي في كافة أنحاء العالم، سيناقش الملتقى "النمو والاستدامة" كمحور أساسي وتأثيره على التنافسية الوطنية.
وأشار إلى أنّه في الوقت الحالي فإنّ مدن أمريكا الشمالية وأوروبا تهيمن على الاستطلاعات التي تقوم بتقييم تنافسية الدول والإنتاجيّة الحضرية والجاذبية الثقافيّة، أمّا في المستقبل فستتمكن حوالي 400 مدينة في الدول النامية من إعادة صياغة الاقتصاد العالمي.
وأكّد على ضرورة أن تؤدي سياسات التطوير إلى تمكين الدول من الاستجابة بشكل سريع وفعّال للمستجدات في نقل رؤوس الأموال والكوادر المؤهلة والتكنولوجيا حول العالم. مشيرًا إلى أنّ المدن الأكثر قدرة على مواجهة تحديات المستقبل ستكون الأكثر قدرة على استقطاب الكوادر الأكثر تأهيلاً في العالم والمحافظة عليها.
إعداد مبكر
من جانبه أوضح عزان بن قاسم البوسعيدي، مدير عام البحوث والدراسات والخدمات الآلية بالهيئة، " مرحلة الإعداد للمؤتمر تمّت على أعلى مستوى من المهنيّة حيث تمت الاستعانة بأفضل بيوت خبرة وبالشراكة مع المنتدى الاقتصادي العالمي، مشيرًا إلى أنّه ومنذ بدء إدراج السلطنة في مؤشر التنافسية العالمي منذ عام 2007 وحتى الآن فإنّ السلطنة تحقق تقدمًا عامًا بعد آخر، وقال "سعينا لإيجاد حلول للتحديات المرتبطة بالجانب الاقتصادي والاجتماعي، والآن وبعد أن أصبحت الهيئة الشريك الرسمي للمنتدى الاقتصادي العالمي في السلطنة فإنّ كثيرا من الأبواب ستفتح للمشاركة في فعاليات المنتدى العالميّة وفي مرحلة متقدمة ستتمكن السلطنة من استضافة فعاليات على أرضها".
زخم اقتصادي
وفي تعليقه على أهميّة المؤتمر قال سعادة عبدالله السالمي الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال للرؤية إنّ المؤتمر يسعى لمناقشة التحديات أمام جذب الاستثمارات وبحث السبل لترويج هوية للسلطنة وهو ما من شأنه أن يحدث زخمًا في الحياة الاقتصادية بصورة عامة في السلطنة وهو ما سينعكس بالتأكيد على الاستثمارات في سوق مسقط وجميع جوانب الاقتصاد الأخرى.
فيما قال الشيخ الدكتور الخطاب بن طالب الهنائي رئيس لجنة التعليم بمجلس الدولة إنّ شمول المؤتمر لجوانب عديدة تدخل بشكل غير مباشر في وضع السلطنة التنافسي يعد بأن يكون هناك نقلة نوعية في التعليم بشكل خاص، والذي تمّ التركيز عليه كمكوّن رئيس في تشكيل هوية السلطنة خلال المرحلة القادمة، مشيرا إلى أنّه يرى أنّ التركيز على هوية السلطنة لابد أن تنبع من تاريخها وعراقتها وطبيعة أبنائها في الماضي والحاضر.
ولخّص صاحب السمو الدكتور أدهم بن تركي آل سعيد نتائج أول جلسات المؤتمر التي أدارها سموه وبحثت "الهوية الوطنية والرؤية الاقتصادية" فقال إنّ الجلسة ركّزت على الهوية العمانية، وكيف تظهر للعمانيين ولغير العمانيين، وكيف سخرت سلطنة عمان هذه الهوية لاستقطاب الاستثمارات والزوار لتطوير الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل، وأشار إلى أنّه يبدو بختام مناقشات الجلسة أنّ عمان مازالت تحتاج إلى إبراز وطريقة إظهارها من خلال تسويق الهوية بشكل صحيح وفعال، موضحا أنّ المنظومة التسويقية التي تحتاجها السلطنة تتطلب مشاركة جميع المؤسسات الحكوميّة والمجتمع المدني والأفراد بحيث يكون هناك تحاور حول الطريق الأمثل لإظهار السلطنة خارجيا وداخليا، ولذلك فلابد أن تكون المرآة واحدة تعكس صورة السلطنة، وهويتها كما هي في الداخل تكون في الخارج بطريقة واضحة وواقعية، وأشار إلى أنّ الجلسة كذلك نبهت إلى أنّ السلطنة تحتاج مزيدا من التركيز على نقاط القوة لديها ومنها الاستقرار السياسي والاقتصادي وموقعها الاستراتيجي وثرواتها الطبيعية ووجود الكوادر الواعدة التي تحتاج إلى تدريب وتطوير ليس فقط من أجل التوظيف لكن أيضًا للمشاركة في عملية التنمية المستدامة من خلال ابتكار ومعرفة وما إليها من أمور.
ورأى العديد من الخبراء الاقتصاديين المشاركين أنّ السياسات الحضرية التي توضع من أجل تعزيز التنافسية يجب أن تُمّكن السلطنة من الاستجابة بشكل سريع وفعّال في القدرة على جذب رؤوس الأموال والكوادر المؤهلة والتكنولوجيا يؤكدون أنّ نجاح السلطنة في استقطاب الاستثمارات العالمية، فإننا سنستفيد بشكل كبير من الكوادر المؤهلة التي ستجلبها، الأمر الذي سيعزز قدرة السلطنة التنافسية وجعلها وجهة اقتصادية مميّزة.
وشهد اليوم الأول جلسة عمل ثانية تحت عنوان "الريادة في الأعمال التجارية" أدارتها ملك بنت أحمد الشيبانية رئيس المركز الوطني للأعمال وضمت عددًا من الخبراء في هذا المجال على رأسهم طارق الفارسي الرئيس التنفيذي لصندوق رفد، وتشمل فعاليات المؤتمر اليوم الثلاثاء جلستي عمل رئيسيتين حول التعليم ويديرها شبيب المعمري من إنجاز عمان ويشمل المتحدثين كل من صاحبة السمو الدكتورة منى بنت فهد آل سعيد والمكرم الشيخ الدكتور الخطاب بن طالب الهنائي رئيس لجنة التعليم بمجلس الدولة.