![](http://alroya.info/photos/d/82335-1/_3_003.jpg)
مسقط- مازن الدرمكي
أقيم صباح أمس الأربعاء بجامعة السلطان قابوس حلقة نقاشية حول فوضى اللغة العربية وطغيان الكلمات: مقاربة في آليات نقد الخطاب، نظّمها قسم اللغة العربية بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية، وقدمها الدكتور محمد عبدالفتاح أبوطالب الخطيب أستاذ اللغويات وتحليل الخطاب المساعد بجامعتي الأزهر الشريف والسلطان قابوس.
وذكر الدكتور الخطيب بأنه في كتابات النباهة والاستحمار يعقد المفكر الإسلامي علي شريعتي مقارنة بين مجتمعين: مجتمع النابهين الذي يملك الأفراد فيه وعيهم فلا تزيفه فوضى اللغة، ولا تطغى على فكره الكلمات مهما تزينت وتزخرفت، في المقابل أن هناك مجتمع المستحمرين، وهومجتمع تزيف وعيه الكلمات وتتلاعب بعقائد أفكاره، إعلاميا واجتماعيا، وفلسفيا وحتى عقائديا.
ويبين الدكتور الخطيب أن اللغة ليست بريئة كما قد نتوهم، بل هي كما تصف الأحداث والأشياء وتنقل الأفكار بدقة، وبعدالة متناهية، فإنها أيضا تصنع الاحداث وتخلقها خلقا خادعة ماكرة حينا. وطاغية ومستعبدة ومستحمرة في كثير من الأحيان "اخلب بصوغ لسانك/ واخدع بسحر بيانك" أبوزيد السرجوي. وقال إن من هنا يأتي دور التحليل النقدي للخطاب وهي خطوة انتقل بها عالم اللسانيات في نهاية القرن العشرين من تحليل الخطاب الى نقده، بوصفه توجها جديدا في تحليل الخطاب، وفي نهاية القرن كان يمثل نقد الخطاب أحد أكثر توجهات تحليل الخطاب استقطابا للباحثين، ويحدد فان دايك في كتاب يحمل العنوان نفسه (نقد الخطاب) بأنه منهج في تحليل الخطاب.
وتابع: يقدم فاير كلوف تفصيلا أكبر لأهداف التحليل النقدي للخطاب في مقدمة كتابة التأسيسي " اللغة والسلطة" الصادر في 1989 من أنه المساعدة في زيادة الوعي بالكيفية التي تسيطر بها اللغة على أفكار البشر، وتمكن بعض البشر من الهيمنة على الأخرين ومن ثم يعنى هذا المنهج "نقد الخطاب" بإمداد المخاطب بمعارف وآليات تمكنه من مقاومة الخطابات السلطوية الخادعة والمضلة. وأشار الدكتور الخطيب إلى المجالات البارزة في نقد الخطاب وهي خمس خطابات سلطوية، خطاب الثورة والثورة المضادة، خطاب الشعارات ومقاصد التسمية، خطاب الدعاية والإعلان والترويج، خطاب الصور، وخطاب الساسة في القضايا الحكم والحرب. وتطرق بعدها الى أليات نقد الخطاب وتكمن في نقطتين الأولى منهم آلية تفكيك الخطاب، التعرف على مواطن الخداع والمخاتلة في الخطاب؛ ومن ثم نقض بنائه ومن أهم هذه المواطن: كشف حيل التلطيف اللفظي، كشف المسكوت عنه أومساحات الصمت في الخطاب، تفكيك التسميات، تفكيك الاستعارات، هدم كاريزما الخطاب. أما الثانية فهي الية مقاومة الخطاب بمعنى انتاج الخطاب السلطوي بشكل مناقض واقتصر الدكتور على لون واحد من أنجع ألوان تلك المقاومة وهوالنكتة.
وفي نهاية الحلقة النقاشية خرج الدكتور محمد عبدالفتاح الخطيب بخلاصة حول نقد الخطاب أنه إزالة القناع عن اللغة وكشف فوضاها، والوقوف أمام طغيانها، فهي طريق إلى ما يمكن أن نسميه بـ "بلاغة المخاطب" أن يكون في تلقيه للخطاب دائرًا بين التدبر وهوما كان من النظر متجها إلى إدراك الغايات والمآلات التي يحدثها الخطاب، والاعتبار وهو ما كان من النظر محققا للعبور من الدلالة الحقيقية إلى الدلالة المقاصدية "العبور من" أحكام النظر إلى" أسرار العبر" وكما يقول المعري في قصيدة سم الهلال إذا عاينته قمرًا : هل صح قول من الحاكي، فنقبله، أم كل ذاك أباطيل وأسمار امّا العقول، فآلت أنه كذب، والعقل غرس له بالصدق إثمار.