إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

"محارب الصحراء" اليتيم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • "محارب الصحراء" اليتيم

     
    أحمد محمد
    للمرة الثانية على التوالي يفد منتخب الجزائر إلى قرعة كأس العالم ليلتفت يمنة ويسرة فلا يشاهد الغترة والعقال وجلّ ما يراه مجموعات من البشر يثرثرون ويتسامرون بلغة لا يفهمها محاربو الصحراء، فلا يملكون إلا الصمت ومجاملة الحضور بابتسامات مصطنعة تخفي وراءها القلق والرعب من أنهم يسيرون وحيدين في غابة كأس العالم المليئة بالوحوش؛ خصوصًا وأنّ لديهم تجربة مريرة في كأس العالم 1982 بإسبانيا عندما تآمر الألمان واليوغسلاف حينها وأخرجوا الجزائر من الدور الأول واليوم أيضًا هم يتامى في هذا الحدث العالمي المنتظر بعد أن خذلهم إخوانهم من بني جلدتهم العربية؛ حيث لازال بقيّة أشقائهم يغطون في نوم عميق لثماني سنوات مرشحة للزيادة طالما أنّ الكرة العربية تغرّد خارج السرب ولا تستطيع مجاراة الأمم الأخرى.
    نعم.. الأشقاء الجزائريون هم من يحملون لواء الكرة العربية ولكلاكيت ثاني مرة بعد مشاركتهم المشرفة في مونديال 2010 بجنوب إفريقيا، وهم من يذكرون باقي أمم الأرض أنّ هناك من يعيش بين ظهرانيهم يطلق عليهم أمة العرب فلا يملك محاربو الجزائر إلا أن يتغنوا بالأمجاد العربية ومشاعل الحضارة الإسلامية التي ملأت الكون إشراقًا، هذا في حالة أن سألهم أحد الحضور وقال: من أنتم؟ أمّا عن الكرة العربية فعلى الجزائري أن يلتزم الصمت ويتحدث عن منجزاته وحده وينسى بقية إخوته فحالهم في الماضي القريب كأن أفضل من الآن والأفق يبدوا ظلاما بعد ما يسمى بالربيع العربي.
    عرب إفريقيا وجيران الجزائر خرجوا من الأبواب الضيقة، فالمنتخب التونسي والذي عاش على صدقة ومنة الاتحاد الإفريقي والدولي بأن منحهم فوزا غير مستحق من الرأس الأخضر وبخطأ إداري فانجلت حقيقة نسور قرطاج أمام الأسود الكاميرونية بخسارة مذلة.
    ولم يكن الفراعنة بأحسن حالا من أشقائهم النسور القرطاجية بل كان خروجهم أكثر إيلامًا للجماهير العربية فقد أكرم وفادتهم الغانيون ذهابا بسداسية وحفظ منتخب الساجدين ماء الوجه برد هزيل في القاهرة بهدفين لهدف، لتغيب معها متعة المصريين الكروية والمعروفة بجديتها، فحفظ الجزائريون ماء الوجه العربي الإفريقي بخسارة مشرفة في وغادوغوا عاصمة بوركينا فاسو بهدفين لثلاثة ثمّ فوز بهدف غال ومؤهل وإن جاء بمخاض عسير في الدقيقة 80 من عمر المباراة وبعد دربكة ولكن قدر الله بأن وجد من يتحدث بلغة الضاد بين لغات الدنيا في العرس الكروي بالبرازيل 2014.
    أمّا عن عرب آسيا فحدث ولا حرج، فقد تساقطوا واحدا تلو الآخر لتتجه البوصلة الكروية الآسيوية نحو شرق القارة بعد أن غاب الأخضر السعودي بعبع العرب عن مستوياته المعهودة واليوم يجادل لإستعادتها فقد خرج من الدور الثالث وبقي منتخبنا الغالي وقطر ولبنان والأردن في الدور الرابع والحاسم ليتمسك الأخير بأمل الملحق الآسيوي ولكنه إصطدم بكافاني وسواريز ورفاقهم في منتخب الأرجواي العريق فيسقط الحلم العربي الأخير وينهار الجدار العربي وبخماسية في القويسمية بعمان وتعادل مشرف لا يسمن ولا يغني من جوع في مونتيديفيو ليعود النشامى ويغلقوا الملف العربي في كأس العالم ويتركوا ورقة منتخب الجزائر الوحيدة تجادل لموعد لها في النهائيات العالمية.
    آه ياكرة العرب.. إلى متى سنظل نتابع من بعيد لنتسلى مع بعضنا البعض، فهذا يميل لميسي الأرجنتين والآخر لنيمار البرازيل وثالث لإينيستا الأسباني والقائمة تطول والسبب معروف فأبو تريكه المصري وفخر الدين بن يونس التونسي وبشار بني ياسين الأردني غير موجودين ولكن عزاؤنا هو أنّ محاربينا الصحراويون سيوحدون العرب خلفهم.
    رسالة هامة وإنذار للقائمين على الكرة العربية في آسيا وإفريقيا، عليكم أن تنتبهوا إلى أن بوصلة الكرة في إفريقيا اتجهت نحو جنوب القارة ومنذ أمد بعيد كذلك عرب أكبر قارة في العالم فإنّها تتجه صوب شرق القارة مع أفضلية نسبية لعرب آسيا على عرب إفريقيا بعد أن تأهلت جل المنتخبات العربية لنهائيات كأس آسيا 2015 بسيدني ومن تبقى لديه فرصة هو الآخر للحاق بركب أشقائه العرب.
    لذلك لا بد أن تستفيق الاتحادات العربية من سباتها وتعيد لملمة وترتيب أوراقها وملفاتها للسعي واللحاق بركب الكرة العالمية وتطورها ونموها المتسارع لأنّ الكرة العربية تسير باتجاه عكسي ومنحدر وبتسارع مذهل نحو القاع.
    أملنا كبير في أن يذهب الجزائريون بعيدًا في العرس العالمي ليحفظوا ماء وجه الكرة العربية، فمجموعتهم ليست بالمستحيلة بعد أن غابت عنها القوى العظمى في كرة القدم حيث يلعب المحاربون بجانب بلجيكا المتطور والقوي والدب الروسي ومدربه العالمي الإيطالي كابيلو والمنتخب الكوري الصامت والمكافح.
    أيّها المحارب الجزائري، قدرك أن تعيش المونديال يتيمًا ولكن من "رحم المعاناة تولد المعجزات" فشكرًا لكم فقد ضمنتم لنا العرب أن نعيش موحدين لثلاث مباريات على أقل تقدير.
يعمل...
X