يصادف اليوم الذكرى السادسة والعشرين لانطلاق الانتفاضة الشعبيّة الفلسطينيّة، هذا الفصل النضالي المهيب من تاريخ الشعب الفلسطيني، والحلقة المتينة في سلسلة كفاحه المستمر لتحرير أرضه من الاحتلال الإسرائيلي.
ومن المفارقات أن تحل ذكرى الانتفاضة هذا العام، في ظل أجواء مساومات أمريكية وإسرائيليّة لإجبار الفلسطينيين على القبول باتفاق مرحلي، رغم أنّ أحد أبرز الأهداف التي حددتها الانتفاضة هو إقامة الدولة الفلسطينيّة المستقلة على جميع الأراضي التي احتلت عام 67.
لقد أسهمت الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وبمسارها السلمي في توحيد الشعب الفلسطيني جميعه تحت راية هذا الفعل النضالي، وتمكّنت من دحض أوهام الاحتلال بإمكانية أن يظل الشعب الفلسطيني قابعًا تحت نير الاحتلال، وبرهنت للعالم أجمع وبوضوح تام عدالة القضيّة، وتعسّف المحتل.
إنّ مقترح الاتفاق المرحلي، يمثل شكلا من أشكال تكريس الاحتلال، وتقنين تمزيق وحدة الأرض الفلسطينية من خلال سلخ الأغوار، والقدس والكتل الاستيطانية من الأراضي الفلسطينية؛ مع استمرارية السيطرة الإسرائيلية على الحدود والمعابر، إضافة إلى إلغاء حقوق اللاجئين من أبناء فلسطين.
إنّ الشعب الفلسطيني يرفض هذا الالتفاف على حقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، ولن يقبل بأي بمحاولات للانتقاص من حقوقه في دولة كاملة السيادة على ترابها وحدودها ومياهها.
كما أنّه وبعد قوافل الشهداء، والتضحيات الكبيرة، لن يرضخ هذا الشعب لمحاولات الضغط والإكراه لتمرير اتفاقيات مرحليّة وترتيبات ناقصة لا تلبي تطلعاته، بل تهدف إلى شرعنة الاحتلال وخنق ومحاصرة الحقوق الفلسطينيّة في دولة كاملة السيادة.
إنّ محادثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والتي استؤنفت بعد طول انقطاع، وتعرّضت لأكثر من مرة إلى هزّات كادت أن تطيح بها بسبب التعنّت الإسرائيلي والإصرار على الاستمرار في التوسّع الاستيطاني؛ لا يمكن أن تفضي إلى سلام حقيقي في ظل مساعي التخريب المتعمّد لمسار العمليّة السلميّة من قبل إسرائيل؛ دون رادعٍ من راعية هذه العمليّة؛ الولايات المتحدة الأمريكية.
ويبقى القول: إنّ الشعب الفلسطيني ليس بحاجة إلى اتفاق مرحلي جديد، بل يحتاج إلى تنفيذ اتفاق شامل يقضي بانسحاب إسرائيل من حدود عام 67 وإنهاء الاحتلال.