"البيع على الخريطة" ناتج عن تنامي الطلب على المشاريع العقارية
قانون ضمانات التطوير العقاري ينظم شراء "العقارات الافتراضية"
حجم حساب الضمان يعتمد على نسبة المخاطرة في المشروع
إنشاء حساب الضمان يستلزم وجود جهة منظمة لتعزيز المناخ الاستثماري
الدعوة لدراسة القوة المالية للشركات المنفذة للمشاريع وفحص عقود البيع
الرؤية- سمية النبهانية
طالب عقاريون بالتعجيل بإصدار نظام "حساب الضمان" للمشاريع العقارية الكبيرة، والذي يتم مناقشته من قبل الجهات المعنية حاليا، وذلك من أجل حماية السوق العقاري من مخاطر تعثر المشاريع العقارية.
وأوضح العقاريون أن هناك مشاريع عقارية متعددة تعثرت، وتكبد عدد من المستثمرين خسائر بسبب هذا الأمر، حيث اشتروا وحدات سكنية قبل إنشائها، مما أدى إلى زعزعة ثقة الناس في هذه المشاريع.
وأكدوا أن وجود حساب ضمان يدير الأموال التي يتسلمها المشترون للمشاريع قيد الإنشاء، من قبل الجهات المختصة؛ من شأنه أن يحفظ الأموال في حالة تأثر المشاريع، بجانب أنّها تضمن جدية المطور العقاري صاحب المشروع واستمراره في تنفيذه.
وقال فهد الغافري المدير العام لشركة مشاريع القصر الأبيض الحديثة إنّ تدفق الطلب الكبير على المشاريع المطروحة من قبل المواطنين ومواطني دول مجلس التعاون الخليجي والأجانب على حد سواء، أوجد ظاهرة ما يسمى البيع على الخريطة، وهو أن يقوم المستثمرون بشراء الوحدات العقارية في مرحلة مبكرة من التصميم والتخطيط تسبق عملية الإنشاء أو التسليم بسنوات. وأضاف أنّ عملية البيع على الخارطة شكلت ربحًا لأطراف المعادلة العقارية، فمن جهة حصل المطورون العقاريون على دفعات مسبقة ساعدتهم في توسيع أعمالهم وتحقيق أرباح مجزية، ومن جهة أخرى استفاد المستثمرون من ارتفاع الأسعار بعد عملية الشراء، وبالتالي تحقيق الأرباح.
سلطات تنظيمية
وتابع أن هذه العملية احتاجت تدخل السلطات المنظمة لتنظيم عملية البيع وربطها بالإنجاز، خوفًا من عمليات الاحتيال أو التخلف عن الإنجاز وغيرها من الأمور التي قد تعكر صفو النمو في القطاع العقاري، ولذلك فإنّه لابد من وجود قانون يسمى قانون حسابات الضمان العقاري الذي يلزم شركات التطوير العقاري في السلطنة بوضع أموال المستثمرين المشترين في المشروعات العقارية في حساب ضمان، لا يجوز لأحد التلاعب فيه إلى حين إنجاز المشروع. وأوضح أنّه يمكن إنفاق جزء منه بموافقة السلطات المسؤولة ولأسباب لا تتعارض مع القانون، بهدف حماية المستثمرين من تأخير أعمال الإنشاء.
وزاد أنّ القانون يهدف إلى حماية أموال المشترين للعقارات المُباعة على الخريطة من العبث أو التلاعب المحتمل في سوق يضم الشركات العقاريّة من خلال فتح حسابات الضمان، في حين يتم وضع آلية بشروط مرنة تسمح للمطورين العقاريين بالتصرف في الأموال المودعة في تلك الحسابات كي لا يواجهوا مشاكل مالية قد تنعكس سلبًا على تنفيذ المشروع.
وأوضح الغافري أنّ وضع قانون ضمانات التطوير العقاري، يهدف إلى تنظيم عملية شراء العقارات الافتراضيّة أو ظاهرة البيع على الخريطة، وذلك لضمان عدم ظهور ما يُسمى بـ"التطوير العقاري الوهمي"، على أن يكفل القانون المقترح حماية المشترين من سوء الاستعمال والاستغلال والمغالاة في المطالبة بالدفعات المالية من بعض المطورين، ومن أي غش أو تلاعب أو تأخير غير مبرر في التسليم لمشروعات قيد الانشاء.
وتابع أنّه ينبغي أن تقوم إدارة أمانة السجل العقاري بإعداد سجل خاص يسمى بسجل المطوّرين العقاريين، ويتم فيه تقييد أسماء المطورين المرخص لهم بمزاولة العمل في السلطنة، بحيث يحظر عليهم الإعلان عن نشاطهم بشراء العقار وبيعه في وسائل الإعلام أو المشاركة في المعارض دون تصريحٍ كتابي من الجهة الإدارية المختصة. وتابع أنّه ينبغي أن يكون هناك شرط بإنشاء حساب الضمان بموجب اتفاقيّة بين المطور وأمين الحساب، يتم خلاله ايداع المبالغ المدفوعة من المشترين لوحدات على الخريطة أو الممولين في حساب خاص يفتح باسم المشروع العقاري، على أن يحتفظ أمين الحساب بنسبة 5% من القيمة الكليّة لحساب الضمان بعد حصول المطور على شهادة الإنجاز، ولا تصرف المبالغ المحتفظ بها إليه إلا بعد انقضاء عام من تاريخ تسجيل.
ضرورة التحوط
وشدد على أنّ هناك نسبة مخاطرة لجميع المشاريع العقارية كما تتراوح النسبة مع حجم المشاريع وقوة الشركة المنفذة للمشروع من الناحية المالية وقدرتها كذلك على تنفيذ المشروع حتى وإن تخلف بعض المشترين عن سداد المبالغ المستحقة في موعدها. ولفت إلى أنّ المخاطر لدى الشركات التي تقوم بتنفيذ المشاريع العقارية تكمن في ألا يكون لديها قوة مالية تساعدها على الاستمرار في تنفيذ المشروع في حالة تخلف بعض المشترين عن سداد الأقساط، مما ينتج عنه توقف هذه المشاريع، وبالتالي التأخر في تسليم الوحدات العقارية. وأشار إلى أنّ التأخير في تسليم المشاريع تنتج عنه خسائر ماليّة كبيرة للطرفين المتمثل في الشركة المنفذة والمستثمرين، ولذلك لابد على المستثمرين التأكد من القوة المالية لدى الشركات المنفذة لمثل هذه المشاريع. وأوضح أنّه يتعين على المستثمرين دراسة العقود بشكل جيّد لمعرفة كافة تفاصيل التعاقد ومعرفة البنود التي تكفل حقهم في حالة تخلف الشركة في تسليم الوحدات العقارية في الموعد المتفق عليه.
وتابع أنّ السلطنة باتت أكثر وعيًا لأهميّة بث الثقة بقطاعاتها العقارية عبر إيجاد منظومة من القوانين المنظمة لعملية شراء وتملك واستخدام العقارات واستثمارها، كما أنّ السنوات الخمس الماضية شهدت إقبالا كبيرًا على العقارات في السلطنة من مواطنين ومن مواطني مجلس التعاون الخليجي بعد الانفتاح الاقتصادي والسماح للأجانب بالتملك. واستطرد أنّ التجربة مرت ببعض القضايا التي أصبح من الواجب معالجتها لضمان استمرار النمو في القطاع العقاري، الذي أصبح من القطاعات المهمة المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي في السلطنة.
فيما قال المهندس هاشم بن طاهر آل إبراهيم صاحب شركة مقاولات وعضو المجلس البلدي بمحافظة ظفار، إنّ هناك نماذج من المشاريع المتعثرة التي لم يتم استكمالها نظرا لعدم وجود مصداقيّة من قبل المطور العقاري، مما ينتج عنه فقدان الثقة في مثل هذه المشاريع الكبيرة بالرغم من وجود مشاريع ناجحة تمّ تنفيذها بكل اتقان وأصبحت واجهة حضارية ونموذجًا للمشاريع العقارية التي نفتخر بها.
ويرى آل إبراهيم أنّه ليس من الضروري اكتمال البناء قبل الشراء، كما أنّ وجود أنظمة تحكم مثل هذه العلاقات التجارية، سوف يضع حدًا للتصرفات غير المسؤولة والتي تنتج عن قيام المطور العقاري باستغلال هذه الأموال في مشاريع أو تصرفات تجارية أخرى تعود عليه بالنفع مما يتسبب في تأخر إنجاز المشروع ذاته أو تعثره.
حساب الضمان
وتابع آل إبراهيم إنّ وجود حساب ضمان في المشاريع الكبيرة لا بد أن يصاحبه وجود جهة منظمة لذلك كان تكون وزارة السياحة على سبيل المثال، والذي من شأنه خلق مناخ استثماري تنتشر فيه روح الثقة.
وحول مدى حاجة السوق العقاري لنظام حساب الضمان، أكد آل إبراهيم أنّ السوق بالفعل في حاجة له، حيث إنّه يسهم في تأصيل الثقة بالسوق العقاري، لا سيما في المشاريع الكبيرة بالرغم من استقرار السوق العقاري، وخاصة مع دخول العام الجديد 2014، والذي يستوجب دخوله بأنظمة جديدة قادرة على تطوير الاقتصاد وسد الثغرات. وتابع أنّه لابد من سن القوانين والأنظمة إلى جانب إنشاء هذا النظام وتكليف جهة محددة لإدارة السوق العقاري.
وكان سعادة عبدلله بن سالم المخيني أمين السجل العقاري بوزارة الإسكان قد صرح سابقا لـ"الرؤية" أنّ الجهات المعنيّة والمتمثلة في وزارة الإسكان، ووزارة السياحة، والبنك المركزي العماني يناقشون مسألة إنشاء "حساب ضمان" للشراة في المشاريع الكبيرة، بحيث يتم حفظ أموال المشترين، ويشترط على المستثمر صاحي المشروع ألا يستخدمها إلا في المشروع نفسه، كما يتم منحه الأموال على مراحل إنشاء المشروع بناء على توصية من الاستشاري، وليس دفعة واحدة، بحيث إنّ المالك لا يستفيد إلا بعد انتهاء المشروع، موضحًا أنّ هذا القرار في طريقه للإصدار. وتابع المخيني أنّ عدم وجود حساب ضمان يضع المشترين في خطورة كبيرة، فمن يشتري شقة أو فيلا من مستثمر في المشاريع الكبيرة، أو التي مازالت تحت الإنشاء، لا يوجد ضمان له في حالة خسارة المشروع، أو في حالة احتيال المستثمر وهروبه، مستطردا أن بإصدار حساب الضمان سيكون المشتري بأمان في المستقبل، وختم بقوله: لا يوجد شيء كامل، وظهور التحديات دليل على تطور القطاع وبروز احتياجات جديدة تبعًا للتطور الحاصل. وهذه واحدة من التحديات التي يواجهها القطاع.