مسقط - ناهد الكلبانية
تصوير/ إبراهيم القاسمي
نظمت وزارة التربية والتعليم -ممثلة باللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم، ولجنة تطوير الأداء اللغوي بالوزارة- فعالية الاحتفال بأيام الإلسكو والنهوض باللغة العربية؛ وذلك تحت رعاية سعادة مصطفى بن علي بن عبداللطيف وكيل وزارة التربية والتعليم للشؤون الإدارية والمالية.
وشارك في الاحتفال الأستاذ الدكتور محمد عبد الباري القدسي المدير العام المساعد للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الإلسكو". وتستهدف الفعالية أعضاء اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم، وأعضاء لجنة تطوير الأداء اللغوي، والجهات ذات العلاقة بالتربية والثقافة والعلوم والاتصال والمعلومات من مؤسسات حكومية وأهلية وخاصة والمشرفين والمعلمين المعنيين بتعليم اللغة العربية بوزارة التربية والتعليم، فضلا عن الأكاديميين والمهتمين بالأدب واللغة العربية.
أهداف الاحتفال
ويأتي تنظيم هذا الاحتفال بهدف تعزيز أوجه التعاون بين السلطنة والإلسكو في مجالات التربية والثقافة والعلوم، وإبراز الإنتاج الفكري للإلسكو للجهات المستهدفة، والتعريف بدور الإلسكو وبرامجها ومشاريعها في مجالات التربية والثقافة والعلوم للجهات ذات العلاقة بالسلطنة، والتركيز على "مشروع النهوض باللغة العربية للتوجه نحو مجتمع المعرفة"، والذي تشرف عليه الإلسكو، بجانب مشاركة دول العالم في الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية، والتعريف بدور وزارة التربية والتعليم في مجال النهوض بتعليمها وتعلمها، ودور الإعلام في سبيل النهوض باللغة العربية. كما يأتي الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية بعد أن اعتمد المجلس التنفيذي لليونسكو في دورته الـ190، يوم 18 ديسمبر من كل عام يوما عالميا للغة العربية، وتم الاحتفال به للمرة الاولى في العام الماضي 2012، وجاء اختيار 18 ديسمبر لأنه اليوم الذي أقرت به الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1973 اعتبار اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية لها ولكافة المنظمات الدولية المنضوية تحتها.
تعاون مستمر
واشتمل برنامج افتتاح الحفل على كلمة وزارة التربية والتعليم التي قدمها محمد بن سليم اليعقوبي أمين اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم، وتحدث من خلالها عن أهمية الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية قائلا: إنه لمن دواعي الغبطة أن يكون احتفالنا بأيام الإلسكو في هذا اليوم متزامناً مع الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية؛ فكلا المناسبتين له الأهمية البالغة؛ فالاحتفال باليوم العالمي للغة العربية الذي يصادف الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، تم اعتماده من قبل اليونسكو، وجميع دول العالم مدعوة للاحتفاء بهذه المناسبة الغالية علينا كأمة عربية. أما الاحتفال بأيام الإلسكو فهو حلقة مهمة في سلسلة التعاون المستمر مع هذه المنظمة العريقة. وحول أهمية التعاون بين منظمة الإلسكو وسلطنة عمان، والبرامج والمشاريع التي تتبناها المنظمة أضاف اليعقوبي بأنه وفي سياق التعاون القائم بين السلطنة والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم تحديداً؛ فإن هنالك العديد من البرامج التربوية والثقافية والعلمية المشتركة، وبرامج للزيارات المتبادلة.. مشيرا إلى أنه في مارس الماضي استقبلت معالي الدكتورة رئيسة اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم بمكتبها معالي المدير العام الإلسكو، وها نحن اليوم نستقبل المدير العام المساعد للإلسكو، ونظمت زيارات للعديد من موظفي أمانة اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم إلى مقر الإلسكو بالجمهورية التونسية بدعم من المنظمة.
وتابع بأن مسقط حظيت بشرف عاصمة الثقافة العربية في العام 2006؛ حيث يُعتبر مشروع العواصم الثقافية العربية أحد أهم المشاريع الكبرى التي تتبناها الإلسكو، وبالإضافة إلى مشروع العواصم الثقافية تضطلع الإلسكو بالعديد من البرامج والمشاريع ذات الأهمية تحقيقاً لأهدافها وفي مختلف المجالات التي تُعنى بها المنظمة؛ ومنها على سبيل المثال لا الحصر: "خطة تطوير التعليم في الوطن العربي" التي اعتمدتها القمة العربية المنعقدة بدمشق عام 2008 وعهدت بتنفيذها إلى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بالتعاون مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية. وأوضح أن الإلسكو تشرف على إنجاز موسوعة أعلام العلماء والأدباء العرب والمسلمين، وهو مشروع علمي وثقافي الهدف منه هو التعريف بالدور الإيجابي الذي كان للأمة العربية في إغناء الحضارة البشرية، ويعتبر مشروع "النهوض باللغة العربية للتوجه نحو مجتمع المعرفة" من أهم المشاريع التي عهد إلى الإلسكو تنفيذها بعد إقراره من مجلس الجامعة العربية على مستوى القمة، ويهدف المشروع إلى الحفاظ على الهوية العربية -ممثلة في لغتها الأم "اللغة العربية"- والاهتمام باللغة العربية على أنها وعاء للمعرفة وسبيل الأمة نحو التوجه إلى مجتمع المعرفة.
السياج الآمن
وفيما يتعلق بأهمية اللغة العربية، أكد أمين اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم، أنه عند الحديث عن اللغة، فإنه ما من شك أن موقع اللغة في المنظومة الحضارية والفكرية للأمم والشعوب كموقع القلب من الجسد؛ لا تحدها مقاييس ولا تستوعبها مقادير؛ فهي السياج الآمن للأجيال كونها العمق الحضاري والامتداد الطبيعي الذي يربط الحاضر بالماضي. وأوضح أن اللغة هي صمام الأمان للأمة باعتبارها الهُوية المتأصلة لها، وهي الوعاء لنتاجهم العلمي وإسهامهم الفكري، واعتباراً لكل ذلك؛ فإن أهميتها تتعاظم يوماً بعد آخر لتصبح عاملاً مؤثراً في كل مناحي الحياة وفي التنمية المستدامة بجوانبها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على حد سواء؛ حيث يؤكد العلماء على أن للغة عدة وظائف وأدوار في عملية التنمية المستدامة؛ فهي توفر تبادل ونقل المعرفة والخبرة بين أفراد المجتمع ومؤسساته. وزاد بأن اللغة العربية وسيلة التواصل بين أجزاء منظومة العلوم والتكنولوجيا التي تعتبر من أهم الطرق المؤدية إلى مجتمع المعرفة والابتكار والإبداع؛ وبالتالي فإن الأمم اليوم تدرك أن بقاءها وقوتها إنما هما مرهونان ببقاء وقوة لغتها، وترسيخها بين أجيالها كلغة علم.
وأضاف بأنه تم التخطيط لهذه المناسبة بأن تكون فاعلة وفريدة وذات قيمة علمية وعملية كبيرة؛ فهي بالإضافة إلى جانب طبيعتها الاحتفالية؛ إلا أنها تشتمل على أوراق عمل تتمحور حول اللغة العربية ودور الإعلام للنهوض بها؛ حيث المحور الرئيس لاحتفالات اليوم العالمي للغة العربية لهذا العام يركز على دور الإعلام في تقوية أو إضعاف اللغة العربية. وتابع بأن أوراق العمل تتسم بالطرح العلمي المعمق بمشاركة متحدثين متخصصين؛ إذ تتناول هذه الأوراق عدة جوانب في غاية الأهمية، وستشتمل احتفالية هذا اليوم على تكريم مجموعة من المعلمين والمشرفين المطبقين لبرنامج "أقرأ وأفكر"، الذي تبنته الوزارة بهدف تعزيز وتطوير الأداء اللغوي لدى الطلاب في كافة محافظات السلطنة، والأمل أن تستمر مثل هذه المشاريع والمسابقات للنهوض بلغتنا العربية.
حفظ الحضارة
وعقب ذلك، قدَّم سيف بن سليمان المعولي مشرف لغة عربية بتعليمية محافظة مسقط، وعضو اللجنة المحلية لتطوير الأداء اللغوي، كلمة المكرمين، والتي تحدث من خلالها قائلا: إن اللغة العربية في الأمم صمام أمانها، وسبب بقائها إذا تنازعها تعدد الأديان أو اختلاف الأصول وتعدد المشارب، ولعل هذا ما حمل منظمة اليونسكو على تبني يوم للغة الأم، لتؤكد على أهمية اللغة العربية للشعوب والمجتمعات وواجب هذه الشعوب في المحافظة عليها. وأضاف بأن تخصيص يوم عالمي للغة العربية وهو الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، يستقي أهميته من كونه يوماً تشاركنا فيه الأرض كلها الاحتفاء بلغتنا العربية الجميلة؛ اعترافا من المنظمات العالمية بدور هذه اللغة في حفظ تراث حضارة عربية وإسلامية دامت ثمانمائة عام ويزيد.
وزاد بأنه يُمثل اعترافا بدور اللغة العربية في حفظ كنوز لا تقدر بثمن من نتاج الحضارات التي سبقتها وعاصرتها، وذلك بفضل حركة الترجمة الرائدة التي كانت في الدولة العباسية والدولة الأندلسية، وعليه فلا يليق بنا أن يمر علينا نحن أبناء العربية وحماتها هذا اليوم دون الوقوف فيه إجلالا وتقديرا للغتنا العربية الجميلة، وها هم كوكبة من المعلمين والمعلمات والمشرفين والمشرفات الذين ضحوا بأوقاتهم من أجل رفع المستوى اللغوي لأبنائهم الطلاب شعوراً منهم بأهمية اللغة ودورها في حاضر هؤلاء الطلاب ومستقبلهم.
وتلى ذلك تقديم قصيدة شعرية حول أهمية اللغة العربية ومكانتها، ثم قام راعي الحفل بتكريم مجموعة من المعلمين والمشرفين المطبقين لبرنامج "أقرأ وأفكر" والذي تبنته الوزارة بهدف تعزيز وتطوير الأداء اللغوي لدى الطلبة في كافة المحافظات التعليمية بالسلطنة.
وعقب ذلك، قام راعي المناسبة بالتجول في المعرض المصاحب للاحتفال والذي تضمن مجموعة من الكتب المتنوعة المهتمة باللغة العربية، بجانب الكتب الخاصة لبرنامج "أقرأ وأفكر".
وركزت أوراق العمل التي تم تقديمها في الفعالية على المحور الرئيسيلليوم العالمي للغة العربية في هذا العام، وهو "دور الإعلام في تقوية أو إضعاف اللغة العربية"، من خلال مجموعة من المحاور الفرعية منها: مدى مساهمة الإعلام في نشر اللغة العربية خارج حدود الوطن العربي، والنسخة العربية في القنوات الفضائية الأجنبية، ودوافعها، ودور الإعلام الجديد في إعادة الشباب العربي إلى لغته، وجاءت الورقة الأولى تحت عنوان "برامج ومشاريع الإلسكو والنهوض باللغة العربية"، والتي قدمها الأستاذ الدكتور محمد عبد الباري القدسي المدير العام المساعد للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الإلسكو"، وتحدث من خلالها عن أهمية اللغة العربية، وجهود المنظمة لدعمها.
ثم قدَّم الدكتور محمود بن سليمان الريامي أستاذ مساعد بجامعة السلطان قابوس في علوم اللغة العربية ورقة العمل الثانية بعنوان "دور الإعلام في النهوض باللغة العربية"؛ حيث تناولت الورقة تعريف اللغة كظاهرة إنسانية، ووظائفها التواصلية والفكرية والثقافية وأهم ما تميزت به اللغة العربية من خصائص وسمات جعلتها لغة القرآن الكريم والدين الإسلامي، كما تحدثت الورقة عن العلاقة بين اللغة العربية والإعلام وخصائص اللغة الإعلامية، وعن واقع اللغة العربية في الإعلام المعاصر في الصحافة والإذاعة والتلفاز والقنوات الفضائية، ونبهت الورقة إلى أهمية اللغة العربية ومكانتها في برامج الأطفال والبرامج الحوارية والإعلانات، ووصفت الورقة بعض الحلول لتطوير اللغة العربية.
بينما تناولت الورقة الثالثة بعنوان "دور وزارة التربية والتعليم للنهوض بتعليم اللغة العربية وتعلمها"، التي ألقتها سمية بنت سليمان السليمانية من المديرية العامة لتطوير المناهج، وتحدثت في ورقتها عن منزلة اللغة العربية في المنظومة التربوية؛ حيث إنها لغة التدريس في كل المواد الاجتماعية والعلمية والتقنية والفنية في كل مراحل التعليم الأساسي وما بعده، وتناولت مقاصد تدريسها، ثم تحدثت عن جهود الوزارة لدعم اللغة العربية في مجالات المناهج، والبرامج والمشاريع التربوية، وفي مجال المسابقات والمشاركات المحلية والإقليمية والدولية.