الوهيبية: التوافق المجتمعي حول السياسات الاجتماعية يعزز قابليتها للتنفيذ
اللواتية: السياسات الاجتماعية ركيزة لتنمية القدرات البشرية للمواطنين
التركيز على المعرفة والمهارات الأساسية لرفع كفاءة الشباب
الرؤية- فايزة سويلم الكلبانية
تختتم صباح اليوم الأربعاء فعاليات ندوة "السياسات الاجتماعية في إطار الانطلاق الاقتصادي"، والتي تنظمها الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط، تحت شعار "نحو توافق مجتمعي حول السياسات الاجتماعية"، وتناقش الندوة صباح اليوم محوري "الحماية الاجتماعية" و"آليات التنفيذ والتقييم والمتابعة".
وتمّ بالأمس التركيز على مناقشة محوري "التعليم والتدريب والتشغيل"، و"الاستثمار في البشر.. السياسات القطاعية". وقالت انتصار بنت عبد الله الوهيبية القائمة بأعمال مدير عام التخطيط التنموي بالأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط رئيسة فريق عمل السياسات الاجتماعية إن ما يثلج الصدر في الندوة الترحيب الكبير من قبل المسؤولين من الجهات الحكومية والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني، ما يدل على نجاح مشروع السياسات الاجتماعية، والذي كان منذ البداية في مراحل إعداده، كانت هناك مشاركة مجتمعية واسعة. وأوضحت أن الندوة تأتي للتحقق من هذه السياسات الاجتماعية التي تعبر عن آراء شرائح المجتمع المختلفة، كما تمت دعوة ممثلي الجهات لمناقشة ودراسة وتقييم ما تم التوصل إليه من نتائج خلال اللقاءات والاستطلاعات للحصول في النهاية على توافق مجتمعي، والتي سوف يعزز قابليتها للتنفيذ. وأشارت الوهيبية إلى أنّ الجلسة الأولى تمحورت حول التعليم والتدريب والتشغيل، وهو ما يعد أهم المحاور في السياسات الاجتماعية على الاطلاق كونه المحور الذي يهدف إلى تحسين الوضع الاقتصادي للشباب العماني وأيضًا تأهيلهم لاقتناص فرص العمل المتوفرة في سوق العمل، ومن ناحية أخرى فإنّ الشباب يمثلون الفئة التي تعول عليها السلطنة لتسريع وتيرة النمو واستدامة التنمية. وأضافت الوهيبية في السياق ذاته أن محور التعليم والتدريب والتشغيل يهدف إلى توفير فرص عمل منتجة ومجزية للشباب العماني من خلال سياسات تهدف للارتقاء بمهاراتهم وقدراتهم، وليس فقط التوسع في التعليم، وإنما أيضاً الانتقال من مبدأ إتاحة الخدمات إلى الجودة في تقديمها، إضافة إلى المواءمة ما بين المخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، وكذلك سياسات تدعم الاستثمار في القطاعات التي توجد فرص عمل للمواطنين.
وقالت رئيسة فريق عمل السياسات الاجتماعية إن محور الاستثمار في البشر يتصل بالإنسان العماني، وقد نبع من منطلق أن الإنسان صانع التنمية وغايتها النهائية، وبالتالي الاهتمام به لابد منه وأن يأتي في المرتبة الأولى والتجارب العملية كلها برهنت أن الاستثمار في البشر هو من أعلى عوائد الاستثمار. وأشارت إلى أن هذا المحور يتعلق بتجويد الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين والنقل والإسكان من خلال توفير السكن المناسب اللائق للعمانيين وتطوير وسائل النقل العام، وأيضًا تحسين جودة الخدمات للارتقاء بمستوى معيشة المواطن. وذكرت أن اليوم الأربعاء سوف يتم مناقشة محور الحماية الاجتماعية، وسيتم طرحها من ثلاثة أركان؛ الأول عن تطوير نظام التأمينات الاجتماعية، والثاني عن تطوير نظام الضمان الاجتماعي، والأخير عن تدعيم أساليب التكافل الاجتماعي باستهداف المناطق الأقل نموًا، والفئات الضعيفة في المجتمع.
وأشارت إلى أن المحور الرابع والأخير عن آليات التنفيذ والتقييم والمتابعة وأن خلال اللقاءات بالمحافظات وزيارات الميدانية كان هناك ترحيب كبير بهذا المحور، لأنّ كثيرا من الخطط وضعت والبرامج والإستراتيجيات، ولكن لم تنفذ أو لم تضع لها إستراتيجيات للتنفيذ في السابق، مؤكدة أن السياسات الاجتماعية ما يميزها أن هناك إستراتيجيات للتنفيذ والتقييم والمتابعة، ووجود نظام محكم ودقيق للمتابعة من خلال تبني أسلوب مؤشرات أداء قابلة للقياس كمية ونوعية، تسهل عملية تتبع وتقييم وتنفيذ هذه السياسات.
الجلسة الأولى
وفي المحور الأول بعنوان "التعليم والتدريب والتشغيل"، ترأست الجلسة الأولى سعادة الدكتورة منى بنت سالم الجردانية وكيلة وزارة القوى العاملة للتعليم التقني والتدريب المهني. وقدمت سوسن بنت داود اللواتية مديرة المكتب الفني للجنة الوطنية للسكان عرضا مرئيا حول محور "التعليم والتدريب والتشغيل"؛ حيث رصدت اللقاءات والمناقشات واستطلاعات الرأي أن محور التعليم والتدريب والتشغيل يعتبر ذا أولوية والتحدي الأهم لدى مختلف فئات المجتمع. وقالت إنّ إشكالية هذا المحور تتمثل في كيفية تقليص الفجوة بين الطلب على المهارات والمعروض منها لدى القوى العاملة، وتوفير القوى العاملة المدربة وتحقيق الاستجابة لاحتياجات سوق العمل وخاصة في القطاع الخاص، والارتقاء بالإنتاجية والقدرة التنافسية لتتواكب مع الانطلاقة الاقتصادية التي تشهدها السلطنة، بالإضافة الى تخفيف حدة التباين في فرص التشغيل بين المحافظات المختلفة. يضاف إلى ذلك مجموعة من التحديات المستقبلية تتمثل في أنه بحلول عام 2040 يقدر أن يصل تعداد السكان في السلطنة إلى نحو 5.2 مليون نسمة منهم 3.7 مليون (69%) مواطنين. ومما يتطلب توفير فرص تشغيل لقوة العمل العمانية والتي من المتوقع أن تصل في عام 2040 بحوالي 1.3 مليون، أيضاً هناك تحدٍ آخر هو ضرورة نمو القطاعات غير النفطية بمعدل لا يقل عن (2%) سنوياً لتمكين القطاع الخاص من استيعاب هذه الزيادة الملحوظة في القوى العاملة الوطنية.
وأوضحت اللواتية أن رؤية الفريق حول هذا المحور تتركز في أن تصبح السياسات الاجتماعية ركيزة لتنمية القدرات البشرية للإنسان العماني بما يمكنه من توسيع مجال الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية المتاحة في إطار نظام متكامل للرفاهة الاجتماعية (Social Welfare) يتسم بالعدالة والاستمرارية بما يعزز من قدرات المواطن الذي هو أداة التنمية الاجتماعية وهدفها). مشيرة إلى أن الهدف العام يتمثل في صياغة سياسات اجتماعية تحقق التوازن بين الرؤية الاقتصادية والاجتماعية من أجل توزيع منصف لثمار النمو الاقتصادي وضمان استفادة جميع المواطنين ومن حزمة الخدمات الاجتماعية.
الأهداف التفصيلية والمنهجية
وأضافت اللواتية أن الأهداف التفصيلية تتمثل في تحقيق التشغيل الكامل للمواطنين في أعمال منتجة ومجزية وخاصة للشباب، والتركيز على الاستثمار في البشر وبناء القدرات والمهارات المعرفية للمواطن. إلى جانب الانتقال من مرحلة الإتاحة للخدمات الاجتماعية المقدمة للمواطنين إلى مرحلة الكفاءة والجودة. والاهتمام بالمناطق الأقل نمواً واستهداف الفئات محدودة الدخل. وقالت إنّه تم التركيز على منهجية الحوار المجتمعي؛ حيث اعتمدت المنهجية على البداية من القاعدة إلى القمة، واللقاءات مع المسؤولين الحكوميين والقطاع الخاص وممثلي المجتمع المدني، والحوار الموسع على مستوى جميع محافظات السلطنة (مصفوفة أولويات المحافظات)، بالإضافة إلى استطلاع أراء الشباب.، وبلورة السياسات الاجتماعية التي تعكس توافقاً مجتمعياً.
وأجملت اللواتية التحديات الرئيسية في إمكانية توفير فرص التشغيل لقوة العمل المتوقعة عام 2040، والتشغيل في فرص عمل منتجة ومجزية هو المدخل السليم لرسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى نمو القطاعات غير النفطية بمعدل لا يقل عن 2% سنويا لتمكين القطاع الخاص من استيعاب هذه الزيادة في قوة العمل. وأشارت إلى أن الحلول الإستراتيجية تتمثل في الارتقاء بالمستوى التعليمي للعمانيين من خلال معالجة التسرب من التعليم في مراحل مبكرة، وخلق منظومة موحدة للتعليم التقني أسوة بتجارب النمور الآسيوية، إلى جانب الارتقاء بجودة التعليم العام والعالي، حيث يتمثل الحل في تفعيل توصيات "إستراتيجية التعليم"، وكذلك نتائج دراسة وزارة التربية والتعليم والبنك الدولي "التعليم في سلطنة عمان.. المضي قدماً في تحقيق الجودة"، عمان 2012 وفي مقدمتها وسائل الارتقاء بجودة التعليم عن التركيز على ثلاثية التعليم وهي المعلم والطالب والمدرسة، وهو إدخال مفهوم التعليم الريادي في المنظومة التعليمية بهدف تزويد الطلاب بالمعرفة والمهارات التي تحفزهم على اقتناص الفرص بعكس التعليم العام الذي يركز على إدارة ما هو قائم، هذا بالإضافة إلى تجسير الفجوة بين التعليم وسوق العمل من خلال التدريب والتدريب المستمر، وتبني منهجية جديدة للتدريب تتمثل في (الصندوق الوطني للتدريب) والتي تهدف إلى المواءمة بين مخرجات التعليم والتدريب والطلب الحقيقي في سوق العمل، والبعد عن مفهوم المناهج التدريبية التقليدية التي تركز على جانب العرض عن الوفاء باحتياجات سوق العمل، إلى جانب تطوير استراتيجيات تشغيل القوى العاملة الوطنية من خلال وضع إطار مؤسسي وتشريعي يضمن أن تكون المشروعات الكبيرة (السكك الحديدية، ميناء الدقم، المطارات) فرصة لإتاحة فرص عمل وطنية واكتساب مهارات جديدة.
الجلسة النقاشية
وركزت الجلسة النقاشية للمحور الأول حول "التعليم والتدريب والتشغيل" على ثلاثة تساؤلات رئيسة، وكان التساؤل الأول: ما هي السياسات والبرامج والمشروعات والإجراءات المقترحة التي يمكنها أن تساهم في خلق فرص عمل وتمكن المواطن العماني من العمل في القطاع الخاص بشكل محدد؟
وركز النقاش في هذا التساؤل على عمل دراسة حول المهن التخصصية لتحديد الجهات التدريبية داخل وخارج السلطنة، إضافة إلى تضمين البرامج الدراسية في مختلف المراحل ومبادئ وتطبيقات ومشاريع وريادة الأعمال، ودعم مشاريع الابتكار العلمي في مراحل التعليم المختلفة، وتطوير التعليم إلكترونياً والتدريب عن بعد، إلى جانب الأجر مقابل الأداء وتطوير التعليم التقني وتدريب الطلبة في بيئة العمل الحقيقية ورفع مستوى الأجور في القطاع الخاص، ورفع نسبة التعمين المطلوب تحقيقها من الشركات خاصة في الوظائف العليا، وتحسين بيئة العمل خلال تقريب ساعات العمل والإجازات مع القطاع العام، ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتحسين اللوائح والأنظمة لجلب الاستثمارات الخارجية، والحصول على الشهادات المهنية، والحوافز المعنوية والمادية، إلى جانب توحيد ساعات العمل بين الحكومة والقطاع الخاص وليس بتخفيض ساعات العمل بل لزيادة ساعات العمل في القطاع الحكومي وتحويل الخدمات الحكومية التي تقدم للعموم إلى إلكترونية، وتوحيد ميزات قانون معاشات موظفي الحكومة والتأمينات الاجتماعية على ألا يتم تخفيض سنوات الخدمة للاستحقاق، بالإضافة إلى أن يكون التعيين في القطاع الحكومي مبنيا على المنافسة الجادة وفقاً لمعايير معلنة، على أن يتم ربط أداء العامل في القطاع الخاص بإنتاجيته، بالإضافة إلى إيجاد مظلة اجتماعية عند فقدان الوظيفة للعامل لفترة محددة أو إلى أن يتم إيجاد فرصة عمل بديلة لكون القطاع الخاص يعمل بمبدأ الربح والخسارة، وكذلك التدريب على رأس العمل ورفع مستوى كليات التقنية، وتعديل قانون التأمينات الاجتماعية، وتخفيف نسبة الفوائد على القروض الشخصية ودعم العاملين على القطاع الخاص لحسابهم الخاص، بالإضافة إلى تغيير السياسة الحالية وفتح مجال للتنافس على وظائف القطاع الحكومي فقط لمن سبق له العمل في القطاع الخاص، وتحسين المنافع التقاعدية وامتيازات للعاملين في القطاع الخاص وتطوير قانون العمل.
التعليم والتدريب
وفي التساؤل الثاني، إذا كنت ترى أن نوعية التعليم والتدريب غير كافية لتأهيل المواطن لسوق العمل، ما هي مقترحاتك المحددة لتحقيق نقلة نوعية في رفع كفاءة المواطن العماني وتأهيله لسوق العمل؟
ودار النقاش في هذا التساؤل على أهمية التركيز على المعرفة والمهارات الأساسية، والتدريب المتساوي في مؤسسات التعليم، وعناصر اختيار المعلم وتطوير أدائه، وإيلاء أهمية التدريب والتأهيل للدراسات العليا، وإنشاء مركز وطني للقياس والمؤهلات، وإنشاء مركز لقيادات التعليم، ونوعية التدريب الجيدة وتحتاج إلى استحداث مهن جديدة يحتاجها سوق العمل، وتطوير الكفاءة بدعم الجوانب العلمية في المناهج الدراسية، وتنويع مسارات التعليم التقني والتطبيقي والتدريب المهني، وربط المناهج بالمعارف والتقنيات الحديثة في سوق العمل، وإدماج طلبة الدبلوم والجامعي في بيئة العمل بشكل أفضل، والتدريب المستمر للكوادر التعليمية مع وضع معايير لتقييم الكوادر بشكل دوري، وتشريب مناهج التعليم العام والتعليم العالي بمفاهيم وأسس ومهارات التعليم الريادي، وتأسيس مركز بحثي لمواءمة مخرجات التعليم العالي مع حاجات سوق العمل، وزيادة الدعم لبرامج التدريب في مختلف المؤسسات العامة والخاصة خاصة برامج التدريب على رأس العمل. وإشراك القطاع الخاص في توفير منح تدريبية للطلبة المتخصصين في البرامج الثقافية،زيادة عدد البعثات والمنح الخارجية إلى الجامعات ذات الجودة العالية في التخصصات التي يحتاجها سوق العمل، إصدار قانون المعايير المهنية الأكاديمية لرفع جودة التعليم في الكليات الخاصة في السلطنة، تطوير المناهج الدراسية والارتقاء بها للأفضل، التخطيط وضبط الجودة، دراسة بعض اللغات وإدخالها ضمن المناهج الدراسية مثل اللغة الفرنسية والألمانية نظرا لأهميتها في التخصصات العلمية،التشجيع على عمل جزئي في القطاع الخاص للطلبة بالإضافة الى إيجاد برامج تعليمية وتدريبية مهنية جزئية ودون اشتراط علاقة التخصص الدراسي بالوظيفة الجزئية، التدريب على احترام أخلاقيات العمل وجميع المهن ومناهضة النظرة الدونية لأي مهنة، تنويع مسارات التعليم ما بعد الأساسي، تجويد برامج الإنماء المهني أثناء الخدمة، زيادة المقررات الدراسية المتوافقة مع سوق العمل. فيما كان التساؤل الثالث حول نوعية المؤسسات القادرة على الارتقاء بمهارات قوة العمل الوطنية.
الجلسة الثانية
وفي الجلسة الثانية، نوقش المحور الثاني بعنوان "الاستثمار في البشر .. السياسات القطاعية"، وترأست الجلسة المكرمة المهندسة ناشئة بنت سعود الخروصية عضوة مجلس الدولة. وقالت إن سياسات النمو التي لا ترتكز على العنصر البشري، تفقد الكثير من كفاءتها، إذ إن الاستثمار في البشر وبناء القدرات والمهارات المعرفية للمواطن يعد الهدف الأسمى من وراء السياسات التنموية، ومن الأهمية بمكان تحديد أولويات لسياسات الاستثمار في القطاعات الاقتصادية وغيرها من السياسات النقدية والمالية تهدف جميعها في الأساس إلى تحقيق هدفين مزدوجين في آن واحد وهما النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية، وذلك بما يضمن تحقيق التوازن في الرؤية الاقتصادية والاجتماعية ومن ثم استفادة عادلة لجميع المواطنين من ثمار النمو الاقتصادي ومن حزمة الخدمات الاجتماعية.
وألقى صالح بن سعيد العبيداني من فريق تقرير السياسات الاجتماعية، عرضا مرئيا حول ما توصل إليه الفريق من نتائج فيما يخص هذا المحور. وخلال هذا المحور تم التركيز على دراسة 4 قطاعات رئيسية وهي (الصحة، والإسكان، والاتصالات، والخدمات المجتمعية). وأوضح أنه من خلال الحوار المجتمعي واستطلاع آراء الشباب تم إعطاء أهمية خاصة لمرئيات الشباب بالتركيز على مشكلة التشغيل وتم تنفيذ هذا الاستطلاع من قبل المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، بالتعاون مع وزارة التعليم العالي، والهيئة العامة لسجل القوى العاملة، واللجنة الوطنية للشباب. وتابع أن هذا المحور يستعرض آلية تحقيق التوازن بين الاستثمار في قطاعات البنية الأساسية والاستثمار في الإنسان العماني إذ إنّ الإنسان هو أداة التنمية المنشودة وغايتها من ناحية ومكون أساسي للتنمية الاجتماعية والاقتصادية من ناحية ثانية. وما زال هناك الكثير مما يجب عمله تجاه بناء الإنسان العماني وتطوير قدراته البشرية وكفاءاته وإكسابه المهارات اللازمة وتفعيل دوره في التحول المطلوب.
قطاع الصحة
وحول قطاع الصحة، أوضح العبيداني أن منظمة الصحة العالمية أشادت بكفاءة النظام الصحي واستخدام الموارد المخصصة للخدمات الصحية كما صنفتها ضمن أول عشر دول على المستوى العالمي في توفير خدمات الرعاية الصحية الأولية الشاملة. وقال إن من أهم الإنجازات ارتفع عدد الأطباء لكل 10 آلاف نسمة من السكان من 0.2 عام 1970 ( تقرير التنمية البشرية الأول) إلى 16.5 عام 2012. ثانياً: انخفض معدل وفيات الأطفال الرضع وهو ما يعكس الرعاية الصحية للأمهات، من 118 (لكل 1000 مولود) في عام 1970 إلى 9.5 في عام 2012. ثالثاً: ارتفاع العمر المتوقع عند الولادة من 49.3 سنة في عام 1970 إلى 76.2 سنة عام 2012 بما يضع عمان في مصاف الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة حسب دليل التنمية البشرية لعام 2013.
وأكد أن التحدي الماثل للعيان هو مدى كفاءة منظومة الرعاية الصحية خاصة فيما يتعلق بكفاية الخدمات الصحية المتخصصة، ومدى تغطية هذه المنظومة لمختلف المناطق وهل هي مقتصرة على مناطق بعينها، بالإضافة إلى كفاءة نظام التأمين الصحي القائم حالياً.
أما مقترحات التطوير للقطاع الصحي، فقال إنها تتضمن تصميم نظام حديث للتأمين الصحي يقوم على أساس مشاركة المواطن مع الدولة في تحمل تكاليف الخدمات الصحية والعلاجية وذلك حسب مستوى دخل كل مواطن، أما بالنسبة لفئات الدخل المحدود وأسر الضمان الاجتماعي فيقترح استمرار تحمل الدولة لتك التكاليف، وتبني نظام حديث للإدارة الصحية في المؤسسات التي تقدم خدمات الرعاية الصحية العلاجية بحيث يتيح إمكانية تقييم أداء هذه المؤسسات وفقاً لمدى استجابتها بكفاءة لاحتياجات الموطنين، ودعم نظام الوحدات الصحية المتنقلة لتحقيق سرعة الوصول للتجمعات السكانية في المناطق البعيدة عن مراكز الخدمات الصحية.
قطاع الإسكان
وحول قطاع الإسكان أوضح العبيداني أن توفير المسكن حق من حقوق المواطنة كما أن توفير المسكن الملائم للعاملين في مواقع عملهم هو أيضاً أحد الأدوات المحركة لسوق العمل من خلال انتقالهم من محل إقامتهم المعتادة إلى مواقع عملهم حيث سيساهم ذلك في رفع إنتاجية العامل بحكم الاستقرار الأسري.
وأشار إلى الإنجازات في قطاع الإسكان، قائلا إنّ عدد الوحدات السكنية الممنوحة لذوي الدخل المحدود حتى نهاية عام 2012 بلغ نحو 6738 وحدة سكنية، بجانب اعتمادات مستقلة لكل من برنامج القروض السكنية والمساعدات السكنية؛ حيث بلغ ما تم تخصيصه لبرنامج القروض السكنية خلال الخطة الخمسية الحالية نحو100 مليون ريال عماني أما برنامج المساعدات السكنية فبلغت مخصصاته نحو 371.5 مليون ريال عماني، وارتفع الإنفاق الإنمائي على قطاع الإسكان من نحو 30 مليون ريال عماني بنهاية الخطة الخمسية الأولى إلى نحو 590 مليون ريال عماني الخمسية الحالية بنهاية نوفمبر 2013، وبلغ عدد الأسر العمانية التي تمتلك مساكن خاصة بها - مهما كان نوع هذا المسكن- حسب بيانات التعداد السكاني لعام 2010 نحو 215.256 أسرة يمثلون نسبة 82.7% من إجمالي عدد الأسر العمانية البالغ 260.141 أسرة عمانية.
وأوضح أنّ التحديات تتمثل في تداخل المناطق الصناعية والتجارية مع المخططات السكنية، وقلة المخططات السكنية الجاهزة للتوزيع في بعض المناطق، بالإضافة إلى عدم توفر الخدمات الضرورية كالكهرباء والمياه وشبكات الطرق في الأراضي التي يتم توزيعها، هذا فضلاً عن وقوع بعض الأراضي في أماكن منخفضة معرضة للسيول.
وفيما يتعلق بالمقترحات لتطوير قطاع الإسكان، قال إن التقرير يشير إلى أنها تتضمن إيجاد منظومة جديدة للتخطيط العمراني على مستوى المحافظات والمدن وتشمل الفصل بين الأراضي وفقا لطبيعة استخداماتها، وتطوير سياسة دعم الإسكان من خلال قيام الجهات المعنية بتوفير المسكن بدلاً من توفير الأرض وخاصة للشباب العاملين ليكونوا بالقرب من موقع العمل، والبدء في إعداد إستراتيجية واضحة لقطاع الإسكان حتى عام 2040 يتم الأخذ في الاعتبار عند إعداد الإستراتيجية دراسة توفير المرافق الضرورية للمخططات السكنية الجديدة.
وقال العبيداني إنّ هناك شبكة رائدة من الطرق الحديثة في جميع الولايات وبين المحافظات ذات كفاءة عالية وبمواصفات عالمية مشهود لها دوليا من حيث استخدامها وتوفر وسائل السلامة فيها حيث بلغت أطوال الطرق المرصوفة بنهاية عام 2012 نحو 31.365 كم، فيما بلغت الطرق الممهدة لنفس الفترة نحو 31.622 كم.
مقترحات التطوير
وحول مقترحات تطوير هذا القطاع، قال العبيداني إن التقرير ركز على ضرورة دراسة التوسع في أساليب النقل العام سواء فيما بين المحافظات أو داخل المحافظة الواحدة وفي هذا الإطار يمكن إعطاء الشباب فرصة لإدارة شركات للنقل العام داخل المحافظات وفق ضوابط معينة. أن هذا التوجه سيعمل إلى تخفيف الضغط على استخدامات الطرق وبالتالي زيادة عمرها الافتراضي والتقليل من تكاليف الصيانة الدورية، والتوفير في استهلاك الوقود مما يعود بالنفع على المواطن والدولة معاً، إلى جانب الحد من الاختناقات والحوادث المرورية، وتوفير شبكة النقل العام لأسر الضمان الاجتماعي وذوي الدخل المحدود.
وفي قطاع الخدمات المجتمعية، قال العبيداني إنه يتضمن أولويات هي إنشاء الأسواق سواء المتخصصة أو المركزية لما لها من أهمية في تسويق المنتجات المحلية، وإيجاد وسائل للترفيه كالأماكن المخصصة للمشي، وإقامة المنتزهات لاسيما المخصصة للأسر وتوفير الاحتياجات الضرورية لها، وإقامة النوادي المتخصصة كالأندية الاجتماعية.
وخلال الجلسة النقاشية للمحور الثاني، جرى التركيز على السياسات والبرامج والمشروعات والإجراءات المقترحة لتجاوز فكرة الإتاحة إلى فكرة تحقيق الكفاءة والتركيز على الجودة ونوعية الخدمة المقدمة إلى جانب سبل الحد من التفاوت بين المحافظات في توفير الخدمات الأساسية (تعليم وصحة وإسكان ومواصلات والخدمات والمرافق)، وكذلك نوعية المؤسسات القادرة على تحقيق التوازن بين الاستثمار في البنية الأساسية والاستثمار في بناء القدرات المعرفية للمواطن العماني.