بيروت - رويترز
شيَّع لبنان، أمس، الوزير السابق محمد شطح، الذي قُتل في انفجار سيارة ملغومة؛ حيث وجَّه بعض حلفائه السياسيين الاتهامات إلى جماعة حزب الله الشيعية.
ويُعرف شطح (62 عاما) السني بأنه كان معارضا للرئيس السوري بشار الأسد، ومنتقدا لحزب الله.. ويقول العديد من المراقبين إن استهداف شخصية معتدلة مثل شطح لن يؤدي إلى إذكاء العنف بين السنة والشيعة في بلد ما زال يتعافى من حرب أهلية اندلعت بين عامي 1975 و1990.
ولُف نعشا شطح وحارسه الشخصي بملاءة خضراء عليها آيات قرآنية ووضع على كل منهما طربوش في تقليد سني لبناني. ورفع النعشان على اكتاف المناصرين إلى مسجد محمد الأمين في وسط بيروت وسط إجراءات أمنية مشددة. ودفنا بجانب ضريح رئيس وزراء لبنان الاسبق رفيق الحريري الذي قتل في انفجار ضخم عام 2005 على بعد دقائق قليلة من موقع استهداف شطح.. وهتف المشيعون "لا إله الا الله وحزب الله عدو الله".
ويأتي الانفجار عقب عدة هجمات بسيارات ملغومة واغتيالات لشخصيات لبنانية تابعة لطرفي النزاع في لبنان. وامتد الصراع في سوريا المجاورة إلى لبنان وزاد من التوترات الطائفية.. وأرسل حزب الله مقاتلين الى سوريا للقتال الى جانب حليفه الأسد الذي ينتمي إلى الطائفة العلوية في حين يساند تيار المستقبل الذي ينتمي اليه شطح جماعات سنية يرتبط بعضها بتنظيم القاعدة في سعيها إلى إسقاط الأسد.
وقال رئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة -الذي كان يتحدث وسط الحشود: "قوى 14 اذار على موعد مقبل معكم في ساحات النضال السلمي والديمقراطي. لقد قررنا تحرير الوطن من احتلال السلاح غير الشرعي لكي نحمي استقلاله ونصون سيادته وسلمه الاهلي".
وحزب الله هو الجماعة الوحيدة التي لا تزال تحتفظ بسلاحها بعد انتهاء الحرب الاهلية في لبنان وتقول ان هذا السلاح للدفاع عن لبنان في وجه التهديدات الإسرائيلية.. وأضحت الجماعة واحدة من أقوى القوى السياسية في لبنان حيث أسقطت مع حلفائها في عام 2011 حكومة سعد الحريري نجل رفيق الحريري.
وخلافا لقادة المستقبل مثل السنيورة وسعد الحريري، فإن شطح لم يصنع لنفسه قاعدة نفوذ سياسي، إلا أن خبرته الدولية وعلاقاته الدبلوماسية وتحليلاته الأكاديمية جعلت منه عضوا رئيسيا في دائرة مستشاري الحريري.
وكان شطح اقتصاديًّا ودبلوماسيًّا وعمل لدى صندوق النقد الدولي في واشنطن وتولى منصب سفير لبنان لدى الولايات المتحدة. وشغل شطح أيضا منصب وزير المالية في الفترة من يوليو 2008 إلى نوفمبر 2009، ثم عمل مستشارا للحريري لشؤون السياسة الخارجية.
وقد يكون اغتيال شطح مرتبطا بالصراع على السلطة في لبنان الذي اندلع منذ اغتيال الحريري عام 2005 وأعقبته سلسلة من الاغتيالات استهدفت سياسيين ومسؤوليين وصحفيين مناهضين لسوريا. ففي أكتوبر من العام الماضي قتل وسام الحسن رئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي المدعوم من الحريري في انفجار سيارة ملغومة في بيروت.
وأدت استقالة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي في مارس، وفشل رئيس الحكومة المكلف تمام سلام في تشكيل حكومة، إلى انزلاق لبنان نحو حالة من عدم الاستقرار السياسي.
ودفع اغتيال محمد شطح بقوى 14 آذار إلى تصعيد مواقفها فيما يتعلق بتشكيل حكومة جديدة مطالبة بحكومة تستثني حزب الله وحلفاءه. ومنذ أكثر من ثمانية اشهر ترفض قوى 14 آذار المشاركة في حكومة إلى جانب حزب الله وتطرح تشكيل حكومة حيادية من مستقلين او تكنوقراط كحل للأزمة، إلا أن الحزب يتمسك باقتراح يقضي بتاليف حكومة من 24 وزيرا يتوزعون تسعة لحزب الله وحلفائه وتسعة لقوى 14 آذار وستة للوسطيين.
وقال مصدر سياسي بارز مقرب من حزب الله لرويترز: "أصبح من الواضح أن فريق قوى الرابع عشر من آذار بالتعاون مع رئيس الجمهورية يتجهون لتشكيل حكومة من لون واحد لا يوافق عليها معظم اللبنانيين. حكومة تصادمية لا تشبه حكومة الوحدة الوطنية التي نطالب بها بشيء".
كما أن مقتل شطح قد يكون مرتبطا ببدء فعاليات المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في يناير، والتي من المقرر أن تحاكم خمسة أشخاص مشتبه بهم في اغتيال الحريري والد سعد الحريري و21 شخصا آخرين.
ومن المقرر أن تبدأ المحاكمة في لاهاي في غضون أسبوعين في ظل تواري المتهمين الخمسة عن الانظار. ونفى حزب الله أي دور له في اغتيال الحريري ورفض التعاون مع المحكمة التي اعتبر أنه تم إنشاؤها لدوافع سياسية.
وكانت التحقيقات الاولية التي أجرتها الامم المتحدة قد خلصت الى ضلوع مسؤولين سوريين في عملية الاغتيال.