مسقط - الرؤية
تمكن فريق طبي من مستشفى جامعة السلطان قابوس من القيام بنجاح بعلاج أول حالة حمل مصابة بمرض ارتفاع الكوليسترول الوراثي المتماثل؛ وذلك عن طريق القيام بعملية غسيل الدم من الكوليسترول الضار لامرأة حامل تبلغ من العمر 38 سنة عن طريق استخدام جهاز (DALI-Apheresis) وقد كانت عملية الغسيل تتم للمرأة قبل الحمل منذ سنوات، واستمرت أثناء فترة الحمل دون أي آثار جانبية قبل الحمل وأثنائه، وكذلك بعد الولادة، وهي الأولى من نوعها على مستوى العالم، والتي يتم علاجها بهذه الطريقة المتقدمة، والتي استخدم فيها تقنية (DALI-Apheresis) لتفتح بذلك باب الأمل أمام المرضى الذين يعانون من الكوليسترول الوراثي المتماثل. وكان الأمل في مواصلة حياتهم ضئيلًا جدا بسبب الآثار المصاحبة لهذا المرض الناتج عن ارتفاع نسبة الكوليسترول الضار في الدم.
وقد قام بعملية العلاج المستمر والمتابعة فريق طبي، برئاسة الدكتور خالد بن حميد الرصادي وضم في عضويته: استشاري في أمراض الدهون واستشارية من قسم النساء والولادة المتخصصة في حالات الحمل الحرجة وذات الخطورة العالية، واستشاري جراحة القلب والصدر، واستشاري في أمراض القلب، وممرضه مختصة في أمراض الدهون.
ويقول الدكتور خالد بن حميد الرصادي استشاري في أمراض الدهون بجامعة السلطان قابوس، إن استخدام تقنية غسيل الدم من الكوليسترول الضار بواسطة تقنية (DALI-Apheresis) يُستخدم فيه جهاز تنقية الدم من الكوليسترول الضار المرتفع حيث يمر الدم في هذا الجهاز لتتم تنقيته وفصل نسبة الكوليسترول الضار ليعود الدم مرة أخرى للجسم وهو بالحالة الطبيعية وفيها يتم إزالة ما نسبة 80-60% من الكوليسترول الضار. ويتميز هذا الجهاز بوجود مصفي يقوم بعملية التنقية وهو دقيق جدا فلا يلتقط غير الكوليسترول الضار؛ حيث إن جميع مكونات الدم الأخرى لا تتأثر بعملية الغسيل. وتنقية الدم هذه تتم مرة كل أسبوعين لمعظم الحالات، وتستمر لمدة ساعتين أو ثلاث ساعات حسب كمية الدم المراد غسلها.
ويقول الدكتور خالد بن عبدالله الوائلي استشاري في أمراض الدهون بجامعة السلطان قابوس: إن معرفة أسباب ارتفاع الكوليسترول الضار مهمة لتحديد نوعية العلاج الصحيحة، فبعض الأسباب تعد سهلة العلاج ويمكن التحكم بها عن طريق الحمية الغذائية وممارسة الرياضة أو جرعات خفيفة من الأدوية والبعض يعد صعب التحكم به إلا عن طريق جرعات عالية من الأدوية، وهو ما يعرف بالكوليسترول الوراثي المتغاير. أما الكوليسترول الوراثي المتماثل، فتكون مستقبلات الكوليسترول الضار في الكبد قليلة أو معدومة؛ مما يُؤدي إلى ارتفاع عال في كميات الكوليسترول في الدم وفي هذا النوع لا بد من استخدام تقنية تنقية الدم من الكوليسترول الضار. وليس للكوليسترول أي أعراض خارجية ظاهرة لأن الضرر الذي يسببه يكون داخل الجسم وعلى المدى الطويل؛ فارتفاع نسبة الكوليسترول يؤدي إلى تصلب الشرايين، مما قد يؤدي الى أمراض القلب والشرايين والجلطات الدماغية، إلا أن الكوليسترول الوراثي المتماثل عندما يكون مرتفعًا بشكل كبير فقد يتم ملاحظة علامات ترسب الكوليسترول على الجلد أو في بعض المفاصل، ويتم الكشف عنه إما بفحص كوليسترول الدم أو بالفحص الجيني.
وقد قامت بمتابعتها هذه الحالة أثناء الحمل الدكتورة تميمة بنت راشد الدغيشية استشارية أولى من قسم النساء والولادة متخصصة في حالات الحمل الحرجة وذات الخطورة العالية بالمستشفى الجامعي.. وتضيف الدكتورة تميمة في أن هذه الحالة تعد حملًا بالغ الخطورة؛ حيث إن الحالة مصابة بانسداد الشريان التاجي وكذلك تقلص في إحدى صمامات القلب وكانت المريضة تعاني من انسداد في الشرايين المغذيه للدماغ وخضعت لعملية شرايين ودعامات مختلفه للشرايين؛ فكانت متابعة الحالة ضمن حالات الحمل الخطيرة؛ وذلك للتأكد من سلامة الأم وجنينها. وتمت متابعة الحالة منذ أسابيع الحمل الأولى متابعة دقيقة ومتابعة دقات قلب الجنين عند بلوغ الحمل الشهر الثامن أثناء استخدام تقنية الغسيل دون حصول أي مضاعفات أثناء تلك الفترة، وكانت عملية الولادة عملية طبيعية دون أي أعراض ومضاعفات وبلغ وزن الطفل 2.3 كيلوجرام وهما بصحة جيدة.
ومن المعلوم أن أغلب المراكز تأخذ بعين الاعتبار تجنب الحمل للنساء المصابات بهذا المرض؛ وذلك لتعارض ذلك مع استخدام الأدوية وتأثيرها على الجنين أثناء الحمل وأثناء فترة الرضاعة.
وتكمن خصوصية هذه الحالة المرضية في استمرار الغسيل ومتابعة وتصحيح الاعراض الجانبية للغسيل مع الاحتفاظ بصحة الام والجنين في آن واحد، وهذه الحالة هي الأولى من نوعها باستخدام تقنية (DALI-Apheresis).
ويعد هذا المرض النادر أكثر انتشارا في المجتمعات المحدودة الجينات أو التي ينتشر بها الزواج من الأقارب من الدرجة الأولى؛ حيث إن مستشفى جامعة السلطان قابوس يقوم بجهود كبيرة في مجال اكتشاف هذا المرض من حيث إجراء الفحوصات الجينية وكذلك القيام بالمسح الميداني والذي قد يؤدي إلى اكتشاف حالات جديدة.
وحول هذا الإنجاز، يقول الدكتور عبدالله بن حمود الحارثي نائب مدير عام المستشفي الجامعي للشوؤن الطبية: تعد وحدة غسيل وتنقية الكوليسترول الوحيدة بالسلطنة والقليلة في هذا الجزء من العالم، وقد افتتحت عام 2008 وكان لسعادة الدكتور علي بن طالب الهنائي وكيل وزارة الصحة لشؤون التخطيط، الفضل في إنشائها؛ حيث عمل جاهدا على تدريب الكادر الطبي والإشراف على بدء العلاج. وقد قامت الوحدة بعرض نتائجها في العديد من المحافل المحلية والدولية، كما تشارك في العديد من الأبحاث العالمية في هذا المجال وتعتبر مرجعا يُشار إليه بالبنان.
وأضاف الحارثي بأن هذه الحالة النادرة تعد مثالا لما يقوم به المستشفى الجامعي من خدمات للنهوض بالخدمة الصحية المقدمة وخدمة المجتمع، كما تعكس حرص المستشفى الجامعي على مواكبة أحدث ما توصل إليه العلم من تقنيات ومعارف في تقديم الخدمة للمرضى، إضافة إلى ذلك فإن الطاقم الطبي المعالج والمتابع للحالة من مختلف التخصصات هو طاقم عُماني بالكامل؛ مما يعكس حرص مستشفى جامعة السلطان قابوس على الاهتمام بالكادر العماني تدريبا وتأهيلا للوصول لما يؤهله بالنهوض بالمسؤوليات التي تقع على عاتقه.