جنيف - رويترز
طالبت الولايات المتحدة سوريا أمس بالسماح بدخول المساعدات إلى المنطقة القديمة في حمص حيث "يتضور الناس جوعًا" بينما واجهت المحادثات الهادفة إلى إنهاء ثلاثة أعوام من الحرب المزيد من العقبات بخصوص مصير الرئيس بشار الأسد.
وقالت الحكومة السورية إنّ بإمكان النساء والأطفال مغادرة المدينة المحاصرة وأنّ على مقاتلي المعارضة تسليم أسماء الرجال الذين سيظلون في المدينة لكن متحدثًا باسم الخارجية الأمريكية قال إن الإجلاء ليس بديلا للمساعدات الفورية.
وقال المتحدث ادجار فاسكويس "نعتقد جازمين أنه يتعيّن على النظام السوري الموافقة على إدخال القوافل لتسليم المساعدات الإنسانية التي يحتاجها الناس بشدة إلى مدينة حمص القديمة الآن... الوضع بائس والناس يتضورون جوعًا."
وأضاف أنّ سكان حمص يجب ألا يجبروا على ترك منازلهم والانفصال عن أسرهم قبل الحصول على المساعدات والمعونات الأخرى.
وكان الوسيط الدولي الأخضر الإبراهيمي يأمل أن تؤدي المحادثات التي استمرت يوم الاثنين في جنيف إلى معالجة القضية الرئيسية المتمثلة في مستقبل سوريا السياسي والرئيس بشار الأسد لكنّ الطرفين تبنيا على الفور مواقف متصلبة إزاء تلك القضية.
وقال التلفزيون السوري إنّ وفد الحكومة السورية قدّم "ورقة مبادئ أساسية" لا تتطرق إلى انتقال السلطة.
وتنص "ورقة المبادئ الأساسية" على أنّ السوريين لهم الحق الحصري في اختيار نظامهم السياسي "بعيدًا عن أي صيغ مفروضة" في إشارة على ما يبدو إلى مطالب قوى غربية وإقليمية بتنحي الرئيس بشار الأسد وتسليم السلطة لحكومة انتقالية.
ورفضت المعارضة التي تريد أن يتنحى الأسد في إطار ترتيبات لحكومة انتقالية المقترح على الفور.
وقال كبير مفاوضي المعارضة في جنيف هادي البحرة أنّ هذا الإعلان خارج إطار جنيف الذي يركز على تشكيل كيان حكم انتقالي وأنه فشل في التعامل مع القضيّة الرئيسية.
وقال نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد أنه سيلتقي بوسطاء الأمم المتحدة بعد رفض المعارضة مقترح الحكومة. وأضاف أنّ الوفد الحكومي موجود في جنيف لمناقشة "الإرهاب" وليس نقل السلطة مستخدما المصطلح الذي تستخدمه الحكومة لوصف الانتفاضة التي خرجت من رحم احتجاجات سلمية في 2011.
وكانت حمص التي تحتل موقعًا استراتيجيًا في وسط شبكة الطرق الرئيسية في سوريا إحدى ساحات القتال الكبرى. واستعادت قوات الأسد الكثير من البلدات والقرى المحيطة بها العام الماضي مما ترك مقاتلي المعارضة تحت الحصار في وسط حمص نفسها بالإضافة إلى إلاف المدنيين.
ويلعب الأطفال وسط الانقاض التي تملأ شوارع المدينة واظهرت صورة نشرت مؤخرًا على موقع فيسبوك صبيا هزيلا يمسك لافتة كتب عليها إنّ كسر الحصار مطلب غير قابل للتفاوض.
وقال المقداد في مؤتمر صحفي يوم الأحد إن الحكومة ستسمح للنساء والأطفال بمغادرة وسط المدينة إذا فتح مقاتلو المعارضة ممرا آمنا لهم. وقال الإبراهيمي إنّه يعرف أنّه سيكون لهم مطلق الحرية لمغادرة حمص على الفور.
وقال دبلوماسيون غربيون إنّ الحكومة السورية ينبغي أن تتحرك سريعا للسماح بذلك وإلا ستواجه قرارًا محتملا من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مع حث روسيا والصين على تغيير موقفيهما من تلك الخطوة.
وقال دبلوماسي "لا تزال الكرة في ملعب النظام. فهمنا أن تقريرًا أرسل إلى دمشق طلبًا للتعليمات."
وفي حمص قال نشطاء إن مقاتلي المعارضة يطالبون برفع كامل للحصار عن المدينة وليس فقط وقف إطلاق النار. وأظهر تسجيل مصور بث على الإنترنت متظاهرين يحملون رايات إسلامية وينددون بمحادثات جنيف بوصفها "خيانة".
ويسلط ذلك الضوء على واحدة من الصعوبات التي تواجه محادثات جنيف وهي ان وفد المعارضة لا يمثل سوى بعض فصائل المعارضة على الأرض إذ أن المقاتلين الاسلاميين الاقوياء الذين يتحالفون مع القاعدة غير ممثلين على الاطلاق.
وسلم الإبراهيمي بالبداية البطيئة للمحادثات التي انطلقت بمؤتمر دولي رسمي يوم الاربعاء وقال "هذا تفاوض سياسي... مفاوضاتنا ليست المكان الرئيسي الذي تناقش فيه القضايا الإنسانية."
وأضاف "لكنني اعتقد أننا شعرنا جميعا...أنّه لا يمكن البدء في عملية تفاوض بشأن سوريا بدون إجراء بعض النقاش عن الوضع الإنساني السيء جدًا جدًا هناك."
وقال الإبراهيمي إنّ وفد المعارضة الذي طلب الإفراج عن قرابة 50 ألف معتقل وافق على طلب الحكومة تقديم قائمة بالمحتجزين لدى جماعات المعارضة المسلحة المختلفة رغم أنّ الكثير من هذه الجماعات التي تتقاتل فيما بينها لا تعترف بسلطة المفاوضين.
وقال المقداد إنّ الحكومة فحصت قائمة للمعارضة تضم 47 ألف شخص يعتقد أن قوات الأسد اعتقلتهم ووجدت أن معظمهم لم يعتقل قط أو أفرج عنهم الآن. ونفى أيضا احتجاز أي أطفال.
ودعا وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى إحراز تقدم بشأن المساعدات وفك الحصار عن المناطق المحاصرة وتبادل السجناء.
وساعدت روسيا الأسد في مقاومة الضغوط الغربية لكنها تدعم السلام عن طريق التفاوض لمنع انتشار الصراع.
ومما يؤكد الصعوبة الكبيرة التي تواجه تنفيذ الاتفاقات على الأرض قالت وكالة تابعة للامم المتحدة تحاول إرسال مساعدات لحي محاصر في دمشق إن نقاط تفتيش حكومية أعاقت عملها برغم تأكيدات الحكومة أنّها ستسمح بعمليات التوزيع