تحتِّم ضرورات الواقع، وما يشهده سوق العمل العُماني من اختلالات لجهة التزايد المُقلق في أعداد العمالة الوافدة، ولما تشهده السلطنة من تغيُّرات ديموغرافية، وقفة جادة لمُعالجة هذا الوضع؛ حتى لا يُشكل في المستقبل تحديًا يصعُب تلافي آثاره السلبية اجتماعيًّا واقتصاديًّا.
ولا شك أنَّ القطاع الخاص يلعب دورًا مهمًّا في الاقتصاد الوطني؛ باعتباره المُشغل الرئيسي للقوى العاملة الوطنية في المرحلة المقبلة، ويُعد إحدى الركائز الأساسية للإستراتيجية التنموية بأبعادها المختلفة، ولأنه كذلك أحد المقومات الرئيسية للتطوير والتنويع الاقتصادي.
ولعلَّ الدور الأهم لهذا القطاع يتمثل في توفير فرص العمل الجديدة والمُتجددة للشباب العُماني، بما يُلبي طموحاتهم في تحقيق ذواتهم، علاوة على دور القطاع في تدريب وتأهيل الشباب وتنمية قدراتهم وصقل مهاراتهم المهنية والعملية.
وتتعاظم مسؤوليات هذا القطاع، وتتزايد تجاه توظيف أبناء الوطن، وإتاحة الفرصة لهم للإسهام في تنمية وازدهار وطنهم.
ولقد سلَّط معالي وزير القوى العاملة -في مؤتمره الصحفي، أمس- أضواءً كاشفة على خطط الحكومة لتنظيم سوق العمل؛ ليُصبح القطاع الخاص أكثر جاذبية للقوى العاملة الوطنية؛ وذلك تمشيًا مع التوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -أيَّده الله- بتوفير فرص العمل للمواطنين لتعزيز مشاركتهم في التنمية.
وحتى يُواكب ما يُتيحه القطاع الخاص من وظائف، طموحات الشباب العُماني، ولتضييق الفجوة بين امتيازات العمل في الحكومة والعمل في القطاع الخاص، عمدتْ الحكومة إلى بذل جهودٍ مُكثفة بالتعاون مع أصحاب الأعمال -ممثلين بغرفة تجارة وصناعة عُمان- والعمال -ممثلين بالاتحاد العام لعمال السلطنة- لتنظيم سوق العمل وتحديث تشريعاته، بما يكفل توفير فرص العمل الملائمة للمواطنين، وفي الوقت ذاته تلبية احتياجات القطاع الخاص من القوى العاملة الوطنية القادرة على النهوض بمهامها العملية بكفاءة واقتدار.
ومن الجهود الملموسة في هذا الصدد: تطوير علاقات العمل بين أطراف الإنتاج، وإحداث نقلة نوعية في مجالات التعليم التقني والتدريب المهني لإعداد الشباب علمياً وتقنياً ومهنياً، وفقاً للاحتياجات الفعلية للقطاع الخاص للقوى العاملة بمختلف تخصصاتها.
... والمأمول أن يُسفر كلُّ ذلك عن تنظيم حقيقي لسوق العمل، تنتفي معه كل المظاهر السلبية السائدة حاليًا من تجارة مُستترة وعمالة وافدة سائبة؛ الأمر الذي يعود بالفائدة على مجتمعنا واقتصادنا الوطني.