الدلائلُ أكثر من أن تُحصى عندما يتعلَّق الأمر بعدم احترام إسرائيل لتعهداتها، وما أكثر الشواهد على أن المُحتل لا يلقي بالاً لقانون دولي أو ضمير إنساني، ولا يأبه لقرار أممي أو استهجان عالمي، بل يمضي في ممارساته غير المشروعة من احتلال واستيطان ووأد أي مسعًى يهدف لإحلال السلام من خلال تطبيق مبدأ حل الدولتين.
وبما أنَّ واقع الحال أثبت عدم جدوى المواقف السياسية في إجبار الكيان الإسرائيلي على التراجع عن انتهاكاته، والامتثال لإرادة الحق والشرعية، فعلى المجتمع الدولي اللجوء إلى وسائل أخرى لإخضاعه للمشيئة والإرادة الدولية، التي تجهر بوقوفها مع الحق الفلسطيني، وترفض التمدُّد الاستيطاني السرطاني الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ومن الوسائل المتاحة: المقاطعة الاقتصادية؛ والتي يُمكن أن تبدأ بمقاطعة كل المتجات الإسرائيلية التي يكون مصدرُها المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، وهي خطوة بدأت على استحياء في دول أوروبية، ثم ما لبثت أن تمدَّدت لتصل إلى العديد من الدول المناهضة للتوسع الاستيطاني الإسرائيلي.
وينبغي التأسيس لحملة المقاطعة الاقتصادية على بادرات بعض الشركات الأوروبية التي قامت بسحب جزء من أموالها في إسرائيل.
ويُمكن أن تبلغ هذه الخطوة مداها، وتحقق غاياتها المطلوبة في إجبار إسرائيل على الإذعان لإرادة السلام ووقف النشاط الاستيطاني، فيما لو أصبحت حملة عالمية عامة كعنوان للتضامن مع الشعب الفلسطيني، ونُصرة لحقه المشروع في أرضه.
وتدرك إسرائيل تمامًا أن هكذا مقاطعة، ستنال من قوتها الاقتصادية، وتُفقدها واحدًا من عناصر تفوقها؛ لذا ستعمل بكل ما أوتيت من قوة لمقاومة مثل هذا التوجُّه، وستستخدم كل الوسائل لمنع قيام أي تحالف أو نشاط يستهدفها اقتصاديًّا. وفي حال لم تنجح في ذلك ستجد نفسها مُضَّطرة لتقديم التنازلات اللازمة التي تضمن لها تدفق الاستثمارات الغربية والأوروبية على وجه التحديد، حتى تتفادى الوقوع في براثن أزمة مالية تعصف باستقرارها المالي والسياسي.