تجسد اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين على الفلسطينيين، مظهرًا آخر من مظاهر الممارسات القمعية للاحتلال بحق أصحاب الأرض، وصورة من صور قبح الاحتلال وبشاعته، وتعكس الوجه الحقيقي للمحتل.
فرغم أن هؤلاء المستوطنين يعلمون يقينا أن مستوطناتهم تقوم على أراضٍ فلسطينية مغتصبة، إلا أنهم يواصلون الاعتداءات والأعمال الإجرامية بحق الفلسطينيين ممن يقطنون بجوار هذه المستوطنات في الضفة الغربية والقدس، ومن ذلك كتابة الشعارات العنصرية وتمزيق إطارات السيارات وإتلاف البساتين وإشعال الحرائق وتخريب الممتلكات الفلسطينية، دون أن تحرك سلطات الاحتلال ساكنا لوقف هذه الاعتداءات، أو تردع مرتكبيها ، وكل هذا يسهم في تراكم مشاعر الغضب في نفوس الفلسطينيين ويعرقل محادثات السلام التي تجري بين الطرفين، التي تترنح أصلا بفعل الممارسات الإسرائيلية التي تنافي روح السلام وجوهره .
والشاهد أنه وحتى عندما تصل قضايا اعتداءات المستوطنين إلى المحاكم، يتعامل معها القضاء الإسرائيلي المنحاز للصهاينة المتطرفين بتهاون وتساهل ولين، يشجع هؤلاء المستوطنين للمضي في ممارساتهم العدوانية بحق الفلسطينيين. كيف لا والحكومة الإسرائيلية تخطط أساسا لإبقاء هذه الجيوب الاستيطانية كشوكة في خاصرة الأراضي الفلسطينية لتنتقص من سيادتها في أية تسوية سلمية قد تفرض على الاحتلال مستقبلاً، بل وتعمل حكومة نتنياهو على تشجيع المستوطنين للاستقرار في هذه الجيوب والبقاء فيها عبر حزمة من المحفزات.
والحال هكذا، يفتقد أي ادعاء للحكومة الإسرائيلية بالتصدي لإرهاب المستوطنين إلى المصداقية، بحكم أنها هي نفسها تمارس إرهاب الدولة ضد الفلسطينيين.
إنّ غض الحكومة الإسرائيلية الطرف عن إرهاب المستوطنين، يغذي ممارساتهم العدوانية بحق الفلسطينيين، ويزيد حدة التوتر في الأراضي الفلسطينية المحتلة ويجعلها على أهبة الانفجار في أي لحظة، وعندها سيدفع هؤلاء المستوطنون ثمن ممارساتهم الإرهابية.