الرؤية- مركز البحوث
لقي أبو خالد السوري أحد الأعضاء البارزين في تنظيم القاعدة حتفه في سوريا إثر تفجير انتحاري نفذته جماعة جهادية أخرى وهى "الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام".
وقد حاول أبو خالد أن يضع نهاية للصراع الدائر بين جماعتي "الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام" و"جبهة النصرة" والذي أودى بحياة مئات المواطنين. ولكن على العكس، فقد تزايد صراع المتطرفين على السلطة وبلغ العنف معدلاً جديدًا، مع ذلك يوجه الخبراء أنظارهم ببالغ القلق إلى محاولات خلق أسطورة عن عدم انتهاج القاعدة للعنف، ولا يستبعدون إسراع الولايات المتحدة الأمريكية لتسليح "جبهة النصرة".
ويعد أبو خالد السوري الذي ولد في حلب عام 1963 من أعضاء القاعدة المقربين لأسامة بن لادن، والذي حارب ضد الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق. كما يعتبر أحد مؤسسي ورئيس الجماعة السلفية السورية "أحرار الشام".
ومنذ شهور دفع "أيمن الظواهري"، زعيم تنظيم القاعدة الإرهابية، أبى خالد السوري من أفغانستان إلى سوريا للمصالحة بين "جبهة النصرة"، الممثل الرسمي للقاعدة في سوريا والقريبة من "أحرار الشام"، و"الدولة الإسلامية في العراق والشام" التي كانت تُعد من قبل أحد أفرع القاعدة في سوريا، غير أن العلاقة بين "الدولة الإسلامية" وشبكة الظواهري قد انقطعت في فبراير.
ويقف تمسك جماعة "الدولة الإسلامية في العراق والشام" بالعنف المفرط تجاه الجماعات الجهادية الأخرى وراء هذا الموقف، حيث ظهر مؤخرًا تسجيل صوتي لأبي خالد السوري ينتقد فيه مثل هذه الأعمال من قبل الجماعة ويتهمها بتشويه الجهاد في سوريا كما فعلت من قبل في العراق وأفغانستان. وليس عجيبًا أن تتوجه الاتهامات بالتحديد لـ"الدولة الإسلامية" من بين الجماعات الست بعد مقتل أبو خالد على يد انتحاري في إحدى قواعد أحرار الشام في حلب. في حين تنفي جماعة "الدولة الإسلامية في العراق والشام" هذه الاتهامات كما فعلت من قبل ونفت عن نفسها مسؤولية تصفية القاعدة الأخرى "لأحرار الشام" في يناير.
وتعتقد مصادر بالجارديان أن القيادة العليا بجماعة "الدولة الإسلامية في العراق والشام" وغالبًا أبوبكر البغدادي هو الذي لديه القدرة على اتخاذ مثل هذا القرار بتصفية العضو المهم بالقاعدة.
في الوقت نفسه صرح أرون زيلين من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط لمجلة وول ستريت بأن القاعدة وجماعة "الدولة الإسلامية في العراق والشام" يتنافسان الآن على من يصبح منارة الحركة الجهادية العالمية وسوريا في قلب هذه العملية. وبالنسبة لهذا الخبير فإن جماعة "الدولة الإسلامية في العراق والشام" تعد الأكثر عنفًا، حيث أظهرت القاعدة مرونة في التقارب مع الثوار الذين يميلون للغرب في الجيش السورى الحر.
وفي لقائه مع "قناة الجزيرة" في ديسمبر صرح زعيم "جبهة النصرة" "أبو محمد الجولاني" بأن هدف الجماعة لا يتمثل في إقامة خلافة إسلامية في العالم الإسلامي، وإنما إقامة دولة موحدة تحكمها الشريعة الإسلامية. وحينئذ قيم بعض المراقبين التصريح بأنه لا يتناسب مع القاعدة، ويبدو أن "الظواهري" يريد زيادة أعداد أنصاره بتخليه عنه آرائه المتطرفة وتقبله لاستحالة إقامة الخلافة. وطبقًا لما جاء على لسان تشارلز ليستر من مركز بروكنجز التحليلي بالدوحة فإن جماعة "الدولة الإسلامية في العراق والشام" تؤكد أن تنظيم القاعدة الحقيقي انتهى بوفاة بن لادن، وأن الظواهري يسيء للجهاد العالمي.
وتشير الصحافة الأمريكية إلى أن القاعدة الآن تتعامل بمرونة أكثر سواء مع العلمانية أو مع التحالف الكبير تحت مسمى "الجبهة الإسلامية" الذي يضم في صفوفه "أحرار الشام"، ولكنها فقدت الدعم في الأوساط المتطرفة. حيث يلاحظ أن المتطرفين ينضمون بشكل أوسع إلى جماعة "الدولة الإسلامية في العراق والشام" من سوريا وخارجها.
والحديث يدور عن انقسام لم يحدث في تاريخ بن لادن. ويوضح زيلين ذلك قائلاً: "إن هذه الفجوة وهذا التحول جاء نتيجة نشوء قادة القاعدة ونضوجهم في أجواء الحرب الأفغانية، بينما تربى الشباب في أجواء الحرب العراقية والربيع العربي. وجماعة "الدولة الإسلامية في العراق والشام" تميل إلى هذا الجيل.
ومن ناحية أخرى أشار رئيس معهد الدين والسياسة، ألكسندر إيجناتينكو، إلى أن بشار الأسد يواجه أربع جبهات عسكرية- سياسية تتمثل في الجيش السوري الحر، والجبهة الإسلامية، وجبهة النصرة، وجماعة "الدولة الإسلامية في العراق والشام". وجميعها جماعات إسلامية إرهابية متطرفة يمولها أمراء سعوديون ويدخل فيها عشرات المقاتلين الأجانب.
وأشار الخبير إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تأمل في العثور على قوة معتدلة بين هذه الجماعات، حيث تظن أن الأزمة السورية من الممكن أن تحل عن طريق تسليح هذه القوة. والآن خطر ببالهم فكرة نيرة تخص "جبهة النصرة" واعتبارها جماعة معتدلة. ومن الواضح أن هناك في الولايات المتحدة الأمريكية من يعتزم تسليح "جبهة النصرة" التي هي القاعدة في حقيقتها، ولكن بالطبع لا يوافق جميع الأمريكيين على هذا الموقف.
وأشار إيجناتينكو إلى أن هذا الموقف من الممكن أن يؤدي إلى خطأ فادح كما حدث في ليبيا، حيث دعمت واشنطن جماعة "أنصار الشريعة" والتي اعتبرت نفسها تابعة للقاعدة. وانتهى الأمر بمقتل السفير الأمريكي على يد أنصار الشريعة في بنغازي. ولذلك أدرجتها الولايات المتحدة الأمريكية في قائمة الجماعات الإرهابية.
وردًا على سؤال حول طبيعة الاختلاف الفكري بين "جبهة النصرة" وجماعة "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، أجاب إيجناتينكو في حديثه مع صحيفة نيزافيسمايا جازيتا "إن الأولى تابعة للمملكة العربية السعودية، والثانية تابعة لقطر. وختم الخبير حديثه قائلاً: "إن هذه الجماعات اختلفت مؤخرًا ليس لأسباب فكرية ولا حتى سياسية ولكن من أجل الموارد".
وخاصة بالنسبة لمحافظة "الرقة" حيث محطة توليد الطاقة الكهرومائية بالفرات والأراضي الخصبة للغاية والثروات البترولية.
فهذه الحرب تهدف لعدم ظهور مراكز قوى تسيطر على الموقف في المنطقة سواء المملكة العربية السعودية أو قطر أو أية دولة أخرى، في حين لا تزال "جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام" تأتي في المقدمة.