الرؤية – خاص -
توقعت مجموعة QNB (بنك قطر الوطني) أن تؤدي مخاطر الانكماش للإبقاء على أسعار الفائدة على انخفاض في المدى القصير. وأوضحت المجموعة في تقرير أمس أن معدل التضخم في كل من منطقة اليورو والولايات المتحدة ظل عند مستويات منخفضة بدرجة خطيرة، عند أقل من معدل 2% المستهدف من البنك المركزي الأوربي.. وأشار التقرير إلى أنه ليس من المتوقع للتضخم أن يرتفع في المدى القريب مع ضعف الطلب العالمي الذي يمسك بأسعار الطاقة والمواد الغذائية على انخفاض. وقال التقرير إنه ومع توقعات بانخفاض النمو في أوروبا والبيانات الاقتصادية المخيبة للآمال التي صدرت مؤخراً في الولايات المتحدة، فإن مخاطر الانكماش تظل عالية. مرجحا أن تبقي البنوك المركزية في أوروبا والولايات المتحدة على سياسات مالية مخففة لفترات طويلة. متوقعا أن تظل أسعار الفائدة للمدى القصير في منطقة اليورو والولايات المتحدة منخفضة لفترة أطول من التوقعات السائدة في السوق.
وبيَّن التقرير أنه في منطقة اليورو، استقر معدل التضخم السنوي عند نسبة 0.8% خلال الشهور الأخيرة، وجاء معدل التضخم الأساسي (باستثناء الطاقة والمواد الغذائية) منخفضاً عند 1.0%، ومعدل تضخم أسعار الطاقة سلبياً، فيما ظل معدل تضخم أسعار المواد الغذائية ثابتاً دون تغيير.ويتوقع البنك المركزي الأوربي أن يكون معدل التضخم عند نسبة 1.3% خلال السنة القادمة. ويكفي هذا السبب وحده لدفع البنك المركزي الأوربي لاتخاذ إجراءات حيال السياسة المالية، بالرغم من أن هناك عدد من العوامل الإضافية التي تحفزه للقيام بذلك. فالبنك المركزي الأوربي يتوقع أن تكون نسبة النمو في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة بحدود 1.1% فقط في منطقة اليورو خلال السنة القادمة. وأن يظل معدل البطالة عالياً عند 12% في المتوسط، مع ارتفاع معدل البطالة بين الشباب إلى نسبة 50% في بعض الدول الطرفية لمنطقة اليورو. وقد تحسنت عملة اليورو بنسبة 6.7% خلال السنة الماضية مقابل سلة من العملات المرجحة. وإجمالاً، تلمح كل هذه المؤشرات لوجود مخاطر عالية بحدوث انكماش، وهو ما سيدفع البنك المركزي الأوروبي على الأرجح إلى تخفيف سياسته النقدية إما عن طريق إجراء خفض طفيف في أسعار الفائدة، أو إدخال برنامج تخفيف كمّي، أو بأي طرق أخرى لأجل زيادة السيولة.
وفي الولايات المتحدة، ارتفع التضخم من نسبة 1.0% في أكتوبر 2013 إلى نسبة 1.6% في يناير 2014. ولكن من المتوقع أن يتباطأ التضخم بشدة إلى 1.2% في فبراير نتيجة زوال أثر الارتفاع الحاد في أسعار الجازولين من الرقم السنوي واستمرار التضخم الأساسي في التباطؤ. وهذا الانخفاض المتوقع في التضخم، مع بعض المؤشرات على تراجع التعافي في الاقتصاد الأمريكي، يزيد من احتمالات اللجوء لشوط آخر من تخفيف السياسة المالية من خلال تأخير تنفيذ برنامج شراء الأصول المعروف باسم "التخفيف الكميّ".
وافاد التقرير بأن بنك الاحتياط الفيدرالي افصح عن التزام حازم بخفض برنامج التخفيف الكميّ لشراء الأصول خلال أوائل العام الحالي 2014 بالرغم من الضعف الذي بدا في النتائج الاقتصادية- والذي تم إرجاعه على نطاق واسع إلى سوء الأحوال الجوية. ولكن يبدو أن هذا التصميم قد خفت مؤخراً حيث أشارت بعض التعليقات الصادرة مؤخراً من رئيسة بنك الاحتياط إلى إمكانية تعديل الخفض المعلن لبرنامج التخفيف الكميّ إذا ساء وضع الاقتصاد الأمريكي. ولابد أن تعطي البيانات الاقتصادية القادمة التي ستصدر في مارس وأبريل صورة أوضح عن حجم البيانات الاقتصادية الضعيفة -الصادرة مؤخراً- التي يمكن إرجاعها إلى سوء الأحوال الجوية. ولا نتوقع أن تكون الصورة واضحة بدرجة كافية للحد الذي يجعل بنك الاحتياط الفيدرالي يعلن عن تأجيل التقليص لبرنامج التخفيف الكميّ في 19 مارس. ولكن خلال الفترة حتى تاريخ اجتماع بنك الاحتياط بتاريخ 30 أبريل، فإن هناك بعض الاحتمالات بتدهور آفاق الاقتصاد للحد الذي يسوغ إبطاءً لخطى تقليص برنامج التخفيف الكميّ (القراءة الأولى لنمو الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول لعام 2014 ستصدر أيضاً في 30 ابريل) للحد من مخاطر وقوع انكماش. وستؤدي توقعات الهبوط في معدل التضخم في كل من منطقة اليورو والولايات المتحدة إلى تنبيه البنوك المركزية للاحتراس من الوقوع في فخ الانكماش. ووفقاً للاقتصاد النظري، فإن الانكماش يغذي توقعات الناس باستمرار الهبوط في الأسعار، وهو ما يشجع على تأجيل المشتريات، ويقود بذلك إلى ضعف النمو (تجربة اليابان خلال العقدين الأخيرين مثال جيّد في هذا السياق). كما أنه يزيد من القيمة الحقيقية للديون المحلية القائمة، وبذلك يجعل من الصعب على المقترضين سداد ديونهم. كما يميل الانكماش أيضاً إلى رفع أسعار الصرف، ويعمل بذلك على إضعاف التنافسية والنمو. وفي الجانب الآخر، فإن البيئة التي تتميز بتضخم معتدل تعزز التوقعات باستمرار ارتفاع الأسعار وتشجع على الإنفاق، والاقتراض، والنمو، والوصول لأسعار صرف أشد تنافسية. ولهذه الأسباب، تميل البنوك المركزية لاستخدم السياسة النقدية لخلق تضخم سنوي معتدل بحدود 2%، لتتفادى بذلك مخاطر الوقوع في فخ الانكماش.