العراقيل التي تضعها إسرائيل في وجه العمليّة السلميّة لا تقف عند حد، وتتبدى كل يوم في شكل جديد.. فها هي وبعد العرقلة المتعمّدة للمسار التفاوضي مع الفلسطينيين الجاري الآن برعاية أمريكية، من خلال التوسّع الاستيطاني السرطاني في القدس والضفة الغربيّة، تخرج علينا بشرط آخر من شروطها التعجيزيّة يتمثل هذه المرّة في التمسّك بشرط الاعتراف بيهوديّة الدولة الإسرائيلية قبل أن توقع أي اتفاق للسلام مع الفلسطينيين. وهذا الاشتراط الذي تفتقت عنه عقلية حكام إسرائيل ومشايعيهم من اليمين المتطرف، يعكس المدى الذي يمكن أن يذهب إليه الاحتلال بغية وأد أي توجه سلمي، وإفشال أي جهد أو مسعى يرمي إلى إنهاء الصراع بالطرق السلميّة..
وبذلك يدخل بنيامين نتنياهو تاريخ التعنت والصلف، باعتباره أول رئيس وزراء إسرائيلي يجعل الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية مطلبًا من مطالب محادثات السلام، ليضيف إلى عقبات الحدود واللاجئين ووضع القدس، عقبة جديدة تهدد بنسف المسار السلمي، وتقويض أركانه. ومن المؤسف أن يجد هذا الموقف المتصلّب والمتشدد من الحكومة الإسرائيلية، تأييدًا من الإدارة الأمريكية التي تسعى حاليًا إلى ممارسة الضغوط على الفلسطينيين والعرب لتقديم هذا التنازل للوصول إلى اتفاق إطاري للسلام، وتمديد المحادثات الرامية لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، رغم قناعة كافة الأطراف الفلسطينية والعربية والدولية بعدم جديّة إسرائيل في التوصل إلى اتفاق سلام.
إنّ الرفض الفلسطيني والعربي للمطلب الإسرائيلي بالاعتراف بيهودية الدولة، مبرر تمامًا، وهو رفض نابع من مبدأ أصيل يستند على الحق المقدس للفلسطينيين في أراضيهم والعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لها، كما أنّ الاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية يطلق يدها في ممارسة المزيد من القمع بحق الفلسطينيين وممارسة التمييز ضد الفلسطينيين الذين يعيشون هناك..
ويبقى القول أنّه في ظل هذا التعنت الإسرائيلي، يصبح من الصعب التفكير في إمكانية توصل المحادثات الجارية بين الفلسطينيين والإسرائيليين حاليًا إلى تسوية سلميّة بحلول الموعد في أبريل المقبل.