فارس العوفي (*)
هل يمكن للإنسان أن يسير في عالم لا يعي ولا يعرف عنه شيئا؟ لنتخيل أنفسنا في صحراء شاسعة فارغة لا حياة بها، ووجدنا أنفسنا في وسطها، كيف سيكون حالنا لحظتها؟...ساعتها سنعتمد على الحظ وسيكون التخبط حليفنا لا محاله ، وسنكون بلا معرفة حقيقية لوجهتنا... إلى أين نحن متجهين؟ وكم سيطول السفر بنا؟...وكلما كبر محيط العالم كلما زادت فرص الضياع، وبذلك تكون أهمية معرفة اتجاهاتنا ذات أهمية عظمى ولا مناص منها .
أيها المخترع.. الاختراع عالم كبير ورحلة تتطلب الكثير، لأنها رحلة بها الكثير من المسالك والاتجاهات والطرق المتشعبة والوعرة، ولكي تبدأ الإبحار والمسير في هذا العالم وتكون الرحلة آمنة ويسيرة، وجب عليك التعرف عليه وفهم أساسياته، لتتمكن من رسم ملامح التوقعات والتصورات الملائمة والمناسبة له، ولتتمكن من امتلاك المهارات الجوهرية للاختراع وطبيعتها، حتى تستطيع بذلك تذليل الصعوبات والتحديات التي ستواجهها في طريق رحلتك في هذا العالم .
عزيزي المخترع.. صار لابد لك أن تتخيل حينما تقرر الدخول لعالم الاختراع أن تتخيل نفسك وكأنك تريد الذهاب لرحلة ترفيهية عائلية، في العادة يتم التجهيز لها من حيث تحديد مكان الرحلة والأدوات التي ستستخدمونها والتكلفة المالية ونوعية المكان وطبيعة السيارة التي ستستخدمونها وعدد الأشخاص الذين سيشاركون في الرحلة والمدة التي ستستغرقها رحلتكم ...إلخ، كذلك رحلتك لعالم الاختراع شبيهة تماماً بتلك التفاصيل، تستوجب الإلمام بمجموعة من العدة والأدوات التي تحتاجها قبل الانطلاق في هذه الرحلة، والتي سوف نبدأ في تجهيزها معك خلال المراحل القادمة من هذه السلسلة. لتكن علي يقين وإيمان تام، بأن هذا العالم يعطيك أكثر مما يستهلك منك، ويمنحك أكثر مما يأخذ، لذلك وجب عليك أن تعرف أي عالم أنت مقدم عليه، وأن تأخذ تصورًا صحيحًا عنه، وأن تبدأ في رسم خارطتك الحقيقية لعالمك، لأنك إن قررت الذهاب والانطلاق دونها سيكون التوهان هو نصيبك، وستضطر إلى إجراء العديد من التجارب والمحاولات، الأمر الذي سيهدر الكثير من وقتك وجهدك...أما إذا عرفت إلى أين تريد أن تصل؟ وعرفت تفاصيل الطريق إلى هناك، فسيصبح وصولك إلى هدفك المنشود أمرا في غاية المتعة والإبداع وخاليًا من كلمة مستحيل.
(*) مدرب مخترعين معتمد