برلين - الوكالات
تزايدت مخاوف الشركات الألمانية على خلفية الأزمة الحالية بين الغرب وروسيا؛ ورغم أن الكثير من الشركات تنأى بنفسها عن إطلاق تصريحات بشأن الوضع فى القرم وأوكرانيا، إلا أن الأجواء فى مكاتب قيادات تلك الشركات أصبحت أكثر كآبة؛ حيث تراجع مؤشر إيفو الخاص بأداء الشركات الألمانية وتوقعاتها بعض الشىء؛ وذلك للمرة الأولى منذ أكتوبر الماضى.وتبيَّن من خلال المؤشر -الذى يعتمد على استطلاع آراء المسؤولين فى كبرى الشركات الألمانية، بشأن مدى تفاؤلهم فى المستقبل- أن هناك تزايدا فى قلق القائمين على شؤون هذه الشركات على مستقبل شركاتهم. ويخشى عدد من هؤلاء من السيناريو المخيف لعودة فترة الجمود الاقتصادى التى سادت إبان فترات الحرب الباردة وعواقب هذا السيناريو على الاقتصاد، خاصة أن الوضع فى أهم أسواق النمو الاقتصادى معقد بالفعل.
ولا يزال حال الشركات الألمانية مطمئنًا فى الوقت الحالى، بل إن الشركات التى استطلعت آراؤها تقيم وضعها على أنه أفضل عما كان عليه فى فبراير الماضى؛ "فالشركات لا تزال تحقق أرباحا جيدة" حسبما أوضح كلاوس فولرابه خبير معهد إيفو المتخصص فى رصد مناخ الاستثمارات، والذى أكد أنه لا يتوقع على المدى القصير عواقب مباشرة لأزمة القرم على الشركات الألمانية. ورغم ذلك، فإن هناك بعض التراجع فى تطلعات رؤساء هذه الشركات.
ولم يُعرف بعد ما يمكن أن تتسبب فيه الأزمة من آثار سلبية على مناطق أخرى مهمة فى العالم وما إذا كان الغرب سيفرض عقوبات اقتصادية شديدة على روسيا فى ضوء الأزمة، ولكن الارتباك والشعور بعدم الأمان سيؤثر تدريجيا على الشركات. وبدأ عدد من الشركات الآن بالفعل وقف استثماراتها فى روسيا، حيث أعلن مؤتمر غرفة الصناعة والتجارة الألمانى، أن كثيرا من المستثمرين بدأوا يسحبون رؤوس أموالهم من روسيا.
ومع ذلك، فإن روسيا ليست سوقا كبيرا بهذه الدرجة بالنسبة للكثير من الشركات الألمانية، ولكن مواردها المعدنية الهائلة تمثل فرص نمو واعدة وهو ما جعلها تمثل حرف "آر" فى اسم مجموعة دول "بريك" لأهم الدول الواعدة اقتصاديا والتى تضم البرازيل وروسيا والهند والصين، التى تعتزم كبرى الشركات العالمية ضخ المزيد من السيارات والآلات والأدوية لمواطنى هذه الدول الذين يزدادون رخاء يوما بعد يوم.
وهذا هو أيضا أحد الأسباب التى تجعل مسؤولى كبرى الشركات الألمانية يتحفظون بشأن أى تصريحات خاصة بأزمة شبه جزيرة القرم ويؤثرون ترك المجال لرجال السياسة. غير أن إيكارد كورديس رئيس اللجنة الشرقية فى اتحاد الشركات الصناعية فى ألمانيا، يحذر من فرض عقوبات على روسيا، وقال إن مثل هذه العقوبات ستؤدى فى حالة فرضها إلى توجه روسيا إلى السوق الصينية بدلا من الأوروبية. ورغم أن معهد أيفو يتوقع أن تكون آثار مثل هذه العقوبات أشد على روسيا منها على أوروبا إلا أنه حذر فى الوقت ذاته من عزل روسيا من خلال سياسة تجارية.
وتوقع نائب وزير الاقتصاد الروسى أندرى كليباخ هروب ما يصل إلى 51 مليار دولار من الاستثمارات فى بلاده خلال الربع السنوى الأول حسب تقرير نشرته صحيفة فاينانشال تايمز وهو ما يعنى أكثر من إجمالى ما تم سحبه من روسيا من استثمارات خلال العام الماضى كله، كما أن هناك منذ وقت طويل تراجعا مستمرا فى قيمة العملة الروسية الروبل، وعن ذلك قال رئيس شركة أوبل الألمانية، كارل توماس نويمان، فى تصريح لصحيفة "أوتوموبيل فوخه" الأسبوعية: "نشعر بالفعل بأعباء نتيجة هذا التراجع".