نزوى - سعيد الهنائي -
بينما كانت صرخات امرأة وأبنائها وأحفادها تتعالى من داخل مركبة انقطعت بها السبل وسط مجرى وادي بسوق نزوى.. قرر شاب أن يقتحم المجهول وأن يساعد هذه المرأة لعل الله يكتب نجاتها على يديه..
خاطر بنفسه وحاول التحكم في مقود السيارة لمنعها من الانجراف إلا أنّ القدر كان يخبئ شيئًا آخر.. انجرف الشاب والمركبة قليلا لكن نداءً من داخله كان يحدثه بأنّ الله لن يضيع أجر من أحسن عملا.. نجا الشاب وأنقذ أسرة كاملة من موت محقق..
وما بين محاولات الإنقاذ والنجاة دارت أحداث نرصدها في التقرير التالي:
في صباح الخميس الماضي شهدت محافظة الداخلية هطول أمطار غزيرة أدت إلى جريان الكثير من أودية المحافظة وأمام سوق نزوى التاريخي تلتقي معظم أودية ولاية نزوى في مجرى واحد لتشكل تدفقًا غزيرًا للمياه يصعب معه عبور الطريق الرئيسي بمركز الولاية و لم تكن تدرك إحدى النساء وهي تقود مركبتها قاطعة مسار الشارع أمام السوق لحظة زيادة تدفق جريان الوادي أنها ستعلق في الوادي وأنه لولا لطف الله سبحانه و تعالى ثم شجاعة وشهامة أحد شباب الولاية لربما حدث ما لا تحمد عقباه فقد كانت السيارة بها قائدتها وامرأتان أخريان وثلاثة اطفال ووجهتهم مستشفى نزوى، غير أن القدر والمكتوب يسبق أي تخطيط وأي حذر فقد علقت في وسط مجرى الوادي و المياه تزداد غزارة و الناس ترقب وأياديها على قلوبها ومن بين الحشود التي تجمعت على كلتا الضفتين يبرز فارس شهم وشاب نذر نفسه في تلك اللحظة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه حيث صراخ وعويل وعبارات الاستنجاد تخترق مسامعه اختراقا وتعلو على صوت هدير المياه بالوادي إنّه الشاب سليمان بن محمد السليماني الذي تمكن بفضل الله تعالى و لطفه من مساعدة الأسرة العالقة وإخراجهم قبل أن يجرفهم الوادي.
يقول الشاب: لا أعلم بالضبط ما الذي دفعني للمخاطرة لكنّه نداء الواجب قبل كل شيء وإلهام المولى عزّ وجل وتطبيق القيم والمبادئ التي تربينا عليها في هذا المجتمع فأنا ما إن رأيت الوادي يكاد يجرف المرأة وعائلتها وأيقنت ترددها في التصرف حتى قررت أنه لا مجال للتفكير فالوقت ضيق والمياه تزداد غزارة وقد تنقلب الأوضاع إلى الأسواء في أي لحظة وتذهب العائلة أمام أعيننا جميعا دون أن نكون قد حركنا ساكنا وقد ركضت باتجاه مقود السيارة محاولا إخراج العائلة غير أن الوادي كان أسرع مني فحرك المركبة ولحسن الحظ أنّه الصقها بحديد الشارع الذي يحدد منسوب المياه الذي ينبغي مراعاته عند عبور الأودية الجارية لحظتها علمت أننا بحاجة إلى مركبة أخرى لإخراجنا على أن تكون ذات دفع رباعي وسريعة فأومأت لصاحب مركبة من نوع تاندرا وإذا به يأتي مسرعًا غير أن قوة المياه جرفت المركبة الأخرى أيضًا و ألصقها مباشرة بالقرب من مركبة العائلة عندها قررت إخراج النساء والأطفال من فتحة سقف المركبة حيث كان الصراخ وبكاء الأطفال يدفعنا للتصرف بأي طريقة لإخراجهم من المركبة المغمورة بالماء قبل أن يغرقوا جميعا فتم ذلك بحمد الله وفضله وأخرجناهم في المركبة الأخرى وخفت حدة غزارة المياه الجارية ومن ثم حضرت سيارة الدفاع المدني حيث تم أخذهم للمستشفى والاطمئنان عليهم ونجوا جميعا بفضل الله.. فالمجتمع العماني مجتمع أصيل تجده يهب لنجدة المحتاج والملهوف في أي زمان وأي مكان.
وعن خبرته في التعامل مع الأودية أجاب أنه لا يمتلك من الدراية بهذا الأمر إلا الشيء اليسير وهذا أول موقف يصادفه بهذه الصورة وهي مخاطرة بالفعل لكن أن تترك المرأة وأبناءها وأحفادها في المركبة تحيط بها المياه من كل اتجاه وهي ترى الموت يقترب منها رويدا رويدا شعور قاس لا يمكن وصفه.
وعن شعوره لحظة انجرافه مع المركبة أثناء محاولته إنقاذ العائلة أجاب كنت على يقين بأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا وأنّ الآخرين سيهبون للمساهمة في الإنقاذ وهذا ما حدث من صاحب المركبة الأخرى والمنقذ هو الله سبحانه وتعالى وما نحن إلا وسيلة سخرت لهذا الأمر.
"الدفاع المدني": تعاملنا مع 95 بلاغا وأنقذنا 73 مواطنا و وافدا
مسقط – الرؤية-
تعاملت الهيئة العامة للدفاع المدني والإسعاف مع 95 بلاغًا أثناء المنخفض الجوي الذي تعرضت له السلطنة خلال الفترة من 25 - 29 مارس 2014 وقد تركزت هذه البلاغات في محافظات (البريمي- الظاهرة- شمال وجنوب الباطنة- مسقط- الداخلية - شمال وجنوب الشرقية). وجاءت متنوعة بين إطفاء، وإنقاذ بشقيه البري والمائي والبحث والإنقاذ، وإسعاف من تمّ انقاذهم من الأودية وحوادث الطرق والحالات المرضية الأخرى، حيث بلغ عدد المتوفين من جراء الحالة 6 أشخاص من المواطنين من بينهم طفل يبلغ من العمر ثماني سنوات بعد سقوطه في أحد البرك المائية، أما الإصابات فكانت لمواطن واحد ولا زالت حالتة حرجة، أمّا من تمّ إنقاذهم فبلغ عددهم 73 شخصًا منهم 10 وافدين والبقية عمانيون من الرجال والنساء وصغار السن بعد أن جرفتهم الأودية أثناء عبورهم بمركباتهم، أو من الذين حاصرتهم المياه داخل منازلهم.
وحول جهود الهيئة قال المقدم - عبدالله بن صالح النجاشي مدير العمليات قائلا: بداية نقدم التعازي لأهالي المتوفين ونتمنى الشفاء العاجل للمصاب، وحول جهود الهيئة في مثل هذه الحالات عملت جاهدة للاستعداد لمواجهة مخاطر الأمطار والسيول ووضع الخطط اللازمة للوقاية منها وتهيئة كافة الإمكانات والمستلزمات الضرورية وتنسيق الجهود مع اللجان الفرعية بالمحافظات والجهات الحكومية والخاصة المعنية بالتعامل مع هذه الحالات لمواجهة ما قد ينجم من أضرار وتوفير ما يتطلبه الموقف من معدات وآليات وتهيئة أماكن الإيواء والإغاثة وتصريف المياه في المواقع المغمورة.
وبذلت إدارات الدفاع المدني والإسعاف بالمحافظات جهودًا كبيرة في تقديم خدماتها حيث تم نشر الفرق على مجاري الأودية الكبيرة والمواقع التي عادة ما تكون عرضة لدخول المياه إليها، واستطاعت بحمد الله وتوفيقه الاستجابة لمعظم البلاغات التي تلقتها والتعامل معها وفق الإمكانات المتاحة لها.
وفي الختام توجه النجاشي بالشكر الجزيل لكل من قدم العون والمساندة لفرق الهيئة أثناء قيامها بعمليات البحث والإنقاذ، والشكر موصل للجهات الحكومية المعنية التي كان لها الدور الكبير قبل بدء الحالة وحتى انتهائها.
ونظرًا لاستمرارية جريان الأودية تهيب الهيئة العامة كافة المواطنين والمقيمين وشركات السياحة بـخذ الحيطة والحذر في مواقع الأودية والتجمعات المائية والانتباه عند اصطحاب الأطفال.
أهالي الدريز بولاية عبري يناشدون الحكومة لإنقاذهم من الأودية
عبري- ناصر العبري
طالب أهالي بلدة الدريز بولاية عبري الحكومة الرشيدة بضرورة إنشاء سد حماية من الأمطار وتأهيل ورصف الطريق الداخلي واستكمالها ورفع المعاناة عن عاتق الأهالي بسبب توقف الحركة أثناء هطول الأمطار وجريان الشعاب.
ويقول سعادة الشيخ سلطان بن ماجد العبري عضو مجلس الشورى ممثل ولاية عبري إنّ معاناة أهالي الدريز مستمرة ولا يوجد حل في الأفق وقد سمعنا عن إقامة سد للشعبية ولكن متى يتم التنفيذ لتعويضهم بأراض بعيدة عن مجاري الأودية وليس مثل التي وزّعت قرب الشعبية مما أدى إلى دخول الأودية لمنازل المواطنين.
ويضيف: المواطنون لا يريدون حلولا وقتية ومساعدات تعويضية (بطانية وبساط ومواد معلبة تفي بالغرض) فبعض العوائل تقضي طوال الليل فوق سطوح المنازل أثاثهم غرق وكمالياتهم أتلفت وبالتالي يجب معالجة الوضع بحل جذري وإيجاد قناة لتصريف هذه الشعبة وتعويض من تمر القناة في أملاكه.
وقال علاء بن حمد الغافري أحد سكان حي السمرة ببلدة الدريز إنّ المياه دخلت منازل الأهالي وغمرتها وألحقت الأضرار بالأجهزة الكهربائية والإلكترونية والأثاث. وقد قامت شرطة عمان السلطانية متمثلة في قيادة محافظة الظاهرة بتنبيه الأهالي بأهمية إخلاء المنازل إلا أنّها قوبلت بالرفض بحجة اختلاط العوائل والأسر في أماكن الإيواء المخصصة.
وقال سعيد بن صقر الكلباني أحد ساكني البلدة إنّ الأمطار نعمة يفرح بها الناس جميعا إلا أنها في بلدة السمرة والمقسومة تختلف وتتحول إلى مأساة وخوف بسبب الخسائر الكبيرة التي يجنيها الأهالي بسبب الأودية المتجهة إلى المنازل.
وعن تعاون الجهات المعنية قال الكلباني: هناك تبرعات مالية بسيطة لا تغطي نصف خسائر المواطنين فضلا عن غياب الحلول الدائمة لحماية أهالي البلدة من خطر الأودية والشعاب وذلك بعد مرور عام كامل على زيارة المسؤولين إليها.
وأشار مسعود بن سباع الغافري أحد سكان حي الجزيرة المحاذي لطريق بات في بلدة الدريز إلى أن الأراضي تم توزيعها في هذا الحي دون تأهيلها للسكن وبالتالي نعاني من تجمع كميات كبير من المياه بعد هطول الأمطار ولا يوجد هناك أي منفذ لتصريفها؛ حيث ناشدنا المسؤولين بإصلاح هذا الحي منذ عام 2008 وتقدمنا بعدة رسائل تم خلالها تكليف إحدى الشركات بإصلاح المكان ولكن ذلك لم يتم ولم تكن هناك متابعة لهذه الشركة من أي جهة مسؤولة.
وقد تعرضنا للأنواء المناخية في العام المنصرم وتضررت جميع المنازل من بينها منزلي الذي وصلت تكاليف صيانته إلى أربعة آلاف ريال وبعد المطالبات مرة أخرى بمعاينة المكان حضر بعض المسؤولين وتم وضع أنابيب مقاس 4 انش كحل سريع ومؤقت وجاءت أمطار هذا العام وعدنا كسابق عهدنا حيث إنه ومع هطول الأمطار وجريان الشعاب والأودية تبقى جميع المنازل هناك محاصرة بالطين وتعجز صهاريج المياه في هذه الحالة عن الوصول إلى المنازل.
مواطنون: المختصون لم يقصروا في التوعية من مخاطر "المنخفض".. والمجازفة واللامبالاة سبب الخسائر في الأرواح
البريمي- سيف المعمري
مرت السلطنة خلال الأيام الخمسة الماضية بمنخفض جوي تسبب في هطول أمطار ترواحت بين المتوسطة والغزيرة على المحافظات الشمالية للسلطنة، والتي سجلت معدلات قياسية في كميات الأمطار المتساقطة، كما تأثرت محافظات مسقط وشمال وجنوب الشرقية بالإضافة إلى محافظتي الوسطى وظفار بكميات متباينة من أمطار المنخفض.
ويأتي المنخفض الجوي الحالي ضمن سلسلة من المنخفضات الجوية التي باتت تمر بها السلطنة بين فترة وأخرى من أيام السنة. ورغم الجهود الكبيرة التي تبذلها عدد من الجهات المعنية في الإعلان المسبق عن تأثر السلطنة بحالات المنخفض وقبل فترة زمنية تتعدى الأسبوع، إلا أن الملاحظ أنّه ما مرّ على السلطنة منخفض جوي ماطر إلا ويخلف وراءه عددًا من الخسائر البشرية والاقصادية وتلفا في خدمات البنية الأساسية من طرق وأعمدة كهرباء وإنارة وغيرها.
ورغم ما يتم بثه عبر وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية من الهيئة العامة للطيران المدني ممثلة بالمديرية العامة للأرصاد الجوية من تنبيهات وقراءات تفصيلية للخرائط العددية والبيانات المتتالية قبل وأثناء حدوث المنخفض الجوي بالإضافة إلى ما يتم بثه من رسائل توعوية عبر مواقع الهيئة عبر حساباتها في الفيس بوك والتويتر وكذلك مايتم تناقله عبر الواتساب والتليجرام بالإضافة إلى المنتديات الإلكترونية المختلفة والتحذيرات التي تبثها شرطة عُمان السلطانية عبر الموقع الإلكتروني وحسابات الهيئة العامة للدفاع المدني والإسعاف في الفيس بوك وتويتر؛ إلا أنّ تلك الجهود لا تجد آذانًا صاغية لدى بعض أفراد المجتمع سواء كانوا مواطنين أو مقيمين، وبالتالي يفقدون أرواحهم وأرواح من مهم ويميلون إلى المخاطرة وبالتالي المجازفة وعدم التريث وعبور الأودية والتي تنجم عنها خسائر بشرية في الأرواح.
وما يبعث على الألم والحزن أن من يخاطرون بأنفسهم هم في مرحلة النضج وهم شباب في العشرينيات من أعمارهم، بل إن اللامبالاة التي يقدمون عليها تتعدى إلحاق الضرر بأنفسهم وأقاربهم وإلى تسببهم في المخاطرة بأرواح الآخرين الذي سيبذلون جهودًا لإنقاذهم وخاصة رجال الدفاع المدني والإسعاف والمواطنين الذين يتضاعف جهودهم في فترة المنخفضات الجوية والذين يواصلون الليل بالنهار من أجل ضمان السلامة والتصدي لكل الأخطار التي تتسبب بها الأنواء المناخية التي تعبر السلطنة.
وقد استطلعت " الرؤية " آراء عدد من المواطنين حول ظاهرة المجازفة في عبور الأودية واللامبالاة من قبل البعض ومدى رضاهم عن جهود الجهات المعنية لتوعية المجتمع بالأنواء المناخية قبل وأثناء حدوثها.
يقول صلت بن محمد بن صلت التوبي نائب مدير إدارة الأوقاف والشؤون الدينية بمحافظة البريمي: ما تبذله الجهات المعنية من جهود في بث الرسائل التنبيهية والبيانات المتتالية يبعث بالفخر والاعتزاز في حجم تلك الجهود وخاصة من الأرصاد الجويّة و الدفاع المدني.
ويضيف: هنالك عدة أسباب من وجهة نظري في الخسائر البشرية خلال فترة المنخفض الجوي الذي مرت به السلطنة والمتمثلة في قلة الوعي لدى بعض أفراد المجتمع والغرور وحب الظهور والمدح وعدم الإكتراث بعواقب الأمور واللامبا