الرؤية - مركز البحوث
أدلى الأتراك، بأصواتهم في انتخابات بلدية تجرى في ظرف توتر شديد، واتخذت منحى استفتاء على رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الذي يواجه أزمة غير مسبوقة نتيجة احتجاجات شعبية وفضيحة سياسية مالية.
فبعد عشرة أشهر على الانتفاضة ضد الحكومة يخوض أردوغان الحاكم منذ 2002 وحزب العدالة والتنمية الذي يترأسه، هذا الاختبار الانتخابي في وضع صعب؛ إذ يواجه أردوغان منذ 17 ديسمبر اتهامات خطيرة بالفساد تطاله بشكل مباشر مع نشر مكالمات هاتفية له على الإنترنت أثارت انتقادات شديده له في داخل تركيا وخارجها.
وردَّ رئيس الوزراء بالتنديد طوال الحملة الانتخابية الضارية بـ"مؤامرة" تستهدفه ويقف خلفها برأيه حلفاؤه السابقون من جماعة الداعية الإسلامي فتح الله غولن، داعيا أنصاره إلى تلقينهم "درسا جيدا" في 30 مارس.
وقال الباحث سينان أولغن من مركز إيدام للأبحاث في إسطنبول: "استراتيجيته بسيطة، وهي غسل اتهامات الفساد في صناديق الاقتراع".
وتتوقع جميع معاهد استطلاعات الرأي التركية تراجع موقع حزب العدالة والتنمية الذي حصل على ما يقل بقليل عن 50% من الأصوات في الانتخابات التشريعية عام 2011، لكن دون الوصول إلى سقوطه. وتتوقع جميع التحقيقات التي نشرت في الأسابيع الأخيرة حصول حزب أردوغان على 35 إلى 45% من الأصوات على المستوى الوطني. فرغم الفضائح والخلافات، يبقى أردوغان السياسي الأكثر شعبية في البلاد بفارق كبير عن سواه.
غير أن خطاباته شديدة اللهجة ضد من أسماهم "إرهابيين" و"خونة" فضلا عن حملات التطهير التي أجراها في صفوف الشرطة والقضاء وقوانينه التي اعتبرت "معادية للحريات" وحجب موقع تويتر مؤخرا ثم موقع يوتيوب، كل ذلك دفع النقاش السياسي في تركيا إلى التشدد.
وفي 12 من الشهر الجاري، اغتنم مئات الآلاف من الأتراك مناسبة جنازة فتى توفي متأثرا بجروح أصيب بها خلال تظاهرات يونيو 2013، للمطالبة باستقالة أردوغان متهمينه بـ "القتل". كذلك عمدت المعارضة المصممة على اغتنام الظروف الحالية، إلى إعطاء "منحى وطني" للانتخابات البلدية في 30 مارس وهي تأمل في "تصويت" بحجب الثقة عن أردوغان الذي باتت تصفه علنا بـ"سارق" و"دكتاتور".
وتتوقع جميع معاهد استطلاعات الرأي التركية تراجع موقع حزب العدالة والتنمية الذي حصل على ما يقل بقليل عن 50% من الأصوات في الانتخابات التشريعية عام 2011، ولكن بدون الوصول إلى سقوطه. وتتوقع جميع التحقيقات التي نشرت في الأسابيع الأخيرة حصول حزب أردوغان على 35 إلى 45% من الأصوات على المستوى الوطني.
... انتخابات تركيا المحلية استثنائية هذه المرة، على الأقل بالنسبة لرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وحزبه. الانتخابات المحلية، لا تكتسب عادة هذه الأهمية، ولكن خمسة أسباب رئيسية، تجعل منها حدثاً مفصلياً في الساحة السياسية التركية، والإقليمية:
- السبب الأول: كون الانتخابات تعقد في ظل قرار إغلاق موقعي التواصل الاجتماعي تويتر ويوتيوب، إضافة إلى حال مرتبك وتخوف من الصحافة التركية في طريقة التعاطي معها.
- السبب الثاني: يتمثل في كون المشهد السياسي التركي الذي يسبق الانتخابات، كان عنوانه الرئيس قضية الفساد التي تورط فيها أردوغان بتسجيلات نسبت إليه، ما يجعل الانتخابات المحلية اختباراً لقبوله وشعبيته, ولو كان اسم أردوغان غير موجود على أي ورقة انتخابات، ولكنه شارك في الحملة الانتخابية لحزبه وكأنه سباقه الرئاسي.
- السبب الثالث: يكمن في الحسابات الرياضية خلف الانتخابات، حيث في هذه الجولة لن يكون الفوز كافياً لأردوغان، فبحسب استطلاعات الرأي والمراقبين، من المتوقع أن يفوز حزب العدالة والتنمية، ولكن نسبة التأييد ستحدد حقيقة الفوز، حيث إن تحقيق أقل من 40% من الأصوات سيؤثر سلباً على تماسك الحزب، ويرسل رسالة واضحة على خسارة شعبيته في الشارع، بعد أن حقق 49% عام 2011.
- السبب الرابع: أن إسطنبول ستكون اللعبة الأساسية، حيث يقول المراقبون إنها تمثل رمزية مهمة لحزب أردوغان، الذي قال في أحد خطاباته إن الفائز بإسطنبول هو الفائز بتركيا. ولكن حزب أردوغان لن ينافس وحيداً على المدينة التي تولاها يوماً ما، ولكن مصطفى ساريغول، أحد معارضي أردوغان، ينافس على حكم المدينة.
أما السبب الخامس والأبرز، في تصريحات أردوغان نفسه، والذي قال إنه سيعتزل الحياة السياسية إذا لم يفز حزبه بالمركز الأول.
وإن كان فوز حزب أردوغان أمراً وارداً، فإن هذه الانتخابات ستمثل بداية لتحد أكثر صرامة له في الانتخابات القادمة، وتختبر شعبيته التي أسرت الشعب التركي لسنوات، قبل أن تنكشف قضايا الفساد، وقمع الحريات.