فارس العوفي-
حين يُظلم الكون ويلتحف بعباءة السواد، يكون للنور وقعٌ لا حدود له؛ فتصبح الحاجة إلى نور مضيء ينير المكان أمرًا في غاية الضرورة؛ فكيف حين يكون النور نورَ السماء، نورَ ضياء القمر الذين يزين كبد السماء، ونجوم تتلألأ كعقد ماسي في غاية الروعة والجمال، تبعث بالنفس والروح تألقًا لا حدود له.
لكنَّ السؤال الذي أود طرحه في هذا المجال: كيف إذا كانت الظلمة هي جهل الإنسان بماهية خلقه وتكوينه؟ كيف إذا كانت الظلمة هي جهل الإنسان بعظمة مكنوناته وقدراته ومخزونه؟ كيف إذا كانت الظلمة هي جهل الإنسان بأسرار الحياة وإعجاز ما أودعه الله عصره وجيله؟ هنا تكون الظلمة لا محالة سوادًا قاتمًا، وأمرًا جللًا يستحق التوقف والانتباه.
تلك الظلمة؛ وذاك الجهل ما هو إلا قلة في المطلوب من المعرفة والفهم، وبُعدا عن مكامن النور والعظمة الداخلية والخارجية التي وهبنا الله إياها في كل جزء من حياتنا، والحاجة إلى ذوبان وانقشاع تلك الظلمة مهم، ومن أولويات عصرنا الحالي الذي أصبح مليئًا بالتحديات والإعجازات التي صاحبت التقدم العلمي في شتى مجالات حياتنا بمختلف صنوفها.
... الكثيرُ من جيل الشباب اليوم لديه أحلام وأمنيات تعانق السماء، لديه رغبات ومُتطلبات لا حدود ولا حصر لها، يتمنَّى ويغرق في وَحل الأمنيات والأحلام، لكنَّه للأسف الشديد لا يُوجد لديه هدف واضح المعالم ومخطط له بشكل مدروس، وهذا يرجع لسببين من وجهة نظري الشخصية؛ أولهما: عدم الإلمام بالتخطيط الصحيح للهدف والفشل في رسم ملامحه وتجزئته إلى مراحل، وهذا مهم جدا للراغبين في الوصل للهدف والقمة. وثانيهما قد يكون عدم ملاءمة قدراته وميوله مع ذلك الهدف والطموح المراد تحقيقه. والسبب في ذلك في كلا الحالتين هو عدم وجود صقل ومهارات لدى الفرد منا في آلية التعامل مع أهدافنا وطموحاتنا بالشكل الذي يُسهل علينا الاتجاه بخط مستقيم نحو تحقيقها بجودة وإتقان.
ومن هُنا يأتي هذا العمود الأسبوعي "قناديل"، ليُضيء في كل مرة زاوية من زوايا الإنسان المظلمة، ليُزيح نوعًا ما تلك الظلمة تدريجيًّا؛ ليرصد مناطق السواد ليزيحها، ومناطق النور ليحاول إشعالها من جديد وبطريقة مبسطة وسهلة، مع إضاءات نختتم بها نهاية كل عمود لتكون رصيدًا رائعًا يُضاف إلى روعة إبداعكم دائما.
"قنادبل".. سيبحر بكم في إضاءات متناغمة ما بين الموهبة والتفوق والإبداع والابتكار...وغيرها من الإضاءات التي ستشكل سلسلة من القناديل ذات الألوان المتفاوتة في القوة واللون؛ لتعزف سيمفونية التميز على ساحات النجاح لكل إنسان يطمح للعلو والارتقاء؛ ليرى نتاج جهده وعمله إضاءة تنير مسار حياته وتعمل على تحقيق أهدافه وطموحاته.
أعزائي القراء، كُونوا معنا أسبوعيًّا في صفحة "مواهب" وعمود "قناديل"؛ لنرسم سويًّا خارطة الطريق ونبني عليها إضاءات تمهِّد لنا خطوات النجاح والتميز، ولنشكل أهدافنا الشخصية بما يتناسب مع قدراتنا وميولنا، ونتعلم مهارات البناء في سبيل تحقيق أفضل إنجاز لحياتنا.
إضاءة..
قال السيد محمد حسين فضل الله في تفسيره قول الله تعالى: "قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) "سورة الزمر: الآية 9". في القيمة الإنسانية التي يمثل العلم في حساباتها المستوى الكبير الذي يفتح شخصية الإنسان على الآفاق الرحبة في الحياة بأسرارها العميقة، وامتدادتها البعيدة، ورحابها الواسعة، وقضاياها المعقدة، وشؤونها المتنوعة، وحساباتها الدقيقة، بحيث يملك من خلاله وضوح الرؤية للأشياء، فيفكر في نور ويتحرك في نور.