الرؤية – خاص-
يرى التقرير الأسبوعي لمجموعة بنك قطر الوطني (QNB)، أنه على الرغم من أن الاقتصاد الهندي لم يبلغ بعد نهاية النفق، إلا أنه دخل في طريق التعافي.
وقال التقرير: إن صندوق النقد الدولي يتوقع للناتج المحلي الإجمالي للهند أن يتحسَّن إلى نسبة 5.4% هذا العام (4.4% في العام 2013، أقل مستوى له خلال خمس سنوات)، مدعوماً بانتعاش في القطاع الزراعي، وارتفاع في الصادرات، إضافة إلى عامل الإصلاحات الحكومية. غير أن التقرير أوضح أن استمرار اختلالات التوازن والعوائق الهيكلية يعرقل اكتمال التعافي. وتمثل الانتخابات البرلمانية الجارية في الوقت الحاضر مفترق طريق لبرنامج الإصلاحات الحالي الذي يحتاجه الاقتصاد الهندي لنمو قوي مستديم. وسيكون أحد العوامل الأشد تأثيراً هو الكيفية التي ستتعامل بها القيادة الجديدة مع القصور في استثمارات البنية التحتية والإصلاحات الهيكلية مع العمل في نفس الوقت على الإبقاء على عجز الحساب الجاري والعجز المالي ضمن حدود معقولة.
وعقب نمو سنوي مرتفع جداً بمتوسط 9.0% خلال الفترة من عام 2004 إلى عام 2007 مدفوعاً بتوسع سريع في الخدمات والنشاط التجاري، شهد الاقتصاد الهندي تباطؤاً مع حلول الأزمة المالية العالمية خلال فترة 2008-2009، تراجع خلالها نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى متوسط 6.2%. ثم بدأ النمو في الارتفاع مجدداً خلال 2010-2011 نتيجة حوافز مالية ونقدية ضخمة، ثم تراجع لاحقاً بدرجة ملحوظة على ضوء ضعف الطلب العالمي وبطء التقدم في مشروع الإصلاحات الهيكلية. وأدى التباطؤ الاقتصادي الذي قاده ضعف النمو في استثمارات الشركات مع تدهور جودة الأصول وما تبعه من آثار على المراكز المالية للبنوك والشركات، إلى إحداث آثار متتالية على نطاق اقتصاد البلاد خلال عامي 2012-2013.
وتضاعفت ضغوطات ميزان المدفوعات بحدة خلال الصيف الماضي. وقد أدى إعلان بنك الاحتياطي الأمريكي عن البدء في خفض برنامج التيسير الكميّ في مايو 2013 إلى هروب مقادير ضخمة من رؤوس الأموال مع إحداث ضغوطات نزولية على العملة وأسعار الأصول. وكانت الهند هي إحدى أكثر دول الأسواق الناشئة تأثراً بسبب اعتمادها الكبير على تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية في تمويل عجزها الضخم في الحساب الجاري. وانخفضت قيمة الروبية الهندية إلى مستوى قياسي وصل إلى 68.4 مقابل الدولار الأمريكي بأواخر أغسطس 2013 من متوسط 55.0 في النصف الأول من عام 2013. وقد حدث هذا الهبوط في قيمة الروبية بالرغم من التدخل الحكومي القوي لدعم العملة، وتجلى ذلك في تراجع الاحتياطيات الرسمية للنقد الأجنبي في الصيف الماضي.
ونتيجة لذلك، تم التشديد على السياسات التي تحكم السيولة، كما تم تخفيف حدود الاستثمار الأجنبي المباشر والاقتراض الخارجي، ووُضعت قيود على واردات الذهب. وقد كان أهم التدابير التي تم اتخاذها هو تشديد السياسة النقدية منذ يوليو الماضي، ولجوء بنك الاحتياطي الهندي إلى استنزاف سيولة النظام المصرفي، وتقييد طرق الاقتراض من نوافذ الخصم في البنوك، ورفع أسعار الفائدة للمدى القصير.
وإضافة لذلك، فقد تم تخفيف حدود الاستثمارات الأجنبية والاقتراض التجاري من الخارج بالعملات الأجنبية لإتاحة المزيد من تدفقات رؤوس الأموال للداخل. وعلاوة على ذلك، فقد تم تطبيق رسوم جمركية أعلى على الواردات وقيود كميّة على استيراد الذهب بهدف خفض فاتورة الواردات بصفة عامة. ونتيجة لهذه السياسات، ضاق العجز في الحساب الجاري، مدعوماً أيضاً بالتحويلات المالية الكبيرة من المغتربين، وارتفعت قيمة الروبية بعض الشيء.
ويرى التقرير أنه من المتوقع أن يؤدي ارتفاع معدل النمو العالمي، وتحسن مستوى تنافسية الصادرات، ودفع العمل في مشاريع البنية الأساسية المتوقفة، وزيادة ثقة المستثمرين جرّاء تدابير السياسات الأخيرة، إلى تحقق مستوى معتدل من التعافي في المدى المتوسط. ولكن ثمة حاجة لمزيد من الإصلاحات الهيكلية في مجالات الكهرباء والنقل، والترشيد المالي، والإنفاق على التعليم والصحة، وتسعير الموارد الطبيعية لكي تتمكن الهند من تحقيق كامل طاقتها التنموية.