تويت
تتزايد حدة الاحتقان في المشهد الليبي، وتتفاقم تعقيداته يومًا بعد آخر في ظل المماحكات السياسيّة المتصلة، وعلى ضوء الصراع المرير الذي غالبًا ما يعبّر عن نفسه في شكل أعمال عنف واشتباكات؛ يروح ضحيتها المئات من أبناء الشعب الليبي الذي خرج ضد نظام معمر القذافي أملا في الحرية والعيش الكريم.
أصبح الشارع الليبي أسيرًا في يد المليشيات المسلحة، ولم تفلح الحكومات المتعاقبة في إنقاذه من قبضتها نتيجة ضعفها، وبسبب الخلافات السياسية التي تحول دون اتخاذ قرار حاسم؛ يكفل مواجهة هذه التنظيمات والمليشيات، ويضع حدًا للتفلتات الأمنية التي تتسبب فيها، والتي إليها يعزى السبب في عدم استقرار ليبيا حتى الآن؛ رغم مضي أكثر من ثلاث سنوات على الإطاحة بنظام القذافي.
آخر مظاهر هذا الانفلات الأمني؛ ما شهدته مدينة بنغازي شرق ليبيا أمس الأول الجمعة من اشتباكات أوقعت عشرات القتلى والجرحى، وعدد الضحايا مرشّح للزيادة في ظل الاحتقان القائم في المدينة - مهد شرارة الانتفاضة ضد حكم القذافي-، ويغذي هذا الاعتقاد تعهد طرفي الصراع وهما جماعة لواء متقاعد منشق من جهة والمتشددين الإسلاميين من جهة أخرى.
ورغم إصدار رئيس الوزراء الليبي أوامره للجيش النظامي بالسيطرة على أي جماعات مسلحة في بنغازي؛ إلا أنّ عودة الاستقرار إلى هذه المدينة أمر يبدو بعيد المنال؛ على الأقل في الوقت الراهن، حيث تشهد اشتباكات بين المتشددين والجيش وتشيع فيها الاغتيالات والتفجيرات.
والشاهد؛ ألا سبيل إلى استقرار ليبيا، ولا أمل في التخلّص من المأزق الحالي؛ إلا من خلال توافق وطني على احتواء العنف ونزع أسلحة المليشيات، والعمل على تمكين الحكومة من ممارسة صلاحياتها على كامل التراب الوطني، وإمضاء سلطاتها على كافة مكونات المجتمع الليبي.