التلميحات الإسرائيلية وتسريبات حكومة الاحتلال عن أن إسرائيل تُجري اتصالات مع مسؤولين فلسطينيين وعرب عبر قنوات خلفية، تهدف إلى "تبريد" جبهة الاتهامات الغربية التي تحمِّلها مسؤولية فشل المفاوضات مع الفلسطينيين، التي رعتها الولايات المتحدة، وتوقفت بنهاية شهر أبريل الماضي.
وتعكس هذه التسريبات الإسرائيلية -كذلك- محاولتها إيهام الرأي العام العالمي بأنها الطرف الحريص على استمرار مفاوضات السلام، رغم أنَّ الجميع يعلم أنها هي من وأدت فرص استمرارية هذه المفاوضات، ونسفت احتمالية توصلها إلى اتفاقات يُمكن أن تدفع المسار السلمي قدمًا إلى الأمام؛ وذلك من خلال مُماطلات وتسويف وتهرب عن الوفاء بالاستحقاقات التي تستلزمها العملية السلمية.
... ظلت إسرائيل تراوغ لأكثر من تسعة أشهر -فترة المفاوضات- وتتخذ من عملية التفاوض ستارا لتنفيذ مخططاتها الاستيطانية التوسعية، واجتهدت كثيرا لإفساد هذه المفاوضات وتفريغها من معناها عبر سلسلة من الممارسات المقصودة، والأفعال المنافية لجوهر السلام، والمتناقضة مع روح التفاوض البناء. وعمدت إلى وضع العراقيل أمام المسار التفاوضي؛ تارة باشتراطات الاعتراف بها كدولة يهودية، وتارات أخرى بعدم الالتزام بتعهداتها الإفراج عن دفعة من السجناء الفلسطينيين في الموعد المقرر؛ بحجة الحصول على التزام فلسطيني بمواصلة المفاوضات إلى ما بعد موعدها النهائي. وغير ذلك من ممارسات وتصرفات لا يُفهم منها سوى عدم الجدية الإسرائيلية في المسعى التفاوضي، وعدم التزامها المسار السلمي، بل تهدف إلى صرف أنظار الأسرة الدولية عن انتهاكاتها وممارساتها القمعية بحق الفلسطينيين، وعن مشاريعها الاستيطانية وخططها لخلق واقع جديد في القدس الشريف؛ في إطار مخطط شامل لتهويد المدينة المقدسة، وتفريغها من سكانها الفلسطينيين.
ويبقى القول بأن التسريبات الإسرائيلية بشأن المحادثات السرية مع الفلسطينيين لا تعدو سوى كونها خديعة، وحملة علاقات عامة لتحسين صورة المحتل، وإظهاره بمظهر الحريص على السلام. ولكن هيهات...!! فقد انكشف للعالم أجمع حقيقة هذا الكيان الذي يرفض أي مسعى سلمي، ويئد أية محاولة للتفاوض ترمي إلى الوصول لحلول عادلة للقضية الفلسطينية.