أسدلت المحكمة العليا الستار على قضية "قطع الغيار المغشوشة والمقلدة" التي شغلت الرأي العام المحلّي في الآونة الأخيرة، مؤكدة أن الحق يعلو ولا يعلى عليه، وأنه لا كبير على القانون، وأنه مهما بلغ حجم ومكانة صاحب الخطأ إلا أن مكانة الحق ومنزلة العدالة أكبر من أي شيء، فقد أصدرت المحكمة العليا حكمها المؤيد لحكم محكمة الاستئناف ضد إحدى كبريات الشركات العاملة في مجال المركبات بالسلطنة... وذلك بإدانة جميع المتهمين بجنحة غشّ العاقد في طبيعة البضاعة، وقضت بمعاقبتهم بالسجن سنة، وتغريم كل واحد منهم 200 ريال عماني، وإدانة جميع المتهمين بجنحة التعدي على حق المستهلك في الحصول على المعلومات الصحيحة عن السلعة، وقضت بتغريم كل واحد منهم (5000) الاف ريال عماني، وإدانة جميع المتهمين بجنحة محاولة خداع المستهلك في حقيقة السلعة وقضت بتغريم كل واحد منهم (2300) ريال عماني مع الأمر بجمع العقوبات بحقهم وابعادهم عن البلاد وبشكل مؤبّد بعد انتهاء فترة عقوبتهم، ومصادرة المضبوطات تمهيداً لإتلافها وبيع مخلّفاتها لصالح خزانة الدولة بفعل إدانتهم بارتكاب جريمة الغش والتعدي على حقوق المستهلكين وتعريض صحتهم وسلامتهم للخطر ومحاولة خداعهم للمستهلك في طبيعة وحقيقة ومصدر قطع الغيار .
فبعد إحالة الملف إلى الإدّعاء العام وفق الاجراءات القانونية المعتمدة والذي اتخذ بدوره كافة الترتيبات والاجراءات القانونية والفنيّة بإعتباره المدافع عن حق المجتمع في مواجهة مختلف أنواع الجرائم، تم احالة الملف الى المحكمة الابتدائية والتي حكمت بعد الاستماع الى آراء الخبراء الفنيين والمختصين والشهود والعاملين في الشركة، بأحكام تضمنت السجن والغرامة والإبعاد النهائي والمؤبد لهذه العمالة الوافدة من البلاد، بالاضافة إلى مصادرة وإتلاف القطع المضبوطة والتي بلغت في مجموعها أكثر من (36) ألف قطعة .
لم ترض الشركة عن الحكم فاستأنفه فريقها القانوني مقدّماً حججه ودفاعاته إلى محكمة الاستئناف والتي أدانت الشركة للمرة الثانية وأيّدت أحكام السجن والغرامة والابعاد بحق القيادات التنفيذية في الشركة، وعدّلت الحكم الابتدائي فيما يتعلق بإتلاف القطع وبيعها، إلى مصادرة القطع وبيعها على حالتها الفنيّة، وتسجيل ايراداتها لحساب الخزينة العامة للدولة، وألزمت المستأنف بالمصاريف الجزائية.
وحيث أن حكم الاستئناف لم يلق قبولا لدى المستأنف طعن فيه أمام المحكمة العليا التي ارتأت تأييد حكمي الابتدائية والاستئناف, وحكمت بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وبذلك يكون المتهمون قد أدينوا نهائيا في هذه القضية وليس لهم أي طريق آخر سوى تنفيذ حكم عدالة المحكمة التي أخذت مسارات واجراءات التقاضي بجميع درجاته.
المستهلك تابع تداعيات القضيّة التي تعدّ من أكبر القضايا التي لفتت اهتمام الشارع المحلّي بحكم سمعة الشركة، وتأثيرها في السوق المحلّي، وكمّيّة المضبوطات، والأهم من ذلك ملامستها لسلامة المستهلك وحياته، وتنقّل معها في رحلتها بين درجات التقاضي المختلفة، واستمع إلى رأي الخبراء والفنيّين والمختصين، بالإضافة إلى الشهود الذين اكدوا جميعاً ثبوت جنحة الغش على جميع المتهمين بوجود قطع غيار مقلّدة تباع على أنها أصلية بهدف رغبة الشّركة في تحقيق أرباح سريعة بطريقة غير مشروعة دون النظر إلى ما يسببه ذلك من ضرر على المستهلك.
عدد من المسؤولين والمعنيّين والباحثين والمواطنين أكدوا أنّ قضيّة قطاع الغيار شغلت الكثير من أوساط المجتمع وكانت لديهم القناعة التامّة بنزاهة القضاء، وأنّ القانون يطبّق على كل من تسوّل له نفسه الغشّ وخداع المستهلك، وهذا ما تمّ بالفعل، حيث أثبتت الأحكام المؤيدة من المحكمة العليا والصادره من المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف بأن المتهمين قد خالفوا الانظمة والقوانين، وكان هدفهم تحقيق أرباح سريعة على حساب سلامة المستهلك وحياته، وكانوا يعتقدون بأن نفوذهم وعلاقاتهم الاجتماعية ستشفع لهم عند إصدار الأحكام، ولكن نزاهة القضاء كانت الحكم الفيصل في إظهار الحق بمجازاة جميع المتّهمين بعد أن ثبتت جريمتهم التي كانوا قد أثروا منها لسنوات طويلة على حساب المستهلك البسيط.
في البداية قال سعادة سلطان بن ماجد العبري، عضو مجلس الشورى ممثل ولاية عبري " الأحكام التي صدرت جاءت لتؤكد على نزاهة القضاء العماني، وهي دليل على تمكّن الادعاء الاعام من استطلاع الحقيقة، ولا ننكر بأن الشركة الأم أيضاً بدورها التزمت بنوع من النزاهة في التعامل مع القضية عندما أبدت مصداقية وشفافية واضحتين في التعامل مع القضية، الأمر الذي لم يكن ليصل إلى هذه النتيجة لولا تعاون الشركة الأم، ولولا الجهد الكبير الذي بذله الإدعاء العام وبحثه عن الحقائق والأدلّة"، مشيرا إلى ان الأحكام الحالية حقيقتها لا تصل لطموح المستهلك ولا تردع الممارسات التي نراها في السوق، ولابد من وجود قانون أقوى، وأكثر صرامة، وأكثر تكاملاً وهذا ما نأمله بعد تطبيق قانون حماية المستهلك الجديد.
وأشاد سعادته بالدور الكبير الذي تلعبه الهيئة من أجل الحفاظ على كافة حقوق المستهلك، فلولا جهود موظفي الهيئة المخلصين، والغيورين على وطنهم وعلى رأسهم سعادة الدكتور رئيس الهيئة، هذا الرجل الذي أصبح اسمه مصدر اطمئنان للشارع العماني لصلابته في التمسّك بتحقيق الأهداف التي من أجلها أنشئت الهيئة، وعدم تساهله مع الممارسات السلبيّة التي يقوم بها البعض، وحرصه على استرجاع حقوق المستهلكين والدّفاع عنها، وما تحققه الهيئة من انجازات متوالية كل يوم يبرهن ذلك.
ويقول الدكتور اسماعيل بن صالح الاغبري المحاضر بكلية العلوم الشرعية: تعدّ السلطنة من الدول التي يشار اليها بالبنان في نزاهة القضاء، وان القانون يطبّق على الجميع. وما قضية قطع الغيار التي تداولت كثيراً عبر المحاكم من الابتدائية، فالاستئناف، وبعدها الفصل عن طريق المحكمة العلياء إلا دليل واضح على تلك النزاهة التي يتمتمع بها القضاء العماني كون أنّ اصحاب القضية ذوو نفوذ وسلطة، موضحاً بأن القضاء حكم بما أثبت من أدلّة تجرم المتهمين في تلك القضية لتكون رادعاً لمن تسوّل له نفسه المساس بأمن وصحة وسلامة المواطن والمقيم.
وأضاف الأغبري بأن قانون حماية المستهلك السابق كان لا يتوافق وتحدّيات المرحلة الحالية من التطورات المتسارعة في عالم الاقتصاد والتكنولوجيا وما يرتبط بهما من أحداث وتداعيات، ولذلك كان من الضروري القيام بتعديل تلك القوانين ولله الحمد بعد ان صدرت مؤخرا ستكون اكثر رادعا بعد تطبيقها على الواقع مؤكدا بأن المتهمين في قضية قطع الغيار تلاعبوا بحياة الناس وتاجروا بها من أجل حفنة من المال لتحقيق مكاسب سريعة بعد ان قاموا ببيع قطع غيار غير اصلية يدعون بأنها اصلية وهذا هو الغش الحقيقي معرضين الكثير من المستهلكين الى الخطر في تلك الطرقات التي يقطعوا فيها مسافات كبيرة معاتبا اصحاب المؤسسات القائمين على مسؤلية تلك الشركات واعطاء الوافد الصلاحية الكاملة في التصرف بالمؤسسة مقابل فتات من الريالات في نهاية كل شهر بعيدا عن رقابة مؤسساتهم.
وأكّد الأغبري على ضرورة إعطاء الصلاحيّات الكاملة للهيئة العامة لحماية المستهلك، وتوفير أوجه الدعم المادي والمعنوي، ورفدها بالكوادر البشريّة المؤهّلة، كي تتمكّن من تحقيق الأهداف التي أنشأت من أجلها، كونها أثبتت دورها الحيوي، وريادتها، وقدرتها على حماية المستهلك من كثير من الممارسات السلبيّة التي تهدف إلى الإضرار بصحّة المستهلك وسلامته، واقتصاده كذلك.
وقال الدكتور زكريا بن خليفة المحرمي الطبيب والكاتب المعروف: يعد صدور حكم المحكمة العليا بإدانة المتهمين في قضية قطع الغيار دليل واضح وجليّ على الجهود التي تبذلها الهيئة العامة لحماية المستهلك في مجال مكافحة الغش والتحايل في المجالات الصّحّيّة والاقتصاديّة المختلفة، وهذا يعد أحد الجهود التي تبذلها الحكومة في مكافحة الفساد على جميع المستويات، ويؤكّد كذلك على نزاهة القضاء في السلطنة واستقلاليته.
وأضاف المحرّمي: القضايا والضبطيّات التي تمسّ حياة المستهلك، والتي نجحت الهيئة في الكشف عنها أوجدت حالة من التّنافسيّة لدى عدد من المؤسّسات الحكوميّة الأخرى، وأثار كثيراً من الأسئلة المتعلّقة بجودة الأداء، وجعل المواطن الرّكيزة الأساسيّة وبؤرة الاهتمام في الخدمات المقدّمة، مؤكداً بأن الاحكام التي صدرت في القضية جاءت حسب القانون القديم لحماية المستهلك، إلا ان التزام القضاء بالاثباتات المقدّمة قد حققت الهدف من خلال تطبيق العقوبة حسب القانون لجميع المتهمين، مما أوجد شعورا بأن السلطنة دولة مؤسسات وقانون وتسعى لتطبيق القوانين للجميع، دون تفرقة أو تمييز.
وأكّد المحرّمي على أن الحرص على تطبيق القوانين يعد أحد الركائز الاساسية التي تساهم في جذب مجالات الاستثمار الخارجية، وإنّنا على يقين وتفاؤل بتحقيق نجاحات كبيرة في مجال محاربة الغش ومنع الاحتكار، بعد تعديل قانون حماية المستهلك، وظهور قانون "حماية المنافسة ومنع الاحتكار"، ومع الدعم الذي نأمل أن يقدّم للهيئة مستقبلاً على مستوى الامكانات المادّيّة والبشريّة فإنّنا نتوقّع اختفاء كثير من الممارسات الاقتصاديّة السلبيّة مستقبلاً، خصوصاً مع ارتفاع مستوى الوعي الاستهلاكي في المجتمع، وتفاعله مع القضايا ذات الصلة بحماية المستهلك.
وقال الإعلامي خالد الزدجالي أن الأحكام الصادرة جاءت لتثبت نزاهة القانون، وتؤكد بأنّه لا أحد فوق القانون، حيث أنّ القانون يجرّم الفاعل بجرمة الفعل الذي ارتكبه، بالإضافة إلى أن هذه الأحكام جاءت لتشكل رادعاً لكل من تسول له نفسه بالتلاعب بمقدرات السوق، وحياة المواطنين وسلامتهم، وبناء عليه جاءت هذه العقوبات لتشكّل دعماً وحماية للمستهلك، مع الاشارة إلى أهمّيّة التعديلات المهمّة التي تضمّنها قانون حماية المستهلك الجديد، والتي ستؤثّر ايجاباً على الوضع الاقتصادي والاستهلاكي في السلطنة، لأن الحاجة اقتضت تغييراً يوزاي ما يمارس من ممارسات اقتصاديّة سلبيّة من قبل البعض، وما يواجهه السوق من تحدّيات في مختلف المجالات، مع تفاؤلنا الكبير بما سيقدمه القانون الجديد من صلاحيات أكثر وعقوبات أكثر ردعاً.
وأضاف الزدجالي: أتمنى أن لا تقتصر العقوبات على الردع فقط، وأن تتجاوزها إلى التشهير بأسماء المخالفين لأحكام القانون بالنشر في الصحف ووسائل الإعلام المحلّيّة، لأن المستهلك من حقّه أن يعرف مع من يتعامل، وهذا بلا شك سيجعله أكثر حذراً في التعامل مع كافة أطياف التجار والمزودين والمعلنين، كما ان التاجر سيكون أكثر حرصاً في ممارساته الاقتصاديّة المستقبليّة.
وبذلك تم غلق ملف قضية قطع الغيار المغشوشة، بمحاسبة كل من سوّلت له نفسه الإضرار بسلامة المستهلك وصحته، في حين يرى الكثيرين أن ظهور قانوني حماية المستهلك المعدّل، و"حماية المنافسة ومنع الاحتكار" هي بداية جديدة ومشرقة تقوم على وضع حد لمثل هذه التجاوزات، من خلال الاشتغال على أسس جديدة تمهّد لممارسات اقتصاديّة عادلة، وتحد من الممارسات السلبيّة التي كانت تتم استغلالاً لضعف العقوبات السابقة، ومنع عمليات الاحتكار من قبل الشركات الكبرى.
يذكر أن أحداث القضية جاءت بعد حملة تفتيشية قام بها موظفو الهيئة العامة لحماية المستهلك في يونيو 2013 لعدد من مخازن ومستودعات الشركة، نتج عنها ضبط كمّيّات كبيرة من قطع الغيار المقلّدة بلغ عددها حوالي (36818) قطعة من مكوّنات المركبات الخاصة بالشركة المعنية متشابهة إلى حد التطابق مع القطع الأصلية، يتم شراؤها بأسعار زهيدة من مصادر مختلفة، ثم توضع عليها لواصق تحمل علامات الوكالة التجارية الأصلية وبيعها للمستهلك على أنها أصلية، مع العلم بأن تلك الأحكام صدرت في ظل قانون حماية المستهلك السابق، والذي جاء القانون الجديد الصادر بالمرسوم السلطاني السامي رقم ( 66/2014م) ليعالج أوجه القصور فيه ليبدأ تطبيقه 7 مارس القادم 2015م، حيث يتضمن في مادّته رقم (42) على ما نصه: ( يعاقب بذات العقوبات الواردة في هذا القانون رئيس وأعضاء مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي والمديرون المفوضون والمسؤولون للشخص الاعتباري المخالف إذا ثبت علمهم بالمخالفة ، وكان إخلالهم بالواجبات التي تفرض عليهم قد أسهم في وقوع الجريمة )
فبعد إحالة الملف إلى الإدّعاء العام وفق الاجراءات القانونية المعتمدة والذي اتخذ بدوره كافة الترتيبات والاجراءات القانونية والفنيّة بإعتباره المدافع عن حق المجتمع في مواجهة مختلف أنواع الجرائم، تم احالة الملف الى المحكمة الابتدائية والتي حكمت بعد الاستماع الى آراء الخبراء الفنيين والمختصين والشهود والعاملين في الشركة، بأحكام تضمنت السجن والغرامة والإبعاد النهائي والمؤبد لهذه العمالة الوافدة من البلاد، بالاضافة إلى مصادرة وإتلاف القطع المضبوطة والتي بلغت في مجموعها أكثر من (36) ألف قطعة .
لم ترض الشركة عن الحكم فاستأنفه فريقها القانوني مقدّماً حججه ودفاعاته إلى محكمة الاستئناف والتي أدانت الشركة للمرة الثانية وأيّدت أحكام السجن والغرامة والابعاد بحق القيادات التنفيذية في الشركة، وعدّلت الحكم الابتدائي فيما يتعلق بإتلاف القطع وبيعها، إلى مصادرة القطع وبيعها على حالتها الفنيّة، وتسجيل ايراداتها لحساب الخزينة العامة للدولة، وألزمت المستأنف بالمصاريف الجزائية.
وحيث أن حكم الاستئناف لم يلق قبولا لدى المستأنف طعن فيه أمام المحكمة العليا التي ارتأت تأييد حكمي الابتدائية والاستئناف, وحكمت بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وبذلك يكون المتهمون قد أدينوا نهائيا في هذه القضية وليس لهم أي طريق آخر سوى تنفيذ حكم عدالة المحكمة التي أخذت مسارات واجراءات التقاضي بجميع درجاته.
المستهلك تابع تداعيات القضيّة التي تعدّ من أكبر القضايا التي لفتت اهتمام الشارع المحلّي بحكم سمعة الشركة، وتأثيرها في السوق المحلّي، وكمّيّة المضبوطات، والأهم من ذلك ملامستها لسلامة المستهلك وحياته، وتنقّل معها في رحلتها بين درجات التقاضي المختلفة، واستمع إلى رأي الخبراء والفنيّين والمختصين، بالإضافة إلى الشهود الذين اكدوا جميعاً ثبوت جنحة الغش على جميع المتهمين بوجود قطع غيار مقلّدة تباع على أنها أصلية بهدف رغبة الشّركة في تحقيق أرباح سريعة بطريقة غير مشروعة دون النظر إلى ما يسببه ذلك من ضرر على المستهلك.
عدد من المسؤولين والمعنيّين والباحثين والمواطنين أكدوا أنّ قضيّة قطاع الغيار شغلت الكثير من أوساط المجتمع وكانت لديهم القناعة التامّة بنزاهة القضاء، وأنّ القانون يطبّق على كل من تسوّل له نفسه الغشّ وخداع المستهلك، وهذا ما تمّ بالفعل، حيث أثبتت الأحكام المؤيدة من المحكمة العليا والصادره من المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف بأن المتهمين قد خالفوا الانظمة والقوانين، وكان هدفهم تحقيق أرباح سريعة على حساب سلامة المستهلك وحياته، وكانوا يعتقدون بأن نفوذهم وعلاقاتهم الاجتماعية ستشفع لهم عند إصدار الأحكام، ولكن نزاهة القضاء كانت الحكم الفيصل في إظهار الحق بمجازاة جميع المتّهمين بعد أن ثبتت جريمتهم التي كانوا قد أثروا منها لسنوات طويلة على حساب المستهلك البسيط.
في البداية قال سعادة سلطان بن ماجد العبري، عضو مجلس الشورى ممثل ولاية عبري " الأحكام التي صدرت جاءت لتؤكد على نزاهة القضاء العماني، وهي دليل على تمكّن الادعاء الاعام من استطلاع الحقيقة، ولا ننكر بأن الشركة الأم أيضاً بدورها التزمت بنوع من النزاهة في التعامل مع القضية عندما أبدت مصداقية وشفافية واضحتين في التعامل مع القضية، الأمر الذي لم يكن ليصل إلى هذه النتيجة لولا تعاون الشركة الأم، ولولا الجهد الكبير الذي بذله الإدعاء العام وبحثه عن الحقائق والأدلّة"، مشيرا إلى ان الأحكام الحالية حقيقتها لا تصل لطموح المستهلك ولا تردع الممارسات التي نراها في السوق، ولابد من وجود قانون أقوى، وأكثر صرامة، وأكثر تكاملاً وهذا ما نأمله بعد تطبيق قانون حماية المستهلك الجديد.
وأشاد سعادته بالدور الكبير الذي تلعبه الهيئة من أجل الحفاظ على كافة حقوق المستهلك، فلولا جهود موظفي الهيئة المخلصين، والغيورين على وطنهم وعلى رأسهم سعادة الدكتور رئيس الهيئة، هذا الرجل الذي أصبح اسمه مصدر اطمئنان للشارع العماني لصلابته في التمسّك بتحقيق الأهداف التي من أجلها أنشئت الهيئة، وعدم تساهله مع الممارسات السلبيّة التي يقوم بها البعض، وحرصه على استرجاع حقوق المستهلكين والدّفاع عنها، وما تحققه الهيئة من انجازات متوالية كل يوم يبرهن ذلك.
ويقول الدكتور اسماعيل بن صالح الاغبري المحاضر بكلية العلوم الشرعية: تعدّ السلطنة من الدول التي يشار اليها بالبنان في نزاهة القضاء، وان القانون يطبّق على الجميع. وما قضية قطع الغيار التي تداولت كثيراً عبر المحاكم من الابتدائية، فالاستئناف، وبعدها الفصل عن طريق المحكمة العلياء إلا دليل واضح على تلك النزاهة التي يتمتمع بها القضاء العماني كون أنّ اصحاب القضية ذوو نفوذ وسلطة، موضحاً بأن القضاء حكم بما أثبت من أدلّة تجرم المتهمين في تلك القضية لتكون رادعاً لمن تسوّل له نفسه المساس بأمن وصحة وسلامة المواطن والمقيم.
وأضاف الأغبري بأن قانون حماية المستهلك السابق كان لا يتوافق وتحدّيات المرحلة الحالية من التطورات المتسارعة في عالم الاقتصاد والتكنولوجيا وما يرتبط بهما من أحداث وتداعيات، ولذلك كان من الضروري القيام بتعديل تلك القوانين ولله الحمد بعد ان صدرت مؤخرا ستكون اكثر رادعا بعد تطبيقها على الواقع مؤكدا بأن المتهمين في قضية قطع الغيار تلاعبوا بحياة الناس وتاجروا بها من أجل حفنة من المال لتحقيق مكاسب سريعة بعد ان قاموا ببيع قطع غيار غير اصلية يدعون بأنها اصلية وهذا هو الغش الحقيقي معرضين الكثير من المستهلكين الى الخطر في تلك الطرقات التي يقطعوا فيها مسافات كبيرة معاتبا اصحاب المؤسسات القائمين على مسؤلية تلك الشركات واعطاء الوافد الصلاحية الكاملة في التصرف بالمؤسسة مقابل فتات من الريالات في نهاية كل شهر بعيدا عن رقابة مؤسساتهم.
وأكّد الأغبري على ضرورة إعطاء الصلاحيّات الكاملة للهيئة العامة لحماية المستهلك، وتوفير أوجه الدعم المادي والمعنوي، ورفدها بالكوادر البشريّة المؤهّلة، كي تتمكّن من تحقيق الأهداف التي أنشأت من أجلها، كونها أثبتت دورها الحيوي، وريادتها، وقدرتها على حماية المستهلك من كثير من الممارسات السلبيّة التي تهدف إلى الإضرار بصحّة المستهلك وسلامته، واقتصاده كذلك.
وقال الدكتور زكريا بن خليفة المحرمي الطبيب والكاتب المعروف: يعد صدور حكم المحكمة العليا بإدانة المتهمين في قضية قطع الغيار دليل واضح وجليّ على الجهود التي تبذلها الهيئة العامة لحماية المستهلك في مجال مكافحة الغش والتحايل في المجالات الصّحّيّة والاقتصاديّة المختلفة، وهذا يعد أحد الجهود التي تبذلها الحكومة في مكافحة الفساد على جميع المستويات، ويؤكّد كذلك على نزاهة القضاء في السلطنة واستقلاليته.
وأضاف المحرّمي: القضايا والضبطيّات التي تمسّ حياة المستهلك، والتي نجحت الهيئة في الكشف عنها أوجدت حالة من التّنافسيّة لدى عدد من المؤسّسات الحكوميّة الأخرى، وأثار كثيراً من الأسئلة المتعلّقة بجودة الأداء، وجعل المواطن الرّكيزة الأساسيّة وبؤرة الاهتمام في الخدمات المقدّمة، مؤكداً بأن الاحكام التي صدرت في القضية جاءت حسب القانون القديم لحماية المستهلك، إلا ان التزام القضاء بالاثباتات المقدّمة قد حققت الهدف من خلال تطبيق العقوبة حسب القانون لجميع المتهمين، مما أوجد شعورا بأن السلطنة دولة مؤسسات وقانون وتسعى لتطبيق القوانين للجميع، دون تفرقة أو تمييز.
وأكّد المحرّمي على أن الحرص على تطبيق القوانين يعد أحد الركائز الاساسية التي تساهم في جذب مجالات الاستثمار الخارجية، وإنّنا على يقين وتفاؤل بتحقيق نجاحات كبيرة في مجال محاربة الغش ومنع الاحتكار، بعد تعديل قانون حماية المستهلك، وظهور قانون "حماية المنافسة ومنع الاحتكار"، ومع الدعم الذي نأمل أن يقدّم للهيئة مستقبلاً على مستوى الامكانات المادّيّة والبشريّة فإنّنا نتوقّع اختفاء كثير من الممارسات الاقتصاديّة السلبيّة مستقبلاً، خصوصاً مع ارتفاع مستوى الوعي الاستهلاكي في المجتمع، وتفاعله مع القضايا ذات الصلة بحماية المستهلك.
وقال الإعلامي خالد الزدجالي أن الأحكام الصادرة جاءت لتثبت نزاهة القانون، وتؤكد بأنّه لا أحد فوق القانون، حيث أنّ القانون يجرّم الفاعل بجرمة الفعل الذي ارتكبه، بالإضافة إلى أن هذه الأحكام جاءت لتشكل رادعاً لكل من تسول له نفسه بالتلاعب بمقدرات السوق، وحياة المواطنين وسلامتهم، وبناء عليه جاءت هذه العقوبات لتشكّل دعماً وحماية للمستهلك، مع الاشارة إلى أهمّيّة التعديلات المهمّة التي تضمّنها قانون حماية المستهلك الجديد، والتي ستؤثّر ايجاباً على الوضع الاقتصادي والاستهلاكي في السلطنة، لأن الحاجة اقتضت تغييراً يوزاي ما يمارس من ممارسات اقتصاديّة سلبيّة من قبل البعض، وما يواجهه السوق من تحدّيات في مختلف المجالات، مع تفاؤلنا الكبير بما سيقدمه القانون الجديد من صلاحيات أكثر وعقوبات أكثر ردعاً.
وأضاف الزدجالي: أتمنى أن لا تقتصر العقوبات على الردع فقط، وأن تتجاوزها إلى التشهير بأسماء المخالفين لأحكام القانون بالنشر في الصحف ووسائل الإعلام المحلّيّة، لأن المستهلك من حقّه أن يعرف مع من يتعامل، وهذا بلا شك سيجعله أكثر حذراً في التعامل مع كافة أطياف التجار والمزودين والمعلنين، كما ان التاجر سيكون أكثر حرصاً في ممارساته الاقتصاديّة المستقبليّة.
وبذلك تم غلق ملف قضية قطع الغيار المغشوشة، بمحاسبة كل من سوّلت له نفسه الإضرار بسلامة المستهلك وصحته، في حين يرى الكثيرين أن ظهور قانوني حماية المستهلك المعدّل، و"حماية المنافسة ومنع الاحتكار" هي بداية جديدة ومشرقة تقوم على وضع حد لمثل هذه التجاوزات، من خلال الاشتغال على أسس جديدة تمهّد لممارسات اقتصاديّة عادلة، وتحد من الممارسات السلبيّة التي كانت تتم استغلالاً لضعف العقوبات السابقة، ومنع عمليات الاحتكار من قبل الشركات الكبرى.
يذكر أن أحداث القضية جاءت بعد حملة تفتيشية قام بها موظفو الهيئة العامة لحماية المستهلك في يونيو 2013 لعدد من مخازن ومستودعات الشركة، نتج عنها ضبط كمّيّات كبيرة من قطع الغيار المقلّدة بلغ عددها حوالي (36818) قطعة من مكوّنات المركبات الخاصة بالشركة المعنية متشابهة إلى حد التطابق مع القطع الأصلية، يتم شراؤها بأسعار زهيدة من مصادر مختلفة، ثم توضع عليها لواصق تحمل علامات الوكالة التجارية الأصلية وبيعها للمستهلك على أنها أصلية، مع العلم بأن تلك الأحكام صدرت في ظل قانون حماية المستهلك السابق، والذي جاء القانون الجديد الصادر بالمرسوم السلطاني السامي رقم ( 66/2014م) ليعالج أوجه القصور فيه ليبدأ تطبيقه 7 مارس القادم 2015م، حيث يتضمن في مادّته رقم (42) على ما نصه: ( يعاقب بذات العقوبات الواردة في هذا القانون رئيس وأعضاء مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي والمديرون المفوضون والمسؤولون للشخص الاعتباري المخالف إذا ثبت علمهم بالمخالفة ، وكان إخلالهم بالواجبات التي تفرض عليهم قد أسهم في وقوع الجريمة )