بقلم : خليفة البلوشي
كان داود شاب في مقتبل العمر ، وكان يتمتع بقدر كبير من الاحترام وحب الخير للجميع ، وكان يقضي ساعات طويلة في العمل الحر ، وذات يوم تعرف علي فتاة تدعي ” مريم ” ، مرت الايام سريعاً وأصبحت ” مريم ” شخصاً أساساً في يوم دَاوُد وحياته بالكامل( كما قال من يعرف قصته ) ، أحبها لأجل الزواج ، لأجل أن يكونا تحت سقف واحد ، ولكونها لم تدخل في مرحلة النضج وسن الزواج بعد ، لذلك كان دَاوُد ينتظر ذلك اليوم ليتقدم بخطبتها من أهلها ، ولكن أتت الأقدار لتصاب ” مريم ” بمرض عضال ، ولقلة وندرة الإمكانيات الطبية في ذلك الوقت توفت ” مريم ” ، بكى دَاوُد حزناً على رحيلها وفراقها الأبدي وشارك في مسير الجنازة وفترة الدفن بخطوات متثاقلة وقلب تقتله لوعة الرحيل ٠٠ كان يبكي ويذرف الدموع بطريقة هستيرية ، وبعد الدفن حمل دَاوُد على كتفه تلك الأداة ( الشيول ) الذي ساعد في نثر التراب على جسد ” مريم ” ، ووعد في خفايا نفسة أن لا يتركه حتى أخر يوم من أيام حياته ٠
كان العشق طاهراً ، وكان الجرح عميقاً ، وكان الفراق مؤلماً ، وأصبح دَاوُد يتيماً ٠٠ فقد دَاوُد جزءاً من توازنه الحسي وذهنه العقلي ليبقى متنقلاً بين أسواق مطرح وأحياء مسقط وشوارع الخوض ملوحاً وحاملاً ذلك الشيول على كتفه وكأنه يقول للجميع هنا ترقد روح ” مريم “، أرتبط ( الشيول ) بحيات دَاوُد حتى أصبح لقبه الذي يعرف من خلاله ٠
مرت السنين وداود على ذلك الحال حتى وصل الأجل المحتوم ونهاية القصة المؤلمة بسبب حادث دهس ليعلو صوت الحب فوق هامات القدر ( المر ) وتنتهي قصة دَاوُد الحزينة لينطق لسان من عرف قصة عشقه ” لمريم ” بالدعاء لهما بالمغفرة والرحمة ، وأن يجمع بينهما في جنة الخلد ٠
خلاصة القصة : حب تجسد فيه الأخلاص والوفاء للحبيب ، ولا توجد حياة بدون حب ، ولا يوجد حب بدون تنازلات وتضحية ، ولا توجد تضحية بدون وجع وألم ، التضحية من أجل الحبيب شيء غالٍ ونفيس ، وإذا كان لابد من الحب ، فلا بد من التضحية ، ولا بد من المعاناة والألم ، فلنجعل من أنفسنا علامة مضيئة لأحبابنا ولو على حساب أنفسنا ، وداود كان نموذجاً رائعاً في التضحية لمعشوقته التي خطفها الموت في يوم أسود بالنسبة له ، وعلامة نادرة وفارقة في مصداقية الحب الطاهر ( الله يرحمه بواسع رحمته )٠