بقلم : الدكتورة هدى بنت خلفان السيابية
مديرة دائرة المبادرات المجتمعية الصحية بوزارة الصحة
تأتي المبادرات المجتمعية الصحية كاستجابة أخلاقية تنبع من منطلق احساس الفرد بالمسؤولية وتطويع طاقته وأفكاره فيتحول من طرف متلقي إلى آخر مشارك في ايصال الرسالة الانسانية على أكمل صورة ووجه، وكون أن هذه المبادرات تجسيدا للشراكة المجتمعية بين القطاعات الصحية والأفراد وتعدمن العناصر الأساسية لمنظومة الرعاية الصحية الأولية فقد شرعت دائرة المبادرات الصحية المجتمعية برسم استراتيجية لتفعيل دور المجتمع بالمساهمة في الحد من مواجهة فيروس كورونا كوفيد ١٩ . بوصول المرض الى السلطنة بدأت الدائرة العمل من خلال التواجد في الفريق الفني المشكل في الوزارة لمواجهة المخاطر الناجمة عن انتشار الوباء. فقد وضعت الدائرة الاستراتجية المعدة مسبقا قيد التنفيذ استعدادا للقادم، وكخطوة استباقية قبل تزايد الاصابة بالفيروس عملت على التجهيز والتحضير للمرحلة المقبلة وتعزيزا لهذه المبادرات
وحول هذه المبادرات تقول الدكتورة هدى بنت خلفان السيابية مديرة دائرة المبادرات المجتمعية الصحية بوزارة الصحة لقد خطت البرامج القائمة على مشاركة المجتمع خلال ربع القرن الأخير في معظم دول العالم خطى واسعة حققت من خلالها نتائج مبهرة مبرهنة في ذلك على أهمية هذا النهج الذي روجت له منظمة الصحة العالمية في ثمانينات القرن الماضي وكانت السلطنة من أوائل الدول التي تبنته وعملت على تنفيذه في مختلف ربوعها.
لقد عبرت المبادرات منذ تسعينيات القرن الماضي بمنهج عملها وما حققته من نتائج مدى صوابية الأسس التي قامت عليها ومدى أهمية إشراك المجتمع في التخطيط والتنفيذ لتعزيز الصحة وتحسين نوعية حياة السكان.
تنوعت أشكال ومسميات المبادرات المجتمعية المعززة للصحة كالمدن والقرى الصحية وتمكين المرأة وتلبية الاحتياجات التنموية الأساسية ومشاريع أنماط الحياة الصحية،وتنفذ هذه المبادرات من خلال تدخلات في المواقع المستهدفة وفق أهداف تأتي في مجملها ضمن منظومة فكرية قائمة على ترسيخ الاعتماد على الذات والمشاركة النشطة من قبل أفراد المجتمع وعملية منسقة بين مختلف القطاعات وذلك بما يساعد الناس ويمكنهم من مساعدة أنفسهم من جهة ومساهمتهم بدراسة واقعهم الراهن والتخطيط والتمويل الجزئي لتنفيذ احتياجاتهم الصحية والتنموية من جهة أخرى.
ولقد تعمقت فكرة الشراكة المجتمعية والتعاون القطاعي بعد تشكيل اللجان الصحية عام 1999 في مختلف الولايات وقدبرهنت هذه اللجان فاعليتها في التصدي لمختلف التحديات الصحية من خلال تشخيص المشكلات المجتمعسة ووضع الحلول المناسبة لها والاستغلال الامثل للموارد والقدرات الكامنة لدى أفراد المجتمع لحل تلك المشكلات.
فقد سعت دائرة المبادرات الصحية المجتمعية بوزارة الصحة للإستفادة من اللجان الصحية لرفع مستوى الوعي لدى المجتمع من خلال تفعيلها وتمكين أعضائها من أداء دورهم في الحد من مخاطر الوباء بإطلاعهم على الوضع الوبائي بولاياتهم والوقوف على العقبات والتحديات التي قد تعرقلهم فقد دأبت الدائرة على متابعة الأعمال الموكلة بكل لجنة والاشراف عليها ورفدهم بالموادالتوعوية اللازمة والنشرات التثقيفية حول الجائحة لبثها والمساعدة على نشرها مجتمعيا.
تلك اللجان الصحية تعتبر من أبرز التنظيمات الإدارية الموجودة في السلطنة تضم بنيتها خليطا مجتمعيا من ممثلي القطاع الحكومي ومؤسسات المجتمع المدني إضافة إلى أفراد المجتمعالمحلي لتؤدي دورا محوريا في نشر الوعي وتمرير أجندات الوقاية من المجتمع وللمجتمع نفسه بحيث تتبادل الأدوار ويكون في هذه الخلية أبناء الوطن هم النسيج الأهم ويتولون دور المسؤولية ويقع على عاتقهم العمل الأكبر في حين يكون ممثلي القطاع الحكومي جهة تنظيمية إدارية ، إلتزاما بواجب جميع الأطراف للعمل على الحد من أضرار جائحة كوفيد ١٩ وانجلائها بأقل خسائر ممكنة.
وعقدت اللجان الصحية البالغ عددها واحد وستين لجنة خمس وأربعون اجتماعا استثنائيا ناقشت فيه الاجراءات المتبعة للحد من مخاطر فيروس كورونا. وقد عمل رؤساء أقسام المبادرات المجتمعية الصحية ومقرري اللجان الصحية في جميع محافظات السلطنة على تحديد المهام وتعزيز عمل اللجان وتنفيذ الخطةبكافة تفاصيلها وأنشطتها كما دآبوا بجهد مضاعف على تنظيم الدور المجتمعي وتعزيزه لتقوم كل لجنة بالدور المسند اليهاللمساهمة في الحد من انتشار الجائحة.
وإيمانا من الدائرة بالدور الكبير والفاعل لمؤسسات المجتمع المدني في تنفيذ الأنشطة التوعوية للمساهمة في مجمل الجهود الرامية لإحتواء الأزمة فقدعملت على اشراك تلك المؤسساتواستقطابهم ونزويدهم بالمواد التوعوية ليكونوا داعمين ومبادرين في التوجه المباشر لأفراد المجتمع برسائل التحذير وارشادات الوقاية. كما أن مواقع التواصل الاجتماعي التابعة للقطاع الأهلي تعتبر عنصرا تكامليا مهما في نشر المواد التوعوية والمعلومات اللازمة للمساعدة في الحد من انتشار جائحة كورونا المستجد وبالتالي استثمار الوقت والجهد للوصول الى أكبر شريحة ممكنة ونظرا لأهمية التكنولوجيا في مواكبة الأحداث فقد دأبت على استثمار هذه المنصات بتزويدها للمواد التوعوية إلكترونيا ونشرها ووضع المستجدات والمتغيرات حول الوباء وتحديث المعلومات باستمرار.
كما عملت على الاستفادة من لجان التنمية وممثلي الأسر في كافة مواقع المبادرات المجتمعية من مدن وقرى صحية والبالغ عددها قرابة أربعون موقعا موزعة على محافظات السلطنة لمجابهة انتشار فيروس كورونا كوفيد ١٩والمخاطر الناجمة عن الاصابة بهفقامت الأقسام في مختلف المحافظات على تحديد الفئة المستهدفة وتدريبهم على مهام محددة ورفدهم بالمواد التدريبية والنشرات التوعويوية وتحديد وسائل تنفيذ عملهم ومتابعتهم باستمرار.
تقوم دائرة المبادرات الصحية المجتمعية حاليا بإعداد قوائم تتضمن أسماء وعنواين المتقاعدين من ذوي المهن الصحية بهدف إستقطابهم للعمل كمتطوعيين إن لزم الأمر و الإستفادة من خبراتهم في الحد من تبعات انتشار فيروس كورونا( كوفيد ١٩) .
تعتبر المبادرات المجتمعية الصحية بكل أشكالها التي يجري تنفيذها في السلطنة الأداة العلمية في وصولنا إلى عمق المجتمع المحلي واليد الطولى لبرامج الرعاية الصحية الأولية بما يجعلها تحقق أهدافها المنشودة داعين الجميع بأن يكونوا حصناً لعمان بوعيهم والتزامهم بالتقيد بإجراءات السلامة والوقاية، سائلين المولى القدير أن يحفظنا من هذا الوباء.