كتاب عن الكتابة والجندر في الثقافة العربية ( النشرة الثقافية )
عمّان، في 5 أكتوبر/ العمانية / يمثل كتاب “تاريخ النساء الذي لم يُكتب بعد” دراسة
علمية وأكاديمية حول تاريخ المرأة والكتابة في الثقافة العربية من منظور جندري يعالج
أسباب إبعاد النساء عن الكتابة وتأخرهن في الخوض فيها حتى أواخر القرن التاسع عشر
رغم شيوع التأليف منذ القرن السابع للميلاد، وكذا أسباب تجاهل المرأة في صياغة
التاريخ المكتوب رغم مشاركتها في صناعته، خاصة أن الرجال اهتموا كثيرا بالكتابة عن
المرأة لكنهم قدموها بشكل يختزل وظيفتها في الدور الجنسي والاجتماعي.
وبحسب مؤلفة الكتاب الباحثة والروائية الجزائرية فيروز رشام، فإن النصوص التي
كتبتها نساء تم إهمالها رغم ذكر أسماء عشرات الكاتبات والعالمات والفقيهات في كتب
المعاجم والتراجم والسير القديمة، كما أن الذين تولوا كتابة التاريخ لم يذكروا النساء إلا
في سياقات هامشية فبدا كأنهن لم يحققن شيئا مهمًا عبر الزمن وهو ما يمثل “مغالطة
كبيرة” وفقًا لتعبير المؤلفة، لأنه لا يمكن الادعاء بأن النساء لم يساهمن في بناء حضارات
أوطانهن مهما كانت طبيعتها ودرجة تقدمها. وبذلك، “يكون التحيز الذكوري قد امتد من
دائرة الأسرة والمجتمع إلى صياغة التاريخ”.
وتقول المؤلفة في كتابها الصادر عن دار فضاءات للنشر والتوزيع، إن الإسهاب الذي
حدث في الكتابة عن المرأة في الثقافة العربية كرّس الممارسات والاعتقادات الذكورية
التي تعاني منها النساء في أرض الواقع عبر تشويه حقيقتهن والتكلم باسمهن ونيابة عنهن
من دون وجود معرفة حقيقية بهن.
وتضيف أن الكتابات المتراكمة تكشف الجهل بطبيعة النساء من النواحي الجسدية النفسية
والعقلية، الأمر الذي تسبّب في تعميق الفجوة بين الجنسين وتعقيد العلاقات بينهما،
فانعكس ذلك سلبًا على صيرورة الحضارة واتزان المجتمع.
ويعالج الكتاب هذه المعطيات من خلال تتبع حركة الكتابة باللغة العربية في مختلف
المجالات، خاصة في الأدب والفقه، مع المقارنة بين كتابات الرجال وكتابات النساء رغم
قلّة نصوصهن وحداثتها.
وتطرح الباحثة تساؤلات تستدعي التفكر؛ فلو أن النساء شاركن في الكتابة والتأليف
منذ بداية التدوين وساهمن في إنتاج المعرفة لكان شكل الثقافة والمجتمع مختلفًا، لكن
الحقيقة التاريخية المفجعة أن تاريخ الكتابة يمتد لأربعة عشر قرنًا، في حين أن دخول
النساء إليه ككاتبات ومؤلِّفات يعود لحوالي قرن ونصف القرن فقط وإن كانت استثناءات
نادرة قبل ذلك.
ودعّمت المؤلفة دراستها بمصادر أصيلة ومتنوعة ما بين كتب تراثية ودراسات
أنثروبولوجية ولغوية وجندرية.
/العمانية /174