(1) جاري أسوء حالا مني فسارع إليه.
الحديث جذاب عند عرضنا لملاحم الحياة اليومية والتي تطالعنا بها مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، والحديث يكون أكثر شوقا عند التواصل المباشر مع الآخرين من المقربين والأعزاء وربما مع الذين لا تربطك بهم إلا معرفة سطحية عابرة.
واليوم يكون الحديث مختلف تماما حيث الوقائع والأحداث تسطر بسرعة هائلة حكايات وروايات لا يمكن تصديقها في معظم الأحيان نظرا لهول ما تظهره، خاصة عند الحديث عن حدث عمان الحالي –إعصار شاهين- نعم هذا الضيف الغير مرغوب فيه والمنبوذ ظاهريا من الجميع إن جاز لنا التعبير، ولكن ربما فيه من الخير لعمان جميعها ونحن لا ندرك خفايا الغيب وتصريف المولى في الكون، وعلينا أن نقتدي بما ورد في حديث سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم حيث يقول” عجبا لأمر المؤمن كله له خير”.
وفي هكذا أحداث تتبين حقيقة الانسان وسريرته النقية الطاهرة، وحديثنا اليوم هنا ليس عن ملحمة التظافر والتلاحم والتعاون فلربما سبقنا أحد في ذلك وخاصة النقل السريع لذلك الحدث، وأعني هنا ما يؤكد مسيرة التلاحم بين الأخوة في رحاب هذا البلد العريق- عمان- وسكانها في مثل هذه الظروف الحالكة.
فمن خلال تواصلنا المتواضع مع قلة من الناس للتضامن والسؤال عن الحدث والأحداث التي عصفت بالمناطق المنكوبة خاصة في بعض مناطق شمال وجنوب الباطنة، لا يجيبك الإنسان العماني العزيز المتعالي بأخلاقه وقيمه التي تشربها قولا وعملا إلا بقوله: ” الحمد لله” قدر الله وما شاء فعل، وقوله أنا أحسن حالا -من جاري وأهل الحارة- في المصاب آلم بنا، ويتحدث بكل رضى وإيمان بما قدره الله.
أي مدرسة هذه التي تعلم وتخرج منها هذا المواطن البسيط، وهو في أصعب الأزمات يرشدك إلى الأمل والتفاؤول ويدلك على أن هناك من هو أحوج مني وأضعف مني في ظل الظروف الحالية، ولسان حاله يقول لا تلتفت إلي أبدا فأنظر إلى غيري من جار وأخ وسارع في الخير له.
هكذا هي الإنسانية وهكذا الانسان العماني يسمو بأخلاقه في أسوء الظروف والأوضاع عندما تجده يخاطبك بكل هدوء ويقين بكلمات يرددها ” أنا الحمد لله شويه أحسن من غيري” ، ” الأضرار كثيرة معنا، لكن هناك، أماكن أكثر تضررا”، ” 95% من ممتلكاتنا راحت لكن بعدنا أحسن من غيرنا” ،” شيء أماكن يرثى لحالها”.
فأين تجد مواطن يتحلى بالصبر والايجابية رغم محنته وعلى الرغم من فقدان أعز ما يملك، لا يزال قلبه وروحه متعلقة بجاره وأهل حارته وما جاورهما.
عزيز بن خليفه الرحبي