القاهرة في 18 أكتوبر /العمانية/ تقوم نصوص ديوان “ليس إثمًا” للشاعر طارق الطيب، على فكرة عميقة الجذور في التراث الإنساني، ترتبط بفكرة الإثم والبراءة، غير أن ما يلفت النظر هو ملمح الاغتراب المكاني، ثم الحضاري، وهي حالة تعكس أزمة تاريخية بين ثقافة المنتصر وثقافة المهزوم. ففي ملمح الاغتراب، يتماس الشاعر في ديوانه الصادر ضمن سلسلة “كتاب ميريت الثقافية”، بالاشتراك مع دار الأدهم للنشر، مع عدد من الشعراء العرب الذين يقيمون في أوروبا على نحو خاص، كما مع الملونين في أوروبا والولايات المتحدة، ونجد النموذج البارز له عند أحد كبار المحرضين على ثورة هارلم، الشاعر الأمريكي من أصول أفريقية “لانجستون هيوز”، الذي يقول في إحدى أشهر قصائده: “يرسلونني لآكل في المطبخ حين تأتي الرفقة”! وتبدو فكرة الحنين للأصول في قصائد الطيب تعبيرًا عن العلاقة الطردية بين ثقافتي الأصول والفروع. إذ يَصدُر تناوله لتلك المعضلة الحضارية من مبعث أخلاقي بالمعنى الجمالي، ولعل إشارته لعدم رغبته في التنازل عن نخلته هو أبلغ صور المقاومة، فالنخلة جزء من التراث العربي الأصيل، وتتجلى معانيها ودلالاتها في الصورة المريمية التي تأتنس بالنخلة وتأكل من رطبها. وتتناول القصائد تلك الصورة المؤلمة التي تعبّر عن صورة غائرة لزمن الكولونيالية، وسيادة ثقافة المنتصر، ما أنتج في النهاية ثقافة تمييزية لا تليق بمراكز حضارية تدعي قيادة العالم إلى مزيد من العدل والاستنارة.
يُذكر أن هذه الطبعة هي الثانية للديوان، إذ صدرت طبعته الأولى عام 2011. /العمانية/